الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
"وأما معاملتهم في البيع والشراء، وأن يدخلوا تحت عهدنا، فهذا جائز، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبيع ويشتري من اليهود، كان اشترى طعامًا لأهله، ومات ودرعه مرهونة عندهم، .. وهذه المسألة من أدق المسائل وأخطرها، ولا سيما عند الشباب؛ لأن بعض الشباب يظن أن أي شيء يكون فيه اتصالٌ مع الكفار فهو موالاة لهم؛ وليس كذلك، فالموالاة لها معاني كثيرة"(1).
2 -
عيادته:
عيادة المريض من الأخلاق الكريمة، وكانت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ غُلام يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرِضَ فَأتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَلمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ فَقَالَ لَهُ:"أَسلِمْ"، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِم صلى الله عليه وسلم، فَأسلَمَ فَخَرجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ:"الحَمدُ لِلهِ الذِي أَنقَذَهُ مِن النَّارِ"(2).
وفي الحديث يتبين لنا مشروعية عيادة الكافر إن حققت مصلحة راجحة، وطمعنا في إسلامة.
3، 4 -
أكل طعامه إن كان من أهل الكتاب وحل نكاح نسائهم:
(1)"الباب المفتوح"(3/ 466).
(2)
أخرجه البخاري (1356) في كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي.
قال ابن عباس، وأبو أمامة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء:(طعامهم): يعني ذبائحهم.
قال الحافظ ابن كثير: "وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء، أن ذبائحهم حلال للمسلمين؛ لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله، وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزه عن قولهم، تعالى وتقدس"(1).
قال الإمام ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن ذبائح أهل الكتاب لنا حلال إذا ذكروا اسم الله عليها، إلا حرف حكي عن مالك في شحم شاة ذبحها يهودي، فإنه بلغني عنه أنه قال: لا يؤكل، وحكى عنه أنه قال: لا أحرمه، فإن ذبح الكتابي فذكر اسم الله أكلت ذبيحته، وإن لم يذكر اسم الله أو ذبح باسم المسيح، لم يحل أكل ذبيحته، وإذا غاب عنا أمره أكلنا ذبيحته، كما نأكل ما غاب عنا من ذبائح المسلمين"(2).
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: اختلف الناس في {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]: هل يشمل كل ما اعتبروه طعامًا وإن كان لا يحل لنا إن كان أُهل لغير الله به، أو ذُبح للصليب، أو خُنق، أو ما أشبه ذلك؟ فقال بعض العلماء: كل ما اعتقدوه طعامًا فهو حل لنا، ولا نسأل كيف ذبحوا، ولا على أي اسم ذكروا على الذبيحة، والقول الثاني: أنهم لا بد أن يذبحوا على الطريقة الإسلامية، وألا يذكروا عليها إلا
(1)"تفسير ابن كثير"(3/ 36).
(2)
"الإقناع"(1/ 387).
اسم الله، وعلى هذا القول فإن شككنا هل سَمُّوا أم لا، فإننا لا نسأل؛ لأن الأصل أن ذبائحهم حلال، والقول الثاني هو الأصل" (1).
والخلاصة يشترط لحل ذبائحهم شروط:
الأول: عدم العلم أنه ذكر عليها اسم غير اسم الله تعالى، فإن ذبحها باسم المسيح أو العذراء لم تؤكل.
الثاني: أن تذبح بآله تقطع الودجين والمريء والحلقوم وتجري الدم.
الثالث: أن يكون المذبوح جائز شرعاً.
أمَّا نكاح نسائهم، فقد قال تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5].
وقد اتفق أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على جواز نكاح نساء أهل الكتاب، إلا قولاً لابن عمر رضي الله عنهما وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء أهل الكتاب منهم حذيفة رضي الله عنه، الذي تزوج يهودية في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتزوج طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهودية ونصرانية (2).
واستثنى بعض أهل العلم إذا كانوا حربًا للمسلمين، فإنه لا يحل نساؤهم. قال الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (2/ 363): "أباح الله تعالى للمسلم أن يتزوج الكتابية، ولم يبح تزوج المسلمة من الكتابي لاعتداده بقوة تأثير الرجل على امرأته، فالمسلم يؤمن بأنبياء الكتابية وبصحة
(1)"التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم"(326).
(2)
انظر مصنف عبد الرزاق الصنعاني (6/ 78)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 158).