الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأُنْزِلَتْ في بَيْتٍ في نَخْلٍ في بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"هَبِي نفسَكِ لِي". قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ:"قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ"، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ:"يَا أَبَا أُسَيْدٍ! اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا".
(يقال له: الشَّوْط): -بشين معجمة وطاء مهملة-: حائط بالمدينة.
(لسوقة (1)(2)): -بضم السين-؛ أي: لواحدٍ من الرعية، لم تعرف النبيَّ صلى الله عليه وسلم (3).
(قد عُذْتِ بمَعاذ): -بفتح الميم-؛ أي: بالذي يُستعاذ به.
(رازقيِّين): تثنية رازقيٍّ، وهو ثوبُ كَتَّان أبيضُ.
* * *
باب: مَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ: نِيَّتُهُ.
وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْم: إِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلَاقِ وَالْفِرَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ؛ لأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِطَعَامِ الْحِلِّ: حَرَامٌ، وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ. وَقَالَ: في الطَّلَاقِ ثَلَاثًا: لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
(1) في "ع" و"ج": "كسوقة".
(2)
كذا في رواية أبي ذر الهروي، وفي اليونينية:"للسوقة"، وهي المعتمدة في النص.
(3)
انظر: "التنقيح"(3/ 1062).
(إذا طلق ثلاثًا، فقد حَرُمَتْ عليه، فسمَّوه حرامًا): يعني: فإذا كانت الثلاث تحريمًا، كان التحريم ثلاثًا، وهذا غير ظاهر؛ لجواز أن يكون بينهما عموم وخصوص؛ كالحيوان والإنسان.
وحاول ابن المنير الجواب عن البخاري: بأن الشرع عبر عن الغاية القصوى بالتحريم، وإنما يُشَبَّه الشيءُ بما هو أوضحُ منه، فدل ذلك على أن الذين كانوا لا يعلمون أن الثلاث محرِّمَة، ولا أنها الغاية، يعلمون أن التحريم هو الغاية، ولهذا بيَّن لهم أن الثلاثَ تُحَرِّمُ، فالمستدلُّ به في الحقيقة إنما هو الإطلاقُ مع السياق، وما من شأن العرب أن تعبر بالخاص عن العام.
ولو قال القائل لإنسانٍ بين يديه يُعَرِّفُ بشأنه، ويُنبه على قدره: هذا حيوان؛ لكان متهكِّمًا مستخِفًّا.
فإذا عبر الشرع عن الثلاث بأنها محرِّمَة، فلا يُحمل على التعبير عن الخاص بالعام؛ لئلا يكون ركيكًا، والشرعُ منزَّهٌ عن ذلك، فإذن هما سواء، لا عموم بينهما، ويدلُّ هذا (1) على أن التحريم كان أشهرَ عندهم بالغِلَظ والشدة من الثلاث، ولهذا فسره لهم به (2).
قال: وهذا من لطيف الكلام، وأما كونُ التحريم قد (3) يقصر عن الثلاث، فذلك تحريم مقيَّدٌ، وأما المطلَق منه، فللثلاث، وفرقٌ بين ما يفهم (4) لدى الإطلاق، وبين ما يُفهم إلا بقيد. انتهى.
(1) في "ع": "على هذا".
(2)
"به" ليست في "ع".
(3)
"قد" ليست في "ج".
(4)
"ما يفهم" ليست في "ج".
قلت: قوله: "وما من شأن العرب أن تعبر عن العام بالخاص (1) " مشكلٌ، اللهم إلا أن يريد: في بعض المقامات الخاصة، فيمكن، وسياقُ كلامه يُفهم ذلك عند التأمل.
* * *
2483 -
(5265) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ ابْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: طَلَّقَ رَجُلٌ أَمْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ، فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إِلَى شَيْءٍ تُرِيدُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَّقَهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَإِنِّي تَزَوَّجْتُ زَوْجًا غَيرَهُ، فَدَخَلَ بِي، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا مِثلُ الْهُدْبَةِ، فَلَمْ يَقْرَبني إِلَّا هَنَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَصِلْ مِنِّي إِلَى شَيْءٍ، فَأَحِلُّ لِزَوْجِي الأَوَّلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَحِلِّينَ لِزَوْجِكِ الأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ".
(فلم يقربني إلا هنَةً واحدةً): قال الهروي: هي (2) بتخفيف النون وتشديدها، يكنى بها عن الشيء لا تذكره باسمه.
وقال السفاقسي: أي: لم يطأها [إلا مرة (3)، يقال: هَنِيَ: إذا غَشِي امرأته (4).
(1) في "ج": "عن الخاص بالعام".
(2)
"هي" ليست في "ع".
(3)
"مرة" ليست في "ج".
(4)
انظر: "التنقيح"(3/ 1063).