الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المراتب يطبق فيها أحكام التلاوة.
أما (الترتيل): وهو قراءة القرآن بِتُؤَدةٍ وطُمأنينةٍ مع تدبر المعاني، ومراعاة أحكام التجويد.
وأما (الحَدْر): فهو قراءة القرآن بسرعة دون إخلال مع مراعاة أحكام التجويد.
وأما (التدوير): فهو قراءة القرآن بحالة متوسطة بين الترتيل والحدر في القراءة مع مراعاة الأحكام، وهي تلي الترتيل في الأفضلية (1).
ولكن نحن مع كثرةٍ من الناس تقرأ بعجلة دون تدبر ولا فهم للمعاني، وتسرع في القراءة دون خشوع ولا مراعاة لأحكام التجويد والفهم والتدبر، وهذا ما يعرف عند القراء بالهذ، أو الهذرمة وهو خروج القراءة عن الخشوع والتدبر مع العجلة.
*
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التلاوة:
أعلم -أيها الودود- أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة الترتيل والتؤدة آية آية قراءة مفسرة حرفاً حرفاً يقف على رؤوس الآيات، وفيما يأتي نتعرف على الروايات التي جاءت في هديه صلى الله عليه وسلم عن المدة والصفة التي كان يقرأ بها، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"كان صلى الله عليه وسلم لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث"(2).
وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)"غاية المريد في علم التجويد"(19).
(2)
صحيح أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(1/ 376) وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(4866).
"اقرأ القرآن في كل شهر، اقرأه في خمسٍ وعشرين، اقرأه في عشرين، اقرأه في خمسَ عشرةَ، اقرأه في سبع لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث"(1).
ووصفت أم سلمة رضي الله عنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هِيَ تَنعَتُ قِرَاءَةً مُفَسرَةً حَرفًا حَرفًا، رواه الترمذي (2923)، وقال: حسن صحيح.
ووصفت أيضاً حفصة رضي الله عنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم قولها: كَانَ يَقرَأُ بِالسورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتى تَكُونَ أَطوَلَ من أَطوَلَ مِنهَا.
وعن قتادة قال: سُئِلَ أَنسٌ رضي الله عنه كَيفَ كَانَت قِرَاءَةُ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: كَانَت مَدا ثُم قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} يمد ببسم اللهِ، وَيمُد بِالرحمَنِ، وَيمُد بِالرحِيمِ (2).
وعن أُمِّ سلمة أَنَّهَا سُئِلَت عَن قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: كَانَ يُقَطَّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} . {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} . {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)} . {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} (3).
قال أبو عمر الداني: "ومما ينبغي له أن يُقطعَ عليه رُؤوس الآي لأنهن في أنفُسهن مقاطعُ .. ، وقد كان جماعة من الأئمة السالفين والقراء الماضين يستحبون القطعَ عليهن وإن تعلق كلامُ بعضهن ببعض"(4).
(1) أخرجه أحمد (2/ 165)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(1157).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب: باب: مد القراءة (5046).
(3)
صحيح. أخرجه أحمد (6/ 302)، وأبو عمر الداني في "المكتفى في الوقف والابتداء"(145 و157) وغيرهما، وصححه الألباني في "أصل صفة الصلاة"(1/ 293) وخرجه بتوسع.
(4)
"المكتفى في الوقف والابتداء"(145).
قال العلامة الألباني: "وهذه سنة أعرض عنها جمهور القراء في هذه الأزمان؛ فضلًا عن غيرهم"(1).
ثم قال: "وهذا مطلق غير مقيد بـ: (الفاتحة)، وإنما تلتها على سبيل المثال؛ لا على طريق التحديد. قال في "الزاد" (1/ 125): "وهذا هو الأفضل: الوقوف على رؤوس الآيات؛ وإن تعلقت بما بعدها. وذهب بعض القراء إلى تتبع الأغراض، والمقاصد عند انتهائها.
واتباع هدي النبي وسنته أولى؛ وممن ذكر ذلك البيهقي في "شعب الإيمان" وغيره، ورجح الوقوف على رؤوس الآي؛ وإن تعلقت بما بعدها".
وقال الشيخ علي القاري: "أجمع القراء على أن الوقف على الفواصل وقف حسن؛ ولو تعلقت بما بعدها" اهـ.
قلت: هذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة لكتاب الله سبحانه، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، أما أصحاب العواطف الذين يظنون أنهم يرغبون الناس في الإكثار من الختمات ولو على حساب الإخلال بأحكام التلاوة والتدبر، وفي أقل من الهدي النبوي، فإنهم يخالفون النبي صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا، بل تصبح القراءة عندهم أشبه بالهذا لا سيما إذا خلت أيضاً من التدبر والفهم، ومراتب التلاوة الأربع عندما يذكرها العلماء فإنهم يذكرون بالحد المحمود فيها لتحقيق أحكام التلاوة والتدبر، وما سواها فمذموم هذَّا أو مطًا.
(1)"أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"(1/ 294).