المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب (144/ 1) فيما فرغ منه - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان - ت حسين أسد - جـ ٦

[نور الدين الهيثمي]

فهرس الكتاب

- ‌2 - باب تعاهد القرآن

- ‌3 - باب فيمن يقرأ القرآن

- ‌4 - باب القراءة بالجهر والإِسرار

- ‌5 - باب اتباع القرآن

- ‌29 - كتاب التعبير

- ‌1 - باب الرؤيا ثلاثة أصناف

- ‌2 - باب رؤيا المؤمن

- ‌3 - باب في رؤيا الأسحار

- ‌4 - باب فيمارآه النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - باب في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌6 - باب رؤيا الصادق

- ‌30 - كتاب القدر

- ‌1 - باب في أخذ الميثاق وما سبق في العباد

- ‌2 - باب (144/ 1) فيما فرغ منه

- ‌3 - باب

- ‌4 - باب في قضاء الله سبحانه للمؤمن

- ‌5 - باب فيمن كانت وفاته بأرض

- ‌6 - باب فيما لم يقدر

- ‌7 - باب ما قضى الله سبحانه على عباده فهو العدل

- ‌8 - باب الأعمال بالخواتيم

- ‌9 - باب النهي عن الكلام في القدر والولدان

- ‌10 - باب في ذراري المؤمنين

- ‌11 - باب فيمن لم تبلغهم الدعوة وغيره

- ‌31 - كتاب الفتن

- ‌1 - باب فيمن يجعل بأسهم بينهم، نعوذ بالله من ذلك

- ‌2 - باب في وقعة الجمل

- ‌3 - باب في ذهاب الصالحين

- ‌4 - باب في افتراق (146/ 1) الأمم

- ‌5 - باب تحريش الشيطان بين المصلين

- ‌6 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌7 - باب أنهلك وفينا الصالحون

- ‌8 - باب انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً

- ‌9 - باب فيمن ينهى عن منكر ويفعل أنكر منه

- ‌10 - باب فيمن بقي في حثالة كيف يفعل

- ‌11 - باب لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة

- ‌12 - باب لا يتعاطى السيف وهو مسلول

- ‌13 - باب فيمن أشار إلى مسلم بحديدة

- ‌14 - باب النهي عن الرمي بالليل

- ‌15 - باب النهي عن قتال المسلمين

- ‌16 - باب كيف يفعل في الفتن

- ‌17 - باب علامة الفتن

- ‌18 - باب فيما يكون من الفتن

- ‌19 - باب قتال الترك

- ‌20 - باب ما جاء في الملاحم

- ‌21 - باب ما جاء في المهدي

- ‌22 - باب في أمارات الساعة

- ‌23 - باب في المسخ وغيره

- ‌24 - باب في خروج النار

- ‌25 - باب ما جاء في الكذابين والدجال

- ‌26 - باب في يأجوج ومأجوج

- ‌27 - باب قبض روح كل مؤمن، ورفع القرآن

- ‌28 - باب لا تقوم الساعة على أحد يقول لا إله إلا الله

- ‌32 - كتاب الأدب

- ‌1 - باب في الأكابر وتوقيرهم

- ‌2 - باب ما جاء في الرفق

- ‌3 - باب ماجاء في حسن الخلق

- ‌4 - باب ما جاء في الحياء

- ‌5 - باب ما جاء في السلام

- ‌6 - باب السلام في الكتاب

- ‌7 - باب الرد على أهل الذمة

- ‌8 - باب التواضع

- ‌9 - باب الفخر بأهل الجاهلية

- ‌10 - باب ما جاء في الأسماء

- ‌11 - باب ما جاء في العطاس

- ‌12 - باب الصلاة على غير النبي-صلى الله عليه وسلم

- ‌13 - باب الجلوس على الطريق

- ‌14 - باب الجلوس

- ‌15 - باب ما نهى عنه من الجلوس

- ‌16 - باب فيمن قام من مجلسه ثم رجع إليه

- ‌17 - باب التحول إلى الظل

- ‌18 - باب الاضطجاع

- ‌19 - باب الاستلقاء

- ‌20 - باب ما جاء في المباشرة

- ‌21 - باب ما جاء في المخنثين

- ‌22 - باب الاستئذان

- ‌23 - باب دخول الأَعمى

- ‌24 - باب مشي النساء في الطريق

- ‌25 - باب ما جاء في الوحدة

- ‌26 - باب ما جاء في الغضب

- ‌27 - باب ما جاء في الفحش

- ‌28 - باب في المستبين

- ‌29 - باب في ذي الوجهين

- ‌30 - باب في الشحناء

- ‌31 - باب ما جاء في الهجران

- ‌32 - باب الإِصلاح بين الناس

- ‌33 - باب النهي عن سب الأموات

- ‌34 - باب النهي عن سب الريح

- ‌35 - باب النهي عن سب الديك

- ‌36 - باب المستشار مؤتمن

- ‌37 - باب الأخذ باليمين

- ‌38 - باب الابتداء بالحمد في الأمور

- ‌39 - باب فيمن لم يتشهد في الخطبة

- ‌40 - باب الخروج إلى البادية

- ‌41 - باب ما يفعل في الليل، وما يقول إذا سمع نهاق الحمير ونباح الكلاب

- ‌42 - باب إطفاء النار

- ‌43 - باب لا يقال ما شاء الله وشاء فلان

- ‌44 - باب حلب المواشي

- ‌45 - باب ما يقول إذا ركب

- ‌46 - باب صاحب الدابة أحق بصدرها

- ‌47 - باب النهي عن اتخاذ الدواب كراسي

- ‌48 - باب وسم الدواب

- ‌49 - باب اللعب بالحمام

- ‌50 - باب ما جاء في الجن

- ‌51 - باب ما جاء في المداحين

- ‌52 - باب ما جاء في البيان

- ‌53 - باب اللعب

- ‌54 - باب ما جاء في الزمارة (159/ 1)

- ‌55 - باب ما جاء في الشعراء

- ‌56 - باب ما جاء في الدف

- ‌57 - باب الغناء واللعب في العرس

- ‌58 - باب إن من الشعر حكماً

- ‌59 - باب في هجاء أهل الشرك

- ‌33 - كتاب البر والصلة

- ‌1 - باب بر الوالدين

- ‌2 - باب في العقوق

- ‌3 - باب صلة الرحم وقطعها

- ‌4 - باب ما جاء في الأولاد

- ‌5 - باب التسوية بين الأولاد

- ‌6 - باب ما جاء في المساكين والأرامل

- ‌7 - باب ما جاء في الأيتام

- ‌8 - باب ما جاء في الأصحاب والجيران

- ‌9 - باب في أدى الجار

- ‌10 - باب شهادة الجيران

- ‌11 - باب ما جاء في الحلف

- ‌12 - باب حق المسلم على المسلم

- ‌13 - باب في الرحمة

- ‌14 - باب الضيافة

- ‌15 - باب فيمن يُرْجى خيره

- ‌16 - باب قضاء الحوائج

- ‌17 - باب شكر المعروف

- ‌18 - باب مداراة الناس صدقة

- ‌19 - باب لا حليم إلا ذو عثرة

- ‌34 - كتاب علامات النبوة

- ‌1 - باب في عدد الأنبياء والمرسلين وما نزل من الكتب

- ‌2 - باب ذكر أبينا آدم صلى الله على نبينا وعليه

- ‌3 - باب ما جاء في موسى الكليم صلى الله على نبينا وعليه وسلم

- ‌4 - باب ما جاء في زكريا صلى الله على نبينا وعليه وسلم

- ‌5 - باب ما جاء في داود والمسيح صلى الله على نبينا وعليهما وسلم

- ‌6 - باب مما جاء في نبي الله أيوب صلى الله على نبينا وعليه وسلم

- ‌7 - باب ما جاء في الخضر عليه السلام

- ‌35 - كتاب علامات نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - باب في أول أمره

- ‌2 - باب في أسمائه

- ‌3 - باب في خاتم النبوة

- ‌4 - باب مشي الملائكة خلف ظهره

- ‌5 - باب في عصمته

- ‌6 - باب فيما كان عند أهل الكتاب من علامات نبوته

الفصل: ‌2 - باب (144/ 1) فيما فرغ منه

‌2 - باب (144/ 1) فيما فرغ منه

1807 -

أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا أَنس بن عياض، حدثنا الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب. أنَّهُ سَمعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رسول الله، نَعْمَلُ فِي شَيْءٍ نَأْتَنِفُهُ، أمْ فِي شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ؟ .. قَالَ:"فِي شيْءٍ قَدَ فُرِغَ مِنْهُ". قَالَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟.

= الموصلي. والحديث في صحيح ابن حبان 2/ 42 برقم (338) بتحقيقنا.

وأخرجه الحاكم 1/ 31 من طريق

الربيع بن سليم، حدثنا عبد الله بن وهب، بهذا الإِسناد.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح ...... "، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أحمد 4/ 186 من طريق الحسن بن سوار، حدثنا ليث بن سعد، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 1/9 من طريق حماد بن خالد الخياط، كلاهما عن معاوية بن صالح، به.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 186 باب: فيما سبق من الله تعالى في عباده، وقال:"رواه أحمد ورجاله ثقات".

وفي الباب عن ابن عمر في "معجم شيوخ أبي يعلى" برقم (100) بتحقيقنا.

وهناك ذكرنا شواهد له. وانظر أحاديث الباب.

وقال شيخ الإِسلام في الفتاوى 8/ 76: "والعبد له في المقدور حالان: حال قبل القدر، وحال بعده، فعليه قبل المقدور أن يستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه، فإذا قدر المقدور بغير فعله، فعليه أن يصبر عليه أو يرضى به، وإن كان بفعله وهو نعمة حمد الله على ذلك، وإن كان ذنباً استغفر الله من ذلك.

وله في المأمور حالان: حال قبل الفعل، وهو العزم على الامتثال والاستعانة بالله على ذلك. وحال بعد الفعل وهو الاستغفارمن التقصير وشكر الله على ما أنعم به من الخير

". وانظر شفاء العليل ص (36 - 37). وتعليقنا على الأحاديث التالية.

ص: 42

قَالَ: "يَا عُمَرُ لا يُدْرَكُ ذَاكَ إِلَاّ بِالْعَمَلِ". قَالَ: إِذاً نَجْتَهِدُ يَا رَسُولَ الله (1).

(1) إسناده حسن من أجل هشام بن عمار، وأخرجه البزار 3/ 18 - 19 برقم (2137) من طريق صدقة بن الفضل العمي، حدثنا أبو ضمرة أَنس بن عياض، بهذا الإِسناد. وفيه جواب سؤال عمر "ففيم العمل؟ " قال:"كل ميسر لما خلق له".

وقال البزار: "رواه غير واحد عن الزهري، عن سعيد، أن عمر قال:

لا نعلم أحداً يسنده عن أبي هريرة إلا أَنس.

ورواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن عمر

".

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 194 - 195 باب: كل ميسر لما خلق له، وقال:"رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". وانظر أحاديث الباب، وحديث علي برقم (375)، وحديث ابن عمر برقم (5463، 5571) وكلاهما في مسد الموصلي.

وقوله: نأتنف، قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" 1/ 146: "الهمزة، والنون، والفاء، أصلان منهما يتفرع مسائل الباب كلها. أحدهما: أخذ الشيء من أوله، والثاني: أنف كل ذي أنف، وقياسه التحديد.

فأما الأصل الأول، فقال الخليل: استأنفت كذا، أي: رجعت إلى أوله، وائتنفت ائتنافاً، ومؤتنف الأمر: ما يبتدأ فيه. ومن هذا الباب قولهم: فعل كذا آنفاً، كأنه ابتداؤه. وقال تعالى:(ماذا قال آنفاً).

والأصل الثاني معروف ...... ".

وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 318 - 319 تعليقاً على حديث عليّ: "فهذا الحديث إذا تأملته أصبت منه الشفاء فيما يتخالجك من أمر القدر، وذلك أن السائل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-والقائل له:(أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل) لم يترك شيئاً مما يدخل في أبواب المطالبات والأسئلة الواقعة في باب التجويز والتعديل الله وقد طالب به وسأل عنه، فأعلمه رسول الله-صلى الله عليه وسلم أن القياس في هذا الباب متروك، والمطالبة عليه ساقطة، وأنه أمر لا يشبه الأمور المعلومة التي قد عقلت معانيها، وجرت معاملات البشر فيما بينهم عليها، وأخبر أنه أمرهم بالعمل ليكون أمارة في الحال =

ص: 43

1808 -

أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير. عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله، أنَعْمَلُ لأمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، أمْ لأمْرٍ نَأْتَنِفُهُ؟. قَالَ:"بَلْ لأمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ". قَالَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ إِذاً؟. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ عَامِلٍ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ"(1). قُلْتُ: لِجِابِرٍ فِي الصّحِيحِ أُنَّ سُرَاقَةَ هُوَ السَّائِلُ (2).

1809 -

أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصِّلْح، حدثنا يحيى بن

= العاجلة لما يصيرون إليه في الحال الأجلة، فمن تيسر له العمل الصالح، كان مأمولاً له الفوز، ومن تيسر له العمل الخبيث كان مخوفاً عليه الهلاك.

وهذه أمارات من جهة العلم الظاهر، وليست بموجبات، فإن الله سبحانه طوى علم الغيب عن خلقه، وحجبهم عن دركه، كما أخفى الساعة فلا يعلم أحد متى إبان قيامها، ثم أخبر على لسان رسول الله-صلى الله عليه وسلم عن بعض أماراتها وأشراطها

".

وانظر فتح الباري 11/ 498 فقد نقله بتصرف، وتعليقَنا على مسند الموصلي 1/ 209 - 211 الحديث رقم (243).

(1)

إسناده صحيح، وهو في صحيح ابن حبان 2/ 40 برقم (336) بتحقيقنا. وأخرجه أبو يعلى 4/ 45 - 46 برقم (2054)، وبرقم (2110) من طريق أبي همام، حدثنا ابن وهب، بهذا الإِسناد. وهناك استوفينا تخريجه.

ونضيف هنا: أخرجه البغوي في "شرح السنة" 1/ 134 - 135 برقم (74) من طريق

علي بن الجعد، أخبرنا زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر قال: جاء سراقة

وانظر الحديث التالي.

(2)

انظر التعليق السابق، والحديث اللاحق.

ص: 44

حبيب بن عربي، حدثنا ابن عُلَيّة، حدثنا روح بن القاسم، عن أبي الزبير. عَنْ جَابِرٍ: أنَّ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ قَالَ: يَا رسول الله، أَخْبِرْنَا عَنْ أَمْرِنَا كَأَنَّنَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ، أَبِمَا جَرَتْ بِهِ الأقْلامُ وَثَبَتَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، اوْ بمَا يُسْتَأْنَفُ؟. قَالَ:"بَلْ بِمَا جَرَتْ بِهِ الأقْلامُ وَثَبَتَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ". قَالَ: فَفِيمَ الْعَمُلُ إذاً؟. قَالَ: "اعْمَلُوا، فَكل مُيَسَّرٌ". قَالَ سُرَاقَةُ: فَلَا أَكُونُ ابَداً أشَدَّ اجْتِهَاداً فِي الْعَمَلِ مِنِّيَ الآْنَ (1)

(1) شيخ ابن حبان ما وجدت له ترجمة، وباقي رجاله ثقات، وهو في صحيح ابن حبان 2/ 41 برقم (337) بتحقيقنا.

وأخرجه مسلم في القدر (2648) باب: كيفية الخلق من طريقين عن زهير بن معاوية، حدثنا أبو الزببر، بهذا الإِسناد.

وانظر الحديث السابق، وتحفة الأشراف 2/ 302 برقم (2741)، ومجمع الزوائد 7/ 195، وجامع الأصول 10/ 112.

وقال ابن القيم في "شفاء العليل" ص (56 - 57) بعد أن أورد حديث علي، وحديث جابر هذا، وحديث عمران بن حصين، وحديث عبد الله بن عمر:"فاتفقت هذه الأحاديث ونظائرها على أن القدر السابق لا يمنع العمل. ولا يوجب الاتكال عليه، بل يوجب الجد والاجتهاد. ولهذا لما سمع بعض الصحابة ذلك قال: (ما كنت أشد اجتهاداً مني الآن)، وهذا مما يدل على جلالة فقه الصحابة ودقة أفهامهم وصحة علومهم، فإن النبي-صلى الله عليه وسلم-أخبرهم بالقدر السابق وجريانه على الخليقة بالأسباب، فإن العبد ينال ما قدر له بالسبب الذي أقدر عليه، ومكن منه، وهيىء له، فإذا أُتي بالسبب، أوصله إلى القدر الذي سبق له في أم الكتاب. "كلما زاد اجتهاداً في تحصيل السبب، كان حصول المقدور أدنى إليه. وهذا كما إذا قدر له أن يكون من أعلم أهل زمانه، فإنه لا ينال ذلك إلا بالاجتهاد والحرص على التعليم وأسبابه. وإذا قدر له أن يرزق الولد، لم ينل ذلدُ. إلا بالنكاح أو =

ص: 45

1810 -

أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أنبأنا يونس، عن ابن شهاب، أن عبد الرحمن بن هُنَيْدَةَ (1) حدثه. أنَّ عَبْدَالله بْنَ عُمَرَ (2) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا أرَادَ الله أنْ يَخْلُقَ نَسَمَةً، قَالَ مَلَكُ الأرْحَام مُعْرِضاً (3): يَا رَبّ، أذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟. فَيَقْضِيَ اللهُ أمْرَهُ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبَّ أشَقِيٌ أمْ سَعيدٌ؟ فَيَقْضِيَ اللهُ أَمْرَهُ. ثُمَّ

= التسري والوَطْء، وإذا قدر له أن يستغل من أرضه من المُغلّ كذا وكذا، لم ينله إلا بالبذر وفعل أسباب الزرع، وإذا قدر الشبع والري، فذلك موقوف على الأسباب المحصلة لذلك من الأكل والشرب واللبس. وهذا شأن أمور المعاش والمعاد. فمن عطل العمل اتكالاً على القدر السابق، فهو بمنزلة من عطل الأكل والشرب والحركة في المعاش وسائر أسبابه اتكالاً على ما قدر له.

وقد فطر الله -سبحانه- عباده على الحرص على الأسباب التي بها مرام معاشهم ومصالحهم الدنيوية، بل فطر الله على ذلك سائر الحيوانات، فهكذا الأسباب التي بها مصالحهم الأخروية في معادهم، فإنه- سبحانه- رب الدنيا والآخرة، وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد، وقد يسر كلاً من خلقه لما خلقه له في الدنيا والآخرة، فهو مهيا له، ميسر له.

فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها، كان أشد اجتهاداً في فعلها من القيام بها، منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه، وقد فقه هذا كل الفقه مَنْ قال:(ما كنت أشد اجتهاداً مني الآن)

". وانظر فتح الباري 1/ 498، وتعليقنا على الحديث (243) في مسند الموصلي. ولوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية 1/ 345 - 352، والفتاوى الكبرى 8/ 286 وما بعدها، و 14/ 104 وما بعدها.

(1)

فى الأصلين "هبيرة" وهو تحريف.

(2)

في الأصلين، وفي الإحسان أيضاً "عمرو" وهو تحريف.

(3)

يريد معترضاً، يقال: عَرَضَ لي الشيء، وأَعْرَضَ، وتَعَرَّضَ، واعْتَرَضَ بمعنى. وهي في الإتحاف "معترضاً".

ص: 46

يَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَا هُوَ لاقٍ حَتَّى النَّكْبَة يُنْكَبُهَا" (1)

1811 -

أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان بالرقة، حدثنا هشام بن

(1) إسناده صحيح، وهو في الإحسان 8/ 19 - 20 برقم (6145).

وأخرجه البخاري -مختصراً- في الكبير 5/ 360 - 361 من طريق عبد الله قال: حدثني الليث، وأخرجه أبو يعلى في المسند 10/ 154 برقم (5775) من طريق زهير، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، كلاهما حدثنا يونس، بهذا الإِسناد. وانظر فتح الباري 11/ 483 إذ أشار إلى هذه الرواية. وقال البخاري:"وتابعه عمر بن سعيد".

وأخرجه البزاز 3/ 23 برقم (2149) من طريق محمد بن معمر، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن بن سالم، عن أبيه، به.

وقال- البزار: "لا نعلم رواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. إلا صالح".

وأخرجه ابن عدي في كامله 4/ 1600 من طريقين عن علي بن حرب، حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، حدثنا ذلك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. مرفوعاً.

وقال ابن عدي: "وهذا منكر عن مالك بهذا الإِسناد، ولا أعلم رواه غير عبد الرحمن، ولا أعلم روى هذه الأحاديث عن عبد الرحمن بن يحيى، غير علي بن حرب".

وقال البخاري في الكبير 5/ 361: "وقال عقيل، عن ابن شهاب: أخبرنى أبو بكر ابن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

وأخبرني ابن هنيدة، عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله. ولم يرفعه عمرو، ولا عبد الرزاق، عن معمر.

وقال ابن المبارك: عن معمر، عن عبد الملك بن هنيدة، سمع ابن عمر رضي الله عنهما مراراً.

وعن يونس، عن الزهري، عن ابن هنيدة، عن ابن عمر- رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والأول أصح".

والنكبة: المصيبة. يقال: نكب الدهر فلاناً، أي: أصابه بنكبة.

ص: 47

عمار، حدثنا الوزير بن صبيح، حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أم الدرداء. عَنْ أبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فَرَغَ اللهُ إِلَى كلِّ عَبْدٍ مِنْ خمْسٍ: مِنْ رِزْقِهِ، وَأجَلِهِ، وَعَملِهِ، وَأثَرِهِ، وَمَضْجَعِهِ"(1).

(1) إسناده حسن، والوزير بن صبيح فصلنا القول فيه عند الحديث السابق برقم (1763). وهو في الإحسان 8/ 7 برقم (6117).

وأخرجه البزار 3/ 24 برقم (2152) من طريق عبد الله بن أحمد، حدثنا صفوان ابن خابند، حدثنا الوزير بن صبيح، بهذا الإِسناد. وقد تحرفت فيه "الوزير" إلى "العوام".

وأخرجه الطيالسي 1/ 31 برقم (59)، وأحمد 5/ 197 من طريق الفرج بن فضالة، وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب 1/ 352 - 353 برقم (602) من طريق

محمد بن خالد الدمشقي، حدثنا مروان بن محمد، كلاهما حدثنا خالد بن صبيح، حدثنا يونس بن حلبس، له. وعند الطيالسي "ابن حلبس". وأما عند أحمد فقد تحرفت إلى "أبي حلبس".

نقول: هذا إسناد صحيح، نعم الفرج بن فضالة ضعيف، ولكن تابعه عليه مروان ابن محمد الطاطري وهو ثقة، وخالد هو ابن يزيد بن صالح بن صبيح المري.

وأخرجه أحمد 5/ 197 من طريق زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا خالد بن صبيح المري قاضي البلقاء، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله أنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء

وهذا إسناد صحيح إن كان خالد المري، سمعه من إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر. وزيد بن يحيى هو ابن عبيد الخزاعي.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 195 باب: فيما فرغ منه، وقال: "رواه

أحمد، والبزار، والطبراني في الكبير والأوسط، وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات".

وعند القضاعي مصادر أخرى لهذا الحديث. وانظر حديث عبد الله بن مسعود في مسند الموصلي برقم (5157).

ص: 48