الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا، قال: فسلمُ منك الديلم والسند والهند والروم، وليس يسلمُ منك أخوكَ هذا؟! فلم يعد سفيانُ إلى ذاك (1).
فالمحب يدافع عن أحبابه بالحق كما يدافع عن نفسه أمامهم أو بظهر الغيب، وينتصر لهم، ويقف بجانبهم ويدفع عنهم، طمعًا في العتق من النار، وفي الحديث:"انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا .. "(2).
11 -
العفو عن الزلات والهفوات ومُقَابلة الإساءة بالإحسان
.
قال تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237].
وقال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]
وفي الأمثال: قَرِينُكَ سَهمُكَ يُخطِئ وَيُصِيبُ
يضرب في الإغضاء على ما يكون من القرناء.
* صورة مشرقة في العفو:
عن علي بن زيد قال: بلغ مصعبَ بن الزبير رضي الله عنه عن عريف الأنصار شيء؛ فهمَّ به، فدخل عليه أنس بن مالك رضي الله عنه فقال له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استوصوا بالأنصار خيرًا -أو قالَ: معروفًا-؛ اقبلُوا من مُحسِنهم، وتجاوزُوا عن مُسيئهم"(3).
قال الحريري:
سامح أخاكَ إذا خَلَط
…
منهُ الإصابةَ بالغلط
(1)"شعب الإيمان"(6773) للبيهقي.
(2)
أخرجه البخاري في المظالم (2443 - فتح) عن أنس رضي الله عنه.
(3)
أخرجه أحمد (3/ 241)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(959)، وينظر "الصحيحة"(3509).
وتجافَ عن تعنيفهِ
…
إن زاغَ يومًا أو قَسَطْ
وَاقنَ الوفَاءَ ولو أَخلَّ
…
بما اشترطتَ وما اشترط
واعلم بأنَّكَ إن طلبتَ
…
مُهذَّبًا رُمتَ الشَّطط
من ذا الذي ما ساءَ قط
…
ومن لهُ الحُسنى فَقَط
وقال غيره:
سامحْ صديقكَ إن زَلت به قَدمٌ
…
فليس يَسلمُ إنسانٌ مِنَ الزّللِ
قال الماوردي رحمه الله:
"فأمَّا العفو عن الهفوات: فلأنه لا مُبرأ من سَهو وزَلل، ولا سليم من نقص أو خَلَل، ومَن رام سليمًا من هفوة، والتمس بريئًا من نبوة، فقد تعدى على الدَّهر بشطَطه، وخادع نفسه بغلطه، وكان من وجود بغيته بعيدًا، وصار باقتراحه فردًا وحيدًا، وقد قالت الحكماء: لا صديق لمن أراد صديقًا لا عيب فيه"(1)
قال الشاعر:
ومن لم يغمضْ عينَهُ عن صديقه
…
وعن بعضِ مافيه يَمُت وهو عاتبُ
ومن يَتَتَبَّع جاهدًا كلَّ عثرةٍ
…
يجدها ولم يسلم له الدهرَ صاحبُ
وقال آخر:
إذا كنتَ في كل الأمور معاتبًا
…
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبُه
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
…
كفى المرء نبلًا أن تعد معايبُه
قال النابغة:
ولَستَ بِمُستَبقٍ أخًا لا تلُمُّهُ
…
عَلَى شَعَثٍ أيُّ الرِّجالِ المُهَذَّبُ؟
(1)"أدب الدنيا والدين"(531).