الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إِذا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُل بَابٍ من أبوَابِ المسجِدِ المَلاِئكَةُ يَكتُبُونَ الأولَ فَالأَولَ، فإِذا جَلَس الإمَامُ، طَوَوا الصحُفَ وَجَاءوا يَستَمِعُونَ الذكرَ"(1).
3 -
علاقات المحبة:
وهذه علاقة الحب بين الملائكة وبين المؤمنين ولا ندري ماهية هذا الحب، ولكن هذه الصفة في الملائكة ثابتة، فهذه الملائكة المكرمة العظيمة تحب المؤمنين وتكره الكفار أعداء الله، وتبغضهم.
عن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا أَحَب الله العَبدَ، نَادَى جِبرِيلَ: إِن اللهَ يُحب فُلانًا فَأحبِوهُ، فَيحِبهُ جِبرِيلُ فَيُنَادِي جِبرِيلُ فِي أَهلِ السمَاءِ: إِن الله يحب فُلانًا فَأحِبوهُ، فَيحِبهُ أَهلُ السمَاءِ، ثُم يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأرْضِ"(2).
هذا بالنسبة إلى المؤمنين، أمَّا الكفار فهناك عداء، فالملائكة تعادي أعداء الله في الدنيا والآخرة، ومن الأدلة ما أخبر الله سبحانه أنه أنزل طائفة من خيرة الملائكة في غزوة بدر، وأنه سبحانه قال لهم:{أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12].
(1) أخرجه البخاري (3211 - فتح) في كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.
(2)
أخرجه البخاري (3209 - فتح) في كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، ومسلم (2637) في كتاب البر والصلة، باب: إذا أحب الله عبداً حببه إلى عباده.
ومن دلائل هذا الحب:
أ- الدعاء للمؤمنين:
وقال سبحانه: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلًا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)} [الشورى: 5].
وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} [الأحزاب: 43].
والصلاة من الله سبحانه علي عباده عند الملائكة الثناء عليهم، وأما الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار لهم.
ب- محبتهم لطلاب العلم:
عن صَفوَانَ بنِ عَسَّالٍ المُرَادِي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المَلائكَةَ لتَضَعُ أَجنِحَتَهَا لِطَالِبِ العلمِ؛ رِضًا بِمَا يَطلب"(1).
(1) صحيح. أخرجه أحمد (4/ 239، 240، 241)، والترمذي (2387)، وابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح.
ومعنى وضع الجناح حضور مجلسه، وقيل: توقيره وتعظيمه، وإعانته على بلوغ مقاصده، أو قيامهم في كيد أعدائه وكفايته شرهم، أو تواضعها ودعاؤها له.
وهذا دليل على حب الملائكة لطالب العلم وأولياء الله، والسائرين في طريق الله تبارك وتعالى.
عن أَبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُم مَا دامَ فِي مُصَلاهُ الذِي صلَّي فِيهِ، مَا لَم يُحدِث، تَقُولُ: اللهُم اغفِر لَهُ، اللهم ارحَمهُ"(1).
ج- القتال مع المؤمنين وتثبيتهم في الحرب:
قال عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال: 9].
وهذا الإمداد إنما هو تثبيت المؤمنين والمحاربة معهم؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [الأنفال: 10].
(1) أخرجه البخاري (445 - فتح) في كتاب الصلاة، باب: الحدث في المسجد.
د- دعاؤهم على من يؤذي المؤمن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدةٍ، فَإِنَّ المَلائكَةَ تَلعَنُهُ، وَإِن كانَ أَخَاهُ لأبِيهِ وَأُمه"(1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن سبَّ أَصحَابي، فَعَلَيهِ لَعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أَجمَعين"(2).
هـ- تبشير المؤمنين عند الاحتضار:
و- ظل الملائكة على الشهيد:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لَما قُتِلَ أَبِي جَعَلتُ أَكشِفُ الثَّوبَ عَن وَجهِهِ، أَبكِي وَينهَونِي عَنهُ، وَالنبِي صلى الله عليه وسلم لا يَنهَانِي، فَجَعَلَت عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبكِي، فقال النبِي صلى الله عليه وسلم:"تَبكِينَ أَو لا تَبكِينَ، مَا زَالَت المَلاِئكَةُ تُظِلُّهُ بِأجنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعتُمُوه"(3).
(1) أخرجه مسلم (2616) في كتاب البر والصلة، باب: النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم، وانظر "صحيح الجامع"(6035).
(2)
حسن. أخرجه الطبراني (12/ 142)، وحسنه الألباني في "الصحيحة" بمجموع طرقه (2340).
(3)
أخرجه البخاري (1244 - فتح) في كتاب الجنائز، باب: الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج.
كل هذه الآيات والأحاديث تروم غاية واحدة، وهي وجوب الإيمان بالملائكة، وأن يتولاهم بالحب والتوقير، ويتجنب كل ما من شأنه أن يسيء إليهم ويؤذيهم، بل ينبغي لكل مؤمن ومؤمنة أن يستشعر وجودهم معه يرونه ويراقبون أفعاله، وإِنك لتعجب عند كثير من الناس أنهم إذا استشعروا أن أحدًا ينظر إليهم فإنهم يسيرون في طريق مستقيم، كآلة المراقبة في الطرق التي تراقب المراكب المسرعة، فإنهم يقللون من السرعة، وإذا تجاوزوها عادوا إلى السرعة، أولا يستشعر هؤلاء بأن الملائكة معهم {كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار11: 12] وذلك في كل وقت من ليل أو نهار.
***