الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قول الصحابة وقول الفقهاء بعدهم، قال به إذا كان موافقًا لقول بعض الصحابة وقول بعض أئمة المسلمين قال به، وإن كان قد رآه مما يخالف به قول الصحابة وقول فقهاء المسلمين حتى يخرج عن قولهم، لم يَقُل به، واتَّهم رأيه، ووجبَ عليه أن يسأل من هو أعلم منه أو مثلُه، حتى ينكشف له الحقُّ، ويسأل مولاه أن يوفقه لإصابة الخير والحق، وإذا سُئل عن علم لا يعلمه لم يستح أن يقول: لا أعلم، وإذا سئل عن مسألةٍ فعلم أنها من مسائل الشَّغَبِ ومما يورث بين المسلمين الفتنة، استعفى منها، وردّ السائل إلى ما هو أَولى به على أرفق ما يكون، وإن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ، لم يستنكف أن يرجع عنها.، وإن سُئل عن مسألةٍ اشتبه القولُ عليه فيها قال: سَلُوا غيري، ولم يتكلف ما لا يتقرر عليه، يحذر من المسائل المحدثات في البدع، لا يُصغي إلى أهلها بسَمعه، ولا يَرضى بمجالسة أهل البدع ولا يُماريهم.
أصلُه الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة ومن بعدهم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين، يأمر بالاتباع وينهى عن الابتداع، ولا يُجادل العلماءَ، ولا يُماري السفهاء" (1).
11 -
أدبه مع السلطان أو الأمير:
من النقول السديدة عن الماوردي تلك التوجيهات والآداب التي ينبغي أن يتخلق بها العالم، إذا وجد رغبة في العلم لفضيلة نفسه وكرم طبعة هذه التوجيهات التالية:
(1)"أخلاق العلماء"(46 - 48).
1 -
لا يجعلُ ذلكَ ذرِيعةً في الانبساط عندهُ، والإدلالِ عليه، بل يُعطَى ما يَستحقُّهُ بسُلطَانه وعُلُوِّ يده؛ فإِن للسلطان حَقَّ الطاعةِ والإعظامِ، وللعالمِ حقَّ القبُول والإكرام.
2 -
لا يَنبَغِي أَن يبتدئهُ إلا بعد الاستدعاء، ولا يزيدهُ على قدر الاكتفاءِ، فرُبما أَحبَّ بعضُ العُلماء إظهار علمه للسُّلطان فأكَثرهُ، فصار ذلك ذريعةً إلى مللٍ، ومُفضِيًا إلى بُعده، فإِن السلطان مُتَقَسّمُ الأفكار، مُستوعبُ الزمان، فليس لهُ في العلم فراغ المُنقطعينَ إليهِ ولا صبر المنفردين به.
3 -
وليخرج تعليمُهُ مخرج المُذاكرة والمُحاضرة لا مخرج التَّعليم والإفادة؛ لأنَّ لتأخير التعلُّمِ خجلة تقصيرٍ يُجل السلطانُ عنها، فإِن ظهر منهُ خطأٌ أَو زللٌ في قولٍ أَو عملٍ، لم يُجاهرهُ بالردّ، وعرض باستدراك زلَلهِ، وإصلاح خلله.
4 -
ثمَّ ليحذر اتِّباعهُ فيما يُجانبُ الدين ويُضاد الحق مُوافقةً لرأيه ومُتابعةً لهواهُ، فرُبما زلّت أَقدامُ العُلماء في ذلك رغبةً أَو رهبةً فضلوا وأَضلوا، مع سُوء العاقبة وقُبحِ الآثار (1).
…
(1)"أدب الدنيا والدين"(121).