الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فرع عملي، وهو حكم مس المحدث المصحف.
ومنها: أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس، لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة؛ إذ من المعلوم: أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقًا أو باطلًا، بخلاف ما إذا وقع القَسَم على أنه في كتاب مصون، مستور عن العيون عند الله، لا يصل إليه شيطان، ولا ينال منه، ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية. فهذا المعنى أليق وأجل وأخلق بالآية، وأولى بلا شك.
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمسُّ المُصْحَف إلا طاهِر؛ لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون، لكرامتها على الله، فهذه الصحف أولَى أن لا يمسها إلا طاهر" (1).
قلت: ويكفي بهذا الكلام النفيس حجة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
10 -
الاستعاذة والبسملة عند التلاوة:
والأصل في ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98].
(1)"مدارج السالكين"(2/ 390)، وفي حاشية "التفسير القيم" للإمام ابن القيم (482) تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي قوله: وفي قول شيخ الإسلام رحمه الله نظر، فإنه ليس سياق الآية على النهي والتشريع، وإنما سياقها لبيان الحقيقة الواقعية التي لا يمكن أن تتحول ولا تبطل، فلا يمكن الاستدلال بها ولا بغيرها من الآيات على لزوم الطهارة لمس المصحف، والله أعلم".
الاستعاذة لغة: الالتجاء والاعتصام والتحصن.
أما في الاصطلاح: لفظ يحصل به الالتجاء إلى الله تعالى، والاعتصام والتحصن به من الشيطان الرجيم.
وصيغ الاستعاذة:
1 -
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
2 -
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه.
وهذه الصيغة ورد فيها الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله تعالى ويقول: أعوذُ بالله السميعِ العليم من الشيطانِ الرجيم، من هَمزِه ونَفخِهِ وَنَفثه"(1). وهمز الشيطان أي همس في قلبه وسواسًا، وهمزات الشيطان: خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان، وأما نفخه: فالنفخ: الكبر؛ لأن المتكبر يتعاظم، ويجمع نفْسَه ونفسه فيحتاج أن ينفخ، وأما نفثه، ففسر أنه الشعر.
قال أبو عبيد: وإنما سمي النفث شعرًا؛ لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه كالرقية، والمراد بالشعر المذموم.
أما البَسمَلَةُ فهي مصدر بَسمَلَ: أي إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
والبسملة سنة عند الابتداء في أوائل السور سوى سورة براءة، فقد روى أنس رضي الله عنه أنه قال: بَينَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَوم بَينَ أَظهُرِنَا إِذ أَغفَى إِغفَاءَةً، ثم رَفَعَ رَأسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلنَا مَا أَضحَكَكَ يَا رَسولَ اللهِ؟ قال: "أُنزِلَت عَلَي آنِفًا
(1) صحيح. أخرجه أبو داود (775) والترمذي (243)، وصححه العلامة أحمد شاكر.