الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدَيهِ فليَدفعه، فإن أبى فليُقاتِلهُ فإنما هو شيطانٌ" (1).
هـ- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ما حَقُّ امرئٍ مُسلم، لهُ شيءٌ يُريدُ أن يُوصِيَ فيه، يبيتُ ليلتينِ، إلا وَوَصيَّتُهُ مَكتُوبةٌ عنده"(2).
وعند مسلم قال ابن عمر: مَا مَرت على ليلَة مُنذُ سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال ذلكَ إلا وَعِندِي وَصِيَّتي.
و- عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: كُنتُ أَضربُ غُلامًا لي بالسَّوطِ، فَسَمِعتُ صوتًا من خَلفي "اعَلم أبا مسعُودٍ" فَلَم أَفهَمِ الصوتَ مِنَ الغَضَبِ. قال: فلما دنَا مِني، إذا هُوَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقولُ:"اعلَم أَبا مَسعُودٍ اعلم أبا مَسعُودٍ" قال: فألقيتُ السوطَ من يَدِي فقال: "اعلم أبا مَسعُودٍ أن اللهَ أقدر عليكَ مِنكَ على هذا الغُلامِ" قال فقلتُ: لا أضرِبُ مَملُوكًا بَعدَهُ أَبدًا (3).
2 - عدم رفعَ الأصواتُ فوقَ صوتهِ
.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} [الحجرات: 2].
ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم: ألا ترفع الأصوات فوق صوته، فإنهُ سبب لحبوطِ الأعمالِ، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سُنته وما جاء به؟ أتَرى
(1) أخرجه البخاري (509 - الفتح)، ومسلم (505).
(2)
أخرجه البخاري (2738 - الفتح)، ومسلم (1627).
(3)
أخرجه مسلم (1659) في كتاب الإيمان، باب: النهي عن الإصرار على اليمين.
ذلك موجبًا لقبولِ الأعمالِ، ورفعُ الصوتِ فوقَ صوتهِ بل مُوجبٌ لحبوطها (1).
ومن جميل ما يذكر في هذا الباب حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابتَ بن قيسٍ، فقال رجل: يا رسولَ اللهِ، أنا أعلمُ لكَ عِلمه، فأتاهُ فوجدهُ جالسًا في بيتهِ منكسًا رأسه. فقال: ما شأنُك؟ فقال: شرّ؛ كان يرفعُ صوتهُ فوقَ صوتِ النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبطَ عمله، وهو من أهل النار، فأتى الرجلُ فأخبرهُ أنه قال كذا وكذا، [قال الراوي: موسى بن أنس]: فرجع المرةَ الآخرةَ ببشارةٍ عظيمة، فقال:"اذهب إليه فقل له: إنك لستَ من أهل النار، ولكن من أهل الجنة"(2).
تأمل خوف الصحابي من أن يحبط عمله ومحبته لنبيه صلى الله عليه وسلم وصدقه أورثه كرامة كبرى.
قال الإمام الحافظ حَماد بن زَيد رضي الله عنه: في قوله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصَّوت عليه بعد موته كرفع الصَّوت عليه في حياته؛ إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصِتَ له كما تنصِتُ للقرآن يعمر" (3).
ومن الجهلة من يرفع صوته منكرًا السنة النبوية، أو الذين تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن، متمسكين بزعمهم بالقرآن فقط، ناسين أو متناسين أن
(1)"مدارج السالكين"(2/ 367).
(2)
أخرجه البخاري (3613، 4846 - فتح) في كتاب التفسير.
(3)
"سير أعلام النبلاء"(7/ 460).