الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القاضي: "وأباحت طائفة قليلة الهذ"(1).
وعن جمرة الضُّبعيِّ قال: قلتُ لابن عباس: إني سريعُ القراءةِ، إني أقرأُ القرآنَ في ثلاث، قال: لأن أقرأ البقرةَ في ليلٍ، فأتدبرها، وأُرتلُها أحبُّ إليَّ من أن أقرأ كما تقول (2).
وعن أبي جمرة قال: "قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلةٍ فأدبرها وأرتلها؛ أحب إلي من أن أقرأ كما تقول". وفي رواية، "فإن كنت فاعلًا لا بد فأقرأهُ قراءة تسمعُ أذنيك ويعيه قلبك"(3).
*
من أقوال العلماء في التدبر:
قال محمد بن كعب القرظي: لأن أقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} [الزلزلة: 1]، و {الْقَارِعَةُ (1)} [القارعة: 1]، لا أزيد عليهما وأردد فيهما وأتفكر أحب إلي من أن أهذ القرآن ليلتي، أو قال: أنثره نثرًا (4).
قال الإمام الآجري: "القليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحبّ إليَّ من قراءةِ الكثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه، وظاهر القرآن يدل على ذلك، والسنة، وقول أئمة المسلمين"(5).
(1)"شرح صحيح مسلم"(6/ 104).
(2)
صحيح. أخرجه الآجرى في "أخلاق حملة القرآن"(90).
(3)
أخرجه ابن كثير في "فضائل القرآن"(ص 236)، وقال محققه: إسناده صحيح.
(4)
أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(1/ 35)، والمروزي في "قيام الليل" انظر: مختصره (64).
(5)
"أخلاق حملة القرآن"(258).
وقال ابن قيم الجوزي: "لو علمَ الناسُ ما في قراءةِ القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأهُ بتفكرِ حتى مر بآيةِ بتفكرٍ وتفهمٍ خير من قراءةٍ ختمةٍ بغير تدبرٍ وتفهمٍ"(1).
وقال القرطبي: "الترتيل أفضل من الهذ؛ إذ لا يصح التدبر مع الهذ"(2).
قلت: ومن أدلة الترسل بالقراءة دون الهذ والعجلة والهذرمة ما في
الصحيحين أن - جبريل عليه السلام كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر: "ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان أجزاء، فيقرأ كل ليلة جزءًا في جزء من الليلة"(3).
قلت: فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختم القرآن كل ليلة، ويكثر عدد الختمات في رمضان، لنقل عنه صلى الله عليه وسلم، بل روت عائشة خلاف ذلك كما في صحيح مسلم أنها قالت: ولا أَعلَمُ نَبِي اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ القرآن كُلَّهُ فِي لَيلَةٍ".
ولا أريد أن أختم هذا الفصل دون الإشارة إلى أن بعض أهل العلم قد رخص في القراءة في أقل من ثلاث، أو قال: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، ولكني أقول: إن هذه اجتهادات لا ترقى إلى الطريقة المحمودة في القراءة الموافقة للسنة، وأما فيما يتعلق بتقطيع الآيات فلكل إنسان طريقة
(1)"مفتاح دار السعادة"(1/ 553).
(2)
"الجامع لأحكام القرآن"(15/ 192).
(3)
"فتح الباري"(9/ 45).