الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر: 18].
قال ابن قيم الجوزية: "أمر الله سبحانه العبد أن ينظر ما قدم لغدٍ، وذلك يتضمن محاسبة نفسه على ذلك، والنظر: هل يصلح ما قدمه أن يلقى الله به أو لا يصلح؟
والمقصود من هذا النظر: ما يوجبه ويقتضيه من كمال الاستعداد ليوم المعاد، وتقديم ما ينجيه من عذاب الله، ويبيض وجهه عند الله" (1).
وقال تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} [القيامة 1 - 2].
النفس اللوامة: هي التي تلوم صاحبها على الخير والشر وتندم على ما فات (2).
*
من آثار السلف في لوم النفس:
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه ارتقى الصفا، فأخذ بلسانه فقال: يا لسان قل خيرًا تغنم، واسكت عن شرِ تسلم، من قبل أن تندم. ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" أكَثَرُ خَطَايَا ابنِ آدمَ فِي لِسَانِهِ"(3).
وقال مالك بن دينار رحمه الله: "رحم الله عبدًا قال لنفسه النفيسة: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله،
(1)"مدارج السالكين"(1/ 187).
(2)
"تفسير ابن كثير"(8/ 301).
(3)
صحيح. أخرجه الطبراني (243/ 10)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب"(2872).
فكان لها قائدًا" (1).
وقال الحسن البصري رحمه الله: "لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه"(2).
فلوم النفس وتأنيبها هذه هي حكمة القلب، وما يسمى بتأنيب الضمير، وهذا ينبغي إحياؤه، فعلى الإنسان إذا وقع بعمل سوء أن يشعر بإحساس داخلي أنه قد أساء، وأنه قد أخطأ ويلوم نفسه هذا اللوم القلبي يدفعه إلى كراهيه هذا الخلق السيء، فهو دائم المحاسبة قبل العمل وبعده فهو بين محاسبتين.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حَاسِبُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُوزَنُوا"(3).
وقال ابن أبي مُلَيكَةَ: "أدركتُ ثَلاثِينَ مِن أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم كلُّهم يخافُ النِّفاقَ على نَفسِهِ"(4).
فمحاسبة النفس أمر ضروري، وهذا اللوم والندم جزء من التوبة، بل
(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس"(38)، وينظر "إغاثة اللهفان"(1/ 157).
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس"(34).
(3)
سنده جيد. أخرجه أحمد في الزهد (631)، وابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس"(2)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 52).
(4)
أخرجه البخاري في الإيمان (109/ 1 - الفتح) تعليقًا بصيغة الجزم، وساق سنده في "التاريخ الكبير"(137/ 5) ترجمة رقم (412)، ووصله الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق"(52/ 2).