الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما جمعُ إدامَيْن في إدام، فقد تحرَّجَ منه عمرُ رضي الله عنه، رُوي: أنه كان كثيراً ما يسأل حذيفةَ: هل عَدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين؟ فيقول: لا، فيقول: هل رأيتَ فِيَّ (1) شيئاً في خِلالِ النفاق؟ فيقول: لا، ثم سأله عن ذلك مرة، فقال: لا، إلا واحدة، فقال: وما هي؟ قال: رأيتُك (2) جمعتَ بين إدامَيْنِ على مائدةٍ: ملحٍ، وزيتٍ، وكنا نعدُّ هذا نفاقاً، فقال عمر: لله عليَّ أن لا أجمعَ بينهما.
فكان لا يأكل إلا بزيتٍ خاصَّةً، أو بملح خاصةً، فهذا - والله أعلم - إنما هو لطلب المعالي من الزُّهد والتقلُّل، وإلا، فلا خلاف بين العلماء أن الجمعَ بينهما مباحٌ بشرطه.
* * *
باب: شُرْبِ اللَّبَنِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تعالَى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66]
(باب: شرب (3) اللبن، وقول الله عز وجل:(يَخرُجُ مِن بَينِ فَرثٍ وَدَمٍ)): ليس في التلاوة: يخرج، وإنما هيْ:{نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل: 66].
2577 -
(5605) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
(1)"فيَّ" ليست في "ج".
(2)
في "ع": "رأيت".
(3)
"شرب" ليست في "ع" و"ج".
أَبِي صَالِحٍ وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ أبو حُمَيْدٍ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَاّ خَمَّرْتَهُ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُوداً".
(جاء أبو حميد بقدح من لبن من النقيع): النقيع هنا بنون، وهو موضعٌ معروفٌ بقرب المدينة تُعمل فيه الآنية، كان يستنقع فيه الماء؛ أي: يجتمعُ.
ورواية الشيخ أبي الحسن فيه بالباء الموحدة، وهو بقيعُ الغرقد مقبرةُ المدينة، قال الزركشي: وهذا تصحيف (1).
قلت (2): لا أدري وجهَ التصحيف ما هو؛ إذ المعنى صحيحٌ على كلتا الراويتين، فتأمل ذلك.
(ولو أن تَعْرُض عليه عوداً): بفتح المثناة الفوقية من "تَعْرُضَ"، وضم رائها، كذا رواية الجمهور.
ورواه أبو عبيد بكسرها، ومعناه نصبُ العودِ على الإناء عَرْضاً (3).
* * *
2578 -
(5610) - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رُفِعْتُ إِلَى السَّدرَةِ، فَإِذَا
(1) انظر: "التنقيح"(3/ 1114).
(2)
"قلت" ليست في "ج".
(3)
انظر: "غريب الحديث"(1/ 97). وانظر: "التنقيح"(3/ 1114).
أرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالْفُراتُ، وَأَمَّا البَاطِنَانِ: فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، فَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ: قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ، فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ".
(وأُتيت بثلاثة أقداح: قدحٌ فيه لبن، وقدح فيه عسل، وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبنُ): قال ابن المنير: الأشهرُ في الحديث أنه أُتي بإناءين: لبنٍ، وخمرٍ، وهذا أيضاً صحيح، ولكن لم يذكر السرَّ في عُدولِه عن العسل، وذكرَ السرَّ في (1) عُدولِه عن الخمر، فظاهرُ الحال أن السرَّ في (2) ذلك تفضيلُ اللبن على العسل؛ لأنه الأيسرُ (3) والأنفعُ، ومنه نَشَزَ العَظْمُ، ونَبَتَ اللحمُ، وهو بمجرده (4) قوتٌ، وليس هو أيضاً من الطيبات التي تدخل في السَّرَفِ بوجهٍ، وهو أقربُ إلى الزُّهد، فكأنه عليه الصلاة والسلام مع تركِه للخمر التي حُرِّمَتْ، تركَ العسلَ الذي هو حلالٌ؛ لأنه من اللذائذ التي يُخشى على صاحبها أن يندرجَ في قوله تعالى:{أذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20]، ولهذا رفع عمر رضي الله عنه شربةَ عسلٍ إلى فيه، ثم رَدَّها، وتلا الآية، وأما اللبنُ، فلا شُبهة فيه، ولا مُنافاةَ بينه وبين الوَرَعِ بوجهٍ.
(1)"في" ليست في "ع".
(2)
"في" ليست في "ج".
(3)
في "ع": "لأنه أيسر".
(4)
في "ج": "بمجرد".