الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناشئة والطلاب، وأن يتخلق بها التلاميذ بفضل السابق على اللاحق، والسلف على الخلف، والعالم على الطالب بوجوب الأدب في توقير وإكرام.
قال الشاعر:
النَّاسُ في صورة التشبيه إكفَاءُ
…
أبوهُمُ آدم والأمُ حَواءُ
فإن يكن لهمُ في أصلهم شرف
…
يفاخرون بهِ فالطينُ والماءُ
مَا الفَخرُ إلا لأهلِ العِلمِ إنهُمُ
…
على الهُدَى لمن استهدى أدِلاءُ
وقدرُ كُل امرئٍ ما كانَ يُحسِنُهُ
…
والجَاهِلُونَ لأَهلِ العِلمِ أَعداءُ
ففُز بِعِلمٍ تَعِش حيًّا بهِ أبدًا
…
فَالنَّاسُ مَوتى وأهلُ العِلَمِ أَحيَاءُ (1)
*
توقير العالم سنة ماضية:
إن توقير العالم وهيبته من أخلاق السابقين، وسنه ماضية في الأولين.
قال طاووس بن كيسان: "إن من السنة أن توقر العالم".
وقال أيضاً: "من السُّنَّة أن يُوقر أربعة: العالم، وذو الشَّيبة، والسلطان، والوَالدِ"(2).
وقال الشعبي: صلى زيد بن ثابت رضي الله عنه على جنازة ثم قربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال له زيد: "خَلِّ عنك يا ابن عم رسول الله، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هَكذا يفعلُ بالعُلماء
(1) عزاه عبد القاهر الجرجاني في "أسرار البلاغة"(197 - المكتبة العصرية) لمحمد بن الربيع الموصلي.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(11/ 137).
والكُبَراء" (1).
وعن أبي عبد الله المعيطي قال: "رأيت أبا بكر بن عياش بمكة فأتاه سفيان بن عيينة فبرك بين يديه، فجعل أبو بكر يقول له: يا سفيان كيف أنت؟ يا سفيان كيف عيال أبيك؟ قال: فجاء رجل يسأل سفيان عن حديث، فقال سفيان: لا تسألني ما دام هذا الشيخ قاعدًا".
فسبحان الله كم من الطلاب اليوم يتكلمون ويفتون والشيخ قاعد، ويجيبون والشيخ حاضر، وربما ترتفع أصواتهم وتمتد الأرجل ويتمارون ويتضاحكون والشيخ قاعد، فلا إله إلا الله، أين التوقير وأين الأدب؟
قال الناظم:
وقر مشايخَ أهلِ العلم قاطبةً
…
حتى تُوقَّرَ إن أفضى بك الكبرُ
واخدم أكابرهم حتى تنال به
…
مثلًا بمثلٍ إذا ما شارف العُمُرُ
وأحسن الآخر:
أفضِّل أستاذي على فَضل والدي
…
وإن نالني من والدي المجدُ والشرف
فهدا مُرَبي الروحِ والروحُ جوهرٌ
…
وذاك مربي الجسمِ والجسمُ كالصدف
…
(1) أخرجه الحاكم (3/ 423)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(1/ 228)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1/ 189) وأورده الحافظ في "الإصابة"(4/ 42) وصحح إسناده، وكذلك الحاكم ووافقه الذهبي.