الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب في الرحمة
2565 -
أخبرنا أبو خليفة، حدثنا محمد بن كثير، أزبانا شعبة، قال: كتب إِليّ منصور، وقرأته عليه فقلت له: أقول: حَدِّثْنِي؟. فقال: أليس إذا قرأته عليَّ فقد حَدَّثْتُكَ بِهِ؟. قال: سمعت أبا عثمان يحدث.
عَنْ أبى هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أبا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ: "إِنَّ الرَّحْمَةَ لا تُنْزَعُ إِلا مِنْ شَقِيٍّ"(1).
= طريق أبي بشر بكر بن خلف، ومحمد بن بشار، وأخرجه الطبراني في الكبير 17/ 267 برقم (734)، والحاكم 4/ 464 من طريق مسدد، جميعهم حدثنا يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقد تحرف "أبي مسعود" إلى "ابن مسعود" عند البخاري.
وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" ص (217) من طريق عمر بن المختار قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن عبد الحميد بن جعفر، به.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/ 19: "هذا إسناد صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وقد سقط من المستدرك "حدثني أبي" قبل "عن حكيم بن أفلح". وانظر "جامع الأصول" 6/ 530.
وفي الباب عن علي برقم (435، 509). وعن أبى هريرة برقم (6504، 5934) كلاهما في مسند أبي يعلى الموصلي.
(1)
إسناده جيد، أبو عثمان فصلنا القول فيه عند الحديث (6141) في مسند الموصلي.
ومنصور هو ابن المعتمر. والحديث صحيح ابن حبان برقنم (462).
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" 13/ 37 - 38 برقم (3450) من طريق مسلم ابن إبراهيم، وأخرجه أبو يعلى 10/ 526 برقم (6141) من طريق محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، وعبد الرحمن، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جميعهم عن شعبة، بهذا الإِسناد.
وأخرجه ابن حبان برقم (466) من طريق ابن قحطبة، حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب 2/ 6 برقم (772) من طريق
…
جرير، كلاهما عن منصور، بهذا الإِسناد. وطريق ابن حبان هذه لم يوردها الهيثمي في موارده، وانظر جامع الأصول 4/ 516، ومسند الموصلي لتمام التخريج.
وقوله "لا تنزع
…
" قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" 5/ 415: "النون، والزاي، والعين أصل صحيح يدل على قلع شيء
…
" من مكانه. وهذا يدل على أن الرحمة جزء أصيل في بناء الإنسان لا يقلع من مكانه إلا بعناء ومعاناة.
فإذا نزع من مكانه، شقي الإِنسان بذاته، شقي بآلام النزع، شقي لأنه أصبح كالعضو إذا بتر من الجسد الذي يغذيه ويحميه.
وبالرحمة يسعد بذاته، لأنه إن رحم، رُحِمَ، فلا يخاف العجز، ولا يخشى الانقطاع، ولا يحسب للفقر حساباً، لأنه قدم ما عليه لأبناء مجتمعه أثناء قوته وغناه، وعلى المجتمع أن يرد له دينه عند ضعفه وفقره وانقطاعه، ولذا فإنه لا يخاف ما يخافه غيره في المجتمعات التي لا يربط بين أفرادها إلا المصلحة، أو المنفعة، فإذا انقضت هذه أو تلك، أصبح الأخلاء أعداء، والمتآخون غرباء، وبذلك يشقى المجتمع لأنه كالجسد، والجسد إذا بتر منه عضو أصبح ناقصاً ضعيفاً، لأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً". وإذا غير هذا انقطعت الروابط، وذهبت الريح، وساد الفشل في كل ميدان، فيضعف القوي، ويذل العزيز.
وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 8/ 107 - 109: "حقيقة الرحمة إرادة المنفعة في حق الخالق والمخلوق لا يختلف ذلك فيها، وإذا ذهبت إرادة المنفعة من قلب المرء فقد شقي بإرادة المكروه لغيره، وذهب عنه الإيمان والإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمن جاره بوائقه) وكما يلزم أن يسلم من لسانه ويده، فكذلك يلزم أن يسلم من قلبه وعقائده المكروهة فيه، فإن اليد واللسان خادمان للقلب، ومن رحم رُحِمَ، ومن قسى، قسي عليه
…
ومن تمام الرحمة إيثار الصبيان بذلك لضعفهم، وتوقير الكبير لضعفه
…
".
وانظر فيض القدير 6/ 422.