الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يرمونَ أزواجَ النبيِّ بقولهِ
…
لله نشكو من يقولُ ويعتدي
من كان هذا قوله في المصطفى
…
أنَّى له الدعوى ليومٍ مُسعدِ
نسي الجهولُ كمالَ دين محمدٍ
…
فأتى يروم تمامهَ بالمولدِ
وانجر قوماً أخطئوا في سعيهم
…
ساروا عناءً في الطريق الأنكدِ
قد يحسنُ الأمرُ القبيحُ نكايةً
…
وتضيقُ نفسٌ بالجميلِ الأجودِ
يا داعيًا للعيدِ عيدانٍ لنا
…
إن كنت متبعًا شريعةً أحمدِ
إن كنت ترمي لهوهم عن شأنهم
…
فلقد ظِفرتَ بالمرامِ الأبعدِ
أو كنت تبغي للنهوضِ ببدعةٍ
…
فاسلك لكيدك كلِّ دربٍ مفسدِ
15 - حفظ حرمة بلده المدينة النبوية
، فإنها مُهَاجَرُه، ومحل إقامته، وبلد أنصاره وفيها مسجده خير المساجد بعد المسجد الحرام، وفيها مدفنه صلى الله عليه وسلم، ومدفن أصحابه الكرام.
عن السائب بن يزيد قال: كنتُ قائمًا في المسجد فحصبني رَجلٌ، فنظرتُ فإذا عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه فقال: اذهب فأتني بهذينِ، فجئتُهُ بهما. قال: من أنتما -أو من أين أنتما-؟ قالا: من أهلِ الطائفِ. قال: لو كنتما من أهل البلدِ لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (1).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخافَ أهلَ المدينة أخافَهُ اللهُ"(2).
وعن السائب بن خلاد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ظلم أهل
(1) أخرجه البخاري (470 فتح) كتاب الصلاة. باب: رفع الصوت في المسجد.
(2)
أخرجه ابن حبان (3730 الإحسان)، وجود الألباني إسناده في "الصحيحة"(2671).
المدينة، وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرف ولا عدل" (1).
قال القاض عياض رحمه الله: "ومن إعظامهِ وإكباره: إعظام جميع أسبابه، وإكرامُ مشاهدهِ وأمكنتهِ من مكة والمدينة، ومعاهدهِ، وما لمسهُ صلى الله عليه وسلم، أو أعُرِفَ بهِ"(2).
وقال القاضي عياض رحمه الله: "وجدير لمواطنَ عُمَرت بالوحيِ والتنزيلِ، وتردَّدَ بها جبريلُ وميكائيلُ، وعرجت منها الملائكةَ والروحُ، وضجت عَرَصاتُها بالتَّقديسِ والتسبيحِ، واشتملت تُربَتُها على جسد سيدِ البشر، وانتشرَ عنها من دينِ اللهِ وسُنةِ رسولهِ ما انتشر، مدارسُ آيات، ومساجدُ وصلوات، ومشاهدُ الفضائلِ والخيراتِ، ومعاهِدُ البراهين والمعجزات، ومناسكُ الدينِ، ومشاعِرُ المسلمينَ، ومواقِفُ سَيِّدِ المرسلين، وَمُتَبوأُ خَاتَمِ النبِيِّينَ"(3).
* ومن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار مسجده أن يصلى فيه، ويقول عند دخوله للمسجد: اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، ثم يسلم عليه عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وعليه أن يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم يقول: السلام عليك يا أبا بكر، ثم يقول: السلام عليك يا عمر.
* ومن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم عدم تغير اسم المدينة بغير اسمها التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم كما كان بعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها بيثرب،
(1) حسن. أخرجه الطبراني (6636)، وحسنه الألباني بما قبله.
(2)
"الشفا"(2/ 56).
(3)
"الشفا"(2/ 58).
باسم يثرب بن قانية رجل من العمالقة نزلها أو غيره، ويقال: هو أول من نزلها بعد العرب، وبه كانت تسمى قبل الإسلام، أو من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب وهو الفساد، وكلاهما مستقبح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، ويكره الاسم القبيح، وأما تسميتها في القرآن بيثرب، فإنما هو حكاية عن قول المنافقين والذين في قلوبهم مرض، فاللآئق بها المدينة أو طابة أو مما كانت تسمى من الأسماء الحسنة (1).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمرتُ بقريةٍ تأكل القُرى يقولون يثربَ، وهي المدينةُ تنفي الناس كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ"(2).
عن أبي حُميدٍ رضي الله عنه قال: أقبلنا معَ النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال: "هذهِ طابة"(3).
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله تعالى سمى المدينة طابة"(4).
وطابة من الشيء الطيب، وقيل: لطيب رائحتها، وقيل: لطهارتها من الشرك، وقيل لطيب ساكنيها. قال الإمام النووي رحمه الله:"فيه استحباب تسميتها طابة، وليس فيه أنها لا تسمى بغيره، فقد سماها الله تعالى المدينة في مواضع من القرآن، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم طيبة"(5).
(1) ينظر "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (4/ 87)، وشرح صحيح مسلم للنووي (9/ 154).
(2)
أخرجه البخاري في فضائل المدينة (1871 - فتح)، ومسلم في الحج (1382).
(3)
أخرجه البخاري في فضائل المدينة (1872. فتح).
(4)
أخرجه مسلم في الحج (1385).
(5)
ينظر "شرح صحيح مسلم" للنووي (9/ 156).
ومن سنن زيارة المدينة الصلاة في مسجد قباء، والصلاة في الروضة النبوية الشريفة والواقعة بين بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره (1).
أخي -الودود- هذه بعض مظاهر الآداب معهُ صلى الله عليه وسلم، فعلى كل مسلم ومسلمة الاجتهاد في أدائها كاملةً، والمحافظة عليها تامةً، ونسأل الله سبحانه أن يوفقنا للتأدبِ مع نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنَا من أتباعه وأنصاره وشيعته، وأن يرزقنا طاعتهُ، وأن لا يحرمنَا شفاعته، وأن يحشرنا معه .. اللهم آمين.
****
(1) قال الإمام الباجي في "المنتقى"(1/ 341):
"قال الداودي: يحتمل أن ينقل ذلك الموضع إلى الجنة فيكون من رياضها، ويحتمل أن يريد بذلك أن ملازمة ذلك الموضع والتقرب إلى الله تعالى فيه يؤدي إلى رياض الجنة كما يقال: "الجنة تحت ظلال السيوف"، وذلك يحتمل وجهين أحدهما أن اتباع ما يتلى فيها من القرآن والسنة يؤدي إلى رياض الجنة فلا يكون فيها للبقعة فضيلة إلا لمعنى اختصاص هذه المعاني دون غيرها، والثاني أن يريدان ملازمته ذلك الموضع بالطاعة والصلاة يؤدي إلى رياض الجنة لفضيلة الصلاة في ذلك الموضع على سائر المواضع وهذا أبين؛ لأن الكلام إنما خرج على معنى تفضيل ذلك الموضع، ويشبه أن يكون مالك رحمه الله تأول فيه هذا الوجه ولذلك أدخله في باب واحد مع فضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة في سائر المساجد".
عن ابن عباس - رضى الله - عنه قال:
لمَّا بلغ أبا ذر مبعثُ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل، واسمع من قوله، ثم رجع فقال: رأيتُهُ يأمرُ بمكارم الأخلاق".
[أخرجه البخاري (3861)، ومسلم (2474)].