الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشاعر:
عليك بإخوان الثقات فإنهم
…
قليل فصلهم دون من كنت تصحبُ
ونفسك أكرمها وصنها فإنها
…
متى ما تجالس سفلةَ الناس تغضبُ
فالصداقة المتينة، والصحبة الصالحة، لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة. فإذا كان الأمر كذلك، فما أحرى بذي اللب أن يبحث عن إخوان ثقات؛ حتى يعينوه على كل خير، ويقصروه عن كل شر.
قال ابن الجوزي: "ما رأيتُ أكثر أذى للمؤمن من مخالطة من لا يصلح، فإنَّ الطبع يسرق؛ فإن لم يتشبه بهم ولم يسرق منهم، فَتَرَ عن عملهِ"(1).
قال الناظم:
أنت في الناس تقاسُ
…
بالذي اخترتَ خليلا
فاصحب الأخيار تعلو
…
وتنل ذِكرًا جميلا
قال العلماء: إنما سمي الصديق صديقًا لصدقه، والعدو عدوًا لعدوه عليك.
13 - الاختلاف إلى أهل الحلم والفضل وذوي المروءات:
فإذا اختلف المرء إلى هؤلاء، وأكثر من لقائهم وزيارتهم؛ تَخَلَّق بأخلاقهم، وقبس من سمتهم ونورهم.
أ- يرُوى أنَّ الأحنف بن قيس قال: "كنا نختلف إلى قيس بن عاصم نتعلم منه الحلم كما نتعلم الفقه".
ب- كان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرحلون إليه، فينظرون إلى
(1)"صيد الخاطر"(363).
سمته، وهديه، ودَلَّه، قال:"فيتشبهون به"(1).
ج- قال الإمام مالك: قال ابن سيرين: "كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم. قال: وبعث ابن سيرين رجلًا فنظر كيف هَدْيُ القاسم (هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق) وحاله (2).
د- قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: روى أبو الحسين بن المنادي بسنده إلى الحسين بن إسماعيل قال: سمعت أبي يقول: "كنا نجتمع في مجلس الإمام أحمد زُهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حُسنَ الأدب، وحسن السمت"(3).
هـ- قال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد لابنه: "يا بني، إيت الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إليَّ لك من كثير من الحديث"(4).
و- وقال الأعمش: كانوا يأتون همام بن الحارث يتعلمون من هديه وسمته.
ز- قال ابن القاسم رحمه الله: "كنت آتي مالكًا غلسًا، فأسأله عن مسألتين، ثلاثة، أربعة، وكنت أجد منه انشراح الصدر، فكنت آتي كل سحر، فتوسدت مرة في عتبته فغلبتني عيني فنمت، وخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به، فركضتني سوداء له برجلها، وقالت لي: إن مولاك لا يغفل كما تغفل أنت،
(1)"غريب الحديث"(383/ 3) للقاسم بن سلام.
(2)
"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"، للخطيب البغدادي (1/ 79).
(3)
"شرح منتهى الإرادات"(1/ 9) للبهوتي.
(4)
"الجامع" للخطيب (1/ 80).