الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
"الظرف والظرفاء" لأبي الطيب الوشاء.
4 -
"روضة العقلاء" للإمام أبي حاتم البستي.
5 -
"الأخلاق والسير في مداواة النفوس" للإمام ابن حزم.
6 -
"إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" للإمام ابن قيم الجوزية.
7 -
"صيد الخاطر" للإمام ابن الجوزي.
8 -
"الآداب" للإمام البيهقي.
9 -
"عيون الأخبار" لابن قتيبة.
10 -
"مدارج السالكين" للإمام ابن قيم الجوزية (1).
11 -
"الأدب المفرد" للإمام البخاري.
12 -
"المجالسة وجواهر العلم" للدينوري.
18 - الاعتبار بحوادث التاريخ:
النظر في تقلبات الحياة وما فيها من عبر مَعينٌ ثَرْ لكل عاقل يريد النجاة بنفسه إلى سفينة الأخلاق، والتاريخ وما فيه من تجارب باعث رئيس لمن يحب اكتساب الأخلاق الحسنة.
قال ابن خلدون:
"اعلم أنَّ فنَّ التاريخِ فنٌّ عزيزُ المذهبِ، جمُّ الفوائدِ، شريفُ الغايةِ؛ إذ هوَ يوقِفُنا على أحوالِ الماضينَ من الأممِ في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوكِ في دُوَلهم وسياساتهم؛ حتَّى تَتِمَّ فائدة الاقتداءِ في ذلك
(1) هذا أحد أجزاء "الفوائد التربوية من كتب ابن قيم الجوزية" للمؤلف يسر الله طبعه.
لمن يَرومُهُ في أحوال الدين والدنيا" (1).
وقال ابن الأثير: "لقد رأيتُ جماعة ممن يدعي المعرفة والدراية، ويظن بنفسه التبحر في العلم والرواية، يحتقر التواريخ ويزدريها، ويعرض عنها ويلغيها، ظنًّا منه أن غاية فائدتها إنما هو القصصُ والأخبار، ونهايةَ معرفتها الأحاديث والأسمار، وهذه حالُ من اقتصرَ على القشر دون اللبّ نظرُه، ومن رزقه الله طبعًا سليمًا، وهداه صراطًا مستقيمًا، علم أنّ فوائدها كثيرة، ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة، وها نحن نذكر شيئًا مما ظهر لنا فيها.
منها: ما يحصلُ للإنسان من التجارب والمعرفة بالحوادث وما تصير إليه عواقبها، فإنه لا يحدث أمر إلَاّ قد تقدم هو أو نظيره، فيزدادُ بذلك عقلاً، وُيصبح لأن يُقتدى به أهلًا.
ولقد أحسن القائل حيث يقول شعرًا:
رأيتُ العقلَ عقلين
…
فمطبوعٌ ومسموع
فلا ينفعُ مسموع
…
إذا لم يَكُ مَطبُوعُ
كما لا تَنفَعُ الشمسُ
…
وضوءُ العينِ مَمنُوعُ (2)
يعني بالمطبوع العقل الغريزي الذي خلقه الله تعالى للإنسان، وبالمسموع ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة، وجعله عقلًا ثانيًا توسّعًا وتعظيمًا له، وإلَاّ فهو زيادة في عقله الأول.
(1)"مقدمة ابن خلدون"(16) و"تهذيب مقدمة ابن خلدون"(9) للمؤلف.
(2)
وينظر الأبيات في "المفردات"(342).
ومنها: أنَّ العاقل اللبيب إذا تفكر فيها، ورأى تقلب الدنيا بأهلها، وتَتَابُعَ نكباتها إلى أعيان قاطنيها، وأنها سلبت نفوسهم وذخائرهم، وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم، فلم تُبقِ على جليل ولا حقير، ولم يسلم من نكدها غني ولا فقير، زهد فيها وأعرض عنها، وأقبل على التزود للآخرة منها، ورغب في دار تنزهت عن هذه الخصائص، وسلم أهلُها من هذه النقائص.
ومنها: التخلّق بالصبر والتأسّي، وهما من محاسن الأخلاق، فإنَّ العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرَّم، ولا ملك معظم، بل ولا واحدٌ من البشر، علم أنه يصيبه ما أصابهم، وينوبه ما نابهم.
وهل أنا إلا من غَزِية إن غوت
…
غويتُ وإن تَرشُد غزيةُ أرشدِ
ولهذه الحكمة وردت القصص في القرآن المجيد {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37] فإن ظن هذا القائل أن الله سبحانه أراد بذكرها الحكايات والأسمار، فقد تمسك من أقوال الزيغ بمحكم سببها، حيث قالوا:"هذه أساطير الأولين اكتتبها" اهـ (1).
قلت: وَوَراء هذهِ الوسائل من تصحيح الأخلاق: وسائل أخرى ولكن فيما تقدم ما يكفي ويهدي، والله الهادي للصواب.
…
(1)"الكامل في التاريخ"(14).