الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طُولًا (37)} [الإسراء: 37].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك، فإذا تواضع قيل للملك: ارفع حكمته، وإذا تكبر قبل للملك: دع حكمته"(1).
قال الناظم:
تواضع تكن كالنجمِ لاحَ لناظرٍ
…
على صفحاتِ الماءِ وهو رفيعُ
ولا تكُ كالدخانِ يعلو بنفسهِ
…
إلى طبقاتِ الجو وهو وضيعُ
وأحسن الآخر بقوله:
إذا شئتَ أن تزداد قدرًا ورفعةً
…
فَلِنْ وتواضعْ واترُكِ الكبرَ والعُجبَا
فكن مستعدًا -يا هذا- للاعتذار عند الخطأ.
ولا تنظر لأحد نظرة احتقار.
ولا تدع الكبر يدمر جانب الخير فيك، فتصبح لا تستحق الورق الذي توقع عليه.
الناس تبغض من ينظر لهم باحتقار واستعلاء، فإن الإرض المنخفضة هي التي تمسك الماء.
3 -
المحافظة على المال والتنزه عن الحرام
.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
(1) حسن. أخرجه الطبراني (12/ 219)، وحسنه الهيثمي في "المجمع"(8/ 82) والألباني في "صحيح الجامع"(5675).
وقال سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188].
الواجب على المسؤول أن يتنزه عن الحرام، وأن لا يتخذ العمل مطية لنيل المصالح الخاصة بالتحايل أو النهب أو السلب، أو الغصب، أو الرشوة، ولا ينبغي له قبول هدايا العاملين معه، فإن ذلك غلول.
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هدايا العُمالُ غلولٌ"(1).
قال الخطابي: "هدايا العمال سحت، وأنه ليس سبيلها سبيل سائر الهدايا المباحة، وإنما يهدى إليه للمحاباة، وليخفف عن المهدي، ويسوغ له بعض الواجب عليه، وهو خيانة منه، وبخس للحق الواجب عليه استيفاؤه لأهله"(2).
عن أَبي حُمَيدٍ الساعديِّ، قال: استعمَلَ رَسُولُ الله رَجُلًا من الأَسدِ، يُقَالُ لَهُ ابنُ اللُّتيبَّةِ (قال عَمرٌو وَابنُ أَبِي عُمَرَ: عَلَى الصدَقَةِ) فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُم، وَهَذَا لي، أُهدِيَ لي، قال: فَقَامَ رَسُولُ الله عَلَى المِنبَرِ، فَحَمِدَ الله وَأَثنَى عَلَيهِ، وقال:"مَا بَالُ عَامِلٍ أَبعَثُهُ فَيَقُولُ: هَذا لَكُم وَهَذا أُهْدِيَ لي أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيتِ أَبِيهِ أَو فِي بَيتِ أُمهِ حتى يَنظُرَ أَيُهدى إِلَيهِ أَم لَا. وَالذِي نَفسُ مُحَمدِ بِيَدهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم مِنهَا شَيئًا إلا جَاءَ بِهِ يومَ القِيامَةِ يَحمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَو بَقَرَةٌ لَهَا خُوَار، أَو شَاةٌ تيْعِرُ"، ثم رَفَعَ يَدَيهِ
(1) صحيح. أخرجه أحمد (5/ 424)، والبيهقي (10/ 138)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(7021) و"إرواء الغليل"(8/ 246).
(2)
"معالم السنن"(3/ 8).
حتى رَأَينَا عُفرَتَي إِبطَيْهِ، ثم قال:"اللهُم هَل بَلَّغتُ؟ " مَرَّتَينِ. (1).
وقد بوب له البخاري بقوله: "هدايا العمال غُلول".
قال ابن حجر: "وفيه إبطال كل طريقٍ يتوصل بها من يأخذ المال إلى محاباةِ المأخوذ منه والانفراد بالمأخوذ".
عن بُرَيدَةَ رضي الله عنه قال: قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "مَن استعمَلنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقنَاهُ رِزقاً فما أخَذَ بَعدَ ذلِكَ فَهُوَ غلُولٌ". (2).
عن عَدِيِّ بن عَمِيرَةَ الكندي، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنِ استعمَلنَاهُ مِنكُم عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخيَطاً فَمَا فوقهُ، كَانَ غُلُولًا يَأتي بِهِ يَومَ القِيَامَةِ" قال: فَقَامَ إلَيهِ رَجُلٌ أَسوَدُ، مِنَ الأَنصَارِ، كَأنِّي أَنظُرُ إلَيهِ، فقال: يَا رَسُولَ الله اقبَل عَني عَمَلَكَ. قال: "وَمَا لَكَ؟ " قال: سَمِعتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا. قال: "وَأَنا أَقولُهُ الآنَ، مَنِ استعملنَاهُ مِنكُم عَلَى عَمَلٍ فَليَجِئ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فما أُوتيَ مِنهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنهُ انتَهَى"(3).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ جَسدٍ نَبَتَ من سُحتٍ، فالنارُ أولى بهِ"(4).
والسحت مصطلح شرعي يشمل كلَّ مال اكتسب بالحرام.
فالمنصب أمانة ومسئولية كبرى، لا يجوز -بأي حال من الأحوال- أن
(1) أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم.
(2)
صحيح. أخرجه أبو داود، والحاكم (1/ 406) وصححه، ووافقه الذهبي، والألباني في "صحيح الجامع" (6023). والغلول عند أهل العلم: أخذ الشيء بغير حله.
(3)
أخرجه مسلم (1833) في كتاب الإمارة، باب: تحريم هدايا العمال.
(4)
صحيح. أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 31)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(4519).