الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: ورواية إِسماعيل عن الحجازيين، وأهل العراق ضعيفة (1).
ولها أن تقرأ عن ظهر قلب، أو من المصحف دون أن تمسه مباشرة، ولها أن تقرأ بحائل كثوب، أو لبس القفازين، وبهذا قال كبار علماء العصر كالعلامة ابن باز، والعلامة الألباني، والعلامة ابن عثيمين -رحمهم الله تعالى- والحائض أو النفساء ليس بيدها أن تغتسل، وليس هناك ما يمنع لا سيما المعلمات والطالبات والحافظات للقرآن.
وتعليل ذلك:
1 -
أن الحائض مدتها تطول، وربما تمتد إلى نصف الشهر، فلا يصح قياسها على الجنب.
2 -
أن بإمكان الجنب أن تغتسل، أمَّا الحائض فليس بإمكانها.
3 -
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها لما حاضت بالحج "اصنعي ما يصنعُ الحاج غير أن لا تَطُوفي ولا تُصلي". أخرجه أبو داود. ولم يستثن قراءة القرآن، وهي من ذكر الحاج، والله أعلم.
*
معنى الآية {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} :
قال العلامة ابن قيم الجَوزية -رحمه الله تعالى-: "والصحيح في الآية، أن المراد به: الصحف التي بأيدي الملائكة؛ لوجوه عديدة:
منها: أنه وصفه بأنه "مكنون" و"المكنون" المستور عن العيون. وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.
ومنها: أنه قال {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79]، وهم
(1)"إرواء الغليل" لشيخنا الإمام العلامة الألباني (192).
الملائكة. ولو أراد المتوضئين لقال: لا يمسه إلا المتطهرون. كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]، فالملائكة مطهرون، والمؤمنون متطهرون.
ومنها: أن هذا إخبار. ولو كان نهيًا لقال: لا يمسَسه بالجَزم. والأصل في الخبر: أن يكون خبرًا صُورةَ ومعنى.
ومنها: أن هذا ردٌّ على من قال: إن الشيطان جاء بهذا القرآن. فأخبر تعالى: أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين، ولا وصول لها إليه، كما قال تعالى في آية الشعراء:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211)} [الشعراء 210 - 211]، وإنما تناله الأرواح المطهرة. وهم الملائكة.
ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)} [عبس12: 16].
قال مالك في موطِئه: أحسن ما سمعت في تفسير قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس (1).
ومنها: أن الآية مكيَّة من سورة مكية. تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد، وإثبات الصانع، والرد على الكفار. وهذا المعنى أليق بالمقصود
(1) ومالك بن أنس رحمه الله أحد الأئمة الأربعة المشهورين، انظر قوله في الموطأ (1/ 199) مع بيان كراهية حمله وهو غير طاهر إكرامًا للقرآن وتعظيمًا له. قلت: وسبق رواية المروزيّ رحمه الله عن الإمام أحمد بن حنبل ومن قبله التابعي عطاء، وغيرهم، مما يدل على أن الطهارة ليست شرطًا للقراءة ولكنها مستحبة على الصحيح من أقوال أهل العلم، والله أعلم.