الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أَصَبْتُ حَدّاً، فَأَقِمْ فِيَّ كتَابَ اللهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ "، قالَ: نَعَمْ، قَالَ:"فَإِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ"، أَوْ قَالَ:"حَدَّكَ".
(فقال: يا رسول الله! إنِّي أصبتُ حَدّاً، فأَقِمْهُ عَلَيَّ، ولم يسأله عنه): فيه دليلٌ على أنه إذا لم يصرّحْ بما يوجبُ الحدَّ، وكَنَّى: أنه لا يَستفسر، بل يُعرض عنه، ويَستر عليه، أو يقول له كما قال في الخبر الآخر:"لَعَلَّكَ لَمَسْتَ"؛ إذ الحدود تُدْرَأُ ما وُجد السبيلُ إلى ذلك، وهذا الرَّجل لم يُفصح بما يوجب الحدّ، ولعلّه أتى صغيرة، فظن أما توجبُ الحدَّ، فلم يَكْشِفْه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وتوسَّمَ من تَعَرُّضه لإقامة الحد توبَتَه، وفي قوله عليه السلام:"أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ؟ " معناه: ما يضاهي قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، واسمُ هذا الرَّجل: أبو اليَسَرِ، كَعْبُ بنُ عَمْرٍو، وقيل: نبَهانُ التمَّارُ، وقد تقدم.
* * *
باب: سُؤَالِ الإمَامِ المُقِرَّ: هَلْ أَحْصَنْتَ
؟
2888 -
(6825) - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهْوَ فِي الْمَسْجدِ، فَنَادَاهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي زَنَيْتُ، يُرِيدُ: نَفْسَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ! إنِّي زنيتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ
شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَبِكَ جُنُونٌ؟ "، قالَ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ:"أَحْصَنْتَ؟ "، قالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:"اذْهَبُوا فَارْجُمُوهُ".
(فلما شهدَ على نفسه أربعَ شهادات): الرجلُ المُقِرُّ على نفسه بالزنا في هذا الحديث هو (1) ماعِزٌ، المصرَّحُ باسمه في الباب الذي قبلَه.
وقد ذهب الحنفية إلى أنَّ تكرارَ الإقرار بالزنا أربعاً شرطٌ لوجوب إقامةِ الحدِّ، ورأوا أن (2) النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إنما أَخَّرَ إقامةَ الحدَّ إلى تمامِ الأربع؛ لأنه لم يجبْ قبلَ ذلك، وقالوا: لو وجبَ الإقرار مرة، لما أَخَّرَ الرسول صلى الله عليه وسلم الواجبَ.
وفي قول الراوي: فلما شهدَ على نفسِه أربعَ شهادات، دعاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى آخره؛ إشعار بأن الشهادة أربعاً هي العلةُ في الحكم.
ومذهب مالك، والشافعي، ومن تبعهما: أن الإقرار مرةً موجبٌ للحد؛ قياساً على سائر الحقوق، فكأنهم لم يروا أن تأخير الحدِّ إلى تمام الإقرار أربعاً كما (3) ذكره الحنفية، وكأنه من باب الاستثبات والتحقيق لوجود (4) السبب؛ لأن مبنى (5) الحدِّ على الاحتياط في تركِه ودرئِه (6) الشُّبُهات (7).
(1) في "ع" و"ج": "هي".
(2)
في "ع" و"ج": "إقامة الحدود وإن".
(3)
في "م": "لما".
(4)
في "ع" و"ج": "لوجوب".
(5)
في "ع" و"ج": "لأن منه".
(6)
في "ع" و"ج": "ورد به".
(7)
انظر: "شرح عمدة الأحكام"(4/ 117).