الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَرِح رَائِحَةَ الجَنة، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ من مَسِيرَةِ أَربَعِينَ عَامًا" (1).
قال العلامة صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-: "والمعاهد: الذي يدخل تحت صلح بين المسلمين والكفار، وهذا يؤمن حتى ينتهي العهد الذي بين الفئتين، ولا يجوز لأحدٍ أن يتعدى عليه، كما لا يجوز له أن يتعدى على أحد المسلمين.
والمستأمن: هو الذي يدخل بلاد المسلمين بأمان منهم لأداء مهمة ثم يرجع إلى بلده بعد إنهائها.
والذِّمِّيُّ: الذي يدفع الجزية للمسلمين، ويدخل تحت حكمهم، والإسلام يكفل لهؤلاء الأنواع من الكفار الأمن على دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم، ومن اعتدى عليهم، فقد خان الإسلام، واستحق العقوبة الرادعة" (2).
4 -
تهنئتهم بأعيادهم الشركية:
الأعياد من أعظم مظاهر الدين عند جميع الأمم؛ قال تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67].
والأعياد عند الكفار نوعان: أعياد على وجه التعبد، وأعياد على وجه المناسبة، فالأعياد على وجه التعبد كعيد مولد المسيح للنصارى، أو النيروز، والمهرجان للمجوس، فهذا النوع محرم، ولا يجوز التهنئة فيه؛ لما في ذلك من الإقرار للباطل، والتهنئة تعني المشاركة في السرور، والرضا بمعتقد الآخر، وأما أعياد المناسبة كيوم الاستقلال، أو يوم الحب، أو يوم
(1) أخرجه البخاري (12/ 259 - الفتح) في كتاب الديات، باب: إثم من قتل ذميًا بغير جرم.
(2)
"مجموع الرسائل"(201) للشيخ أحمد بن يحيي النجمي.
مولد الطفل، ويوم العمال ونحو ذلك فبدعة، لا ينبغي المشاركة فيها للمسلم.
وفي "كشف القناع" للبهوتي وهو من الحنابلة (3/ 131): "ويحرمُ تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم؛ لأنه تعظيمٌ لهم".
وما كان فيه للتعبد فلا يجوز التهنئة للكفار، وما كان فيه لغير التعبد، فبدعة، أما ما كان فيه لترقية، أو نجاح أو تملك منزل، أو زواج أو ولد أو قدوم مسافر، أو سلامة، فخلاف بين العلماء بين الإباحة والكراهية، والصواب عندي هو جواز التهنئة إن سلمت من الألفاظ التي تدل على الرضى بدينه؛ وثانياً أن هذا غير داخل في عبادته الشركية، والله أعلم.
وقال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله:
"فصل في تهنئتهم بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سلامة من مكروه ونحو ذلك
…
فالكلام في التعزية والعيادة، ولا فرق بينهما، ولكن ليحذر الوقوع فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضا بدينه، كما يقول أحدهم: متعك الله بدينك .. ، وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قَدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله
وسخطه" (1).
قال الشيخ العلامة محمد صالح العثيمين في رحمه الله:
"تهنئة الكفار بعيد (الكريسمس)(2) أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق .. ، وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم، لأن فيها إقرارًا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بذلك؛ كما قال تعالى:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7].
وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وتهنئتهم بذلك حرام، سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وقد يتساءل المرء -لا سيما إذا كان يعمل مع النصارى في مكان واحد، ويهنئونه في الأعياد الإسلامية-: فلماذا لا يبادلهم بالتهنئة في أيام أعيادهم معاملة بالمثل؟ وهذا كثيرًا ما يتبادر إلى الذهن ويطرح من قبل الكثير من عامة المسلمين" .. وإذا هنؤونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك، ولأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ ولأنها أعياد إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة لكنها نُسخت بدين الإسلام الذي بعثَ الله به
(1)"أحكام أهل الذمة"(1/ 441).
(2)
ينظر كتاب "البرهان المبين في التصدي للبدع والأباطيل"(2/ 156) لأشرف قطقاط، و"بدع وأخطاء تتعلق بالأيام والشهور"(499) لأحمد السلمي.