الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الحديث رد على المبتدعة الذين استبدلوا الأذكار النبوية التوقيفية كأذكار دخول المسجد والخروج منه أو الطعام والشراب، أو الركوع والسجود، وغيرها بأوراد بدعية قال شيخنا العلامة الألباني رحمه الله:"لفظ (الرسول) أعم من لفظة (النبي)، ومع ذلك رده النبي، مع أن البراء قاله سهوًا لم يتعمده! فأين منه أولئك المبتدعة الذين لا يتحرجون من أي زيادة في الذكر، أو نقص منه؟! فهل من معتبر؟ "(1).
قلت: كما أنه لا يجوز ابتداع ذكر معين لم يأت في الكتاب والسنة، وتفضيله واضفاء الفضيلة عليه بأنه للشفاء أو تفريج الكرب، أو للبركة أو طرد الشيطان.
14 - الاهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم
-.
الهدي هي الطريقة والسيرة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أفضل الطرق وأحسنها، وأكملها وأتمها. يقال: فلان يهدي هَديَ فلان: يفعل مثل فعله ويسير سيرته، وما أَحسن هَديَه! أي سَمتَه وسكونه. وفلان حَسنُ الهَدي والهِديةِ أى الطريقة والسيرة، وما أَحسَنَ هديَتَهُ وهَديَة أيضاً، بالفتح أي سيرته.
قلت: فالهدي الطريقة التي كان يسير عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سمته وسلوكه وعبادته.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا خَطَبَ احمَرَّت عَينَاهُ، وَعَلَا صَوتُهُ، وَاشتَدَّ غَضَبُهُ. حَتَّى كَأنَّهُ مُنذِرُ جَيشٍ، يَقُولُ: صَبَّحَكُم
(1) ينظر "حاشية صحيح الترغيب"(1/ 319) الطبعة الثالثة.
وَمَسَّاكم. وَيقُولُ: "بُعِثتُ أَنا وَالساعَةُ كهَاتَينِ" وَيقرُنُ بَينَ إِصبَعَيهِ السَّبابَةِ وَالوسطَى. وَيقُولُ: "أَمَّا بَعدُ. فَإن خَيرَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَخَيرُ الهُدَى هدىَ محمد، وَشَر الأُمُورِ مُحدثاتهَا، وَكُل بِدعَةٍ ضَلَالَة .. "(1).
قال الإمام النووي: "خير الهدى هدى محمد، أي أحسن الطرق طريق محمد صلى الله عليه وسلم. يقال: فلان حسن الهدى، أي الطريقة والمذهب"(2).
عن عائشة رضي الله عنها قَالَت: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَحدَثَ فِي أَمرِنَا هَذَا مَا لَيسَ مِنهُ فَهُوَ رَد"(3).
قلت: وكل من اتخذ طريقة تخالف طريقته، فقد أضاع الهدى وضل الطريق، بل من الناس من يبتدع في دين الله، وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، ومنهم من يهدي بغير هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويحدث في دين الله ما هو رد، ولا شك أنهم دعاة على أبواب جهنم نعوذ بالله منهم.
عن حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه يقول: كان الناسُ يسألونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنِ الخير، وكنتُ أسألُهُ عنِ الشرِّ مخافةَ أن يُدركَني، فقلتُ: يا رسول الله، إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍّ؛ فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعدَ هذا الخير من شر؟ قال:"نعم". قلتُ: وهل بعد ذلك الشرِّ من خير؟ قال: "نعم وفيه دَخَن". قلتُ: وما دَخَنُه؟ قال: "قومٌ يَهدونَ بغير هَدْيي، تَعرفُ منهم وتُنكر"، قلتُ: فهل بعدَ ذلك الخير من شرّ؟ قال: "نعم، دُعاةٌ على أبوابِ جهنمَ،
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة (867)، وأحمد (3/ 371)، والنسائي وابن ماجه.
(2)
"صحيح مسلم بشرح النووي"(6/ 154).
(3)
متفق عليه.
مَن أجابهم إليها قَذَفوهُ فيها" (1).
ويدخل في ذلك الغلو والتنطع، والله سبحانه جعل لنا أسوة حسنة، هو رسولنا سيد الأولين والآخرين.
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21]
واتهم بعض المبتدعة الجهلة دعاة السنة بأنهم جامدون، وأنهم يمنعون الاحتفال بالمولد النبوي، وأن الحب الحقيقي في إحياء مولده، ونظم في ذلك قصيدة باهته نشرها في إحدى الصحف الكويتية، وكنت قد رددت عليه بما يلجم فاه، فكان المتلون يظهر لأهل السنة بأنه معتدل، يغش بذلك ضعاف العقيدة.
بدعة الاحتفال بالمولد النبوي والرد على بعض المبتدعة
الكلُّ يشهدُ أننا لا نرتدي
…
ثوبًا يليقُ بجامدٍ مُتَبلدٍ
ملأ المحافلَ بالضجيجِ تفاهةً
…
يبغي النوالَ من الأعزِ الأرشدِ
جعلَ الظلامَ دليلَهُ في بدعةٍ
…
إذ سارَ يحثو من سوادٍ مُربدِ
غشّ العيونَ بزعمهِ عن حبهِ
…
والصدقُ ينفرُ من كذوبٍ مُفسدِ
ما الحبُّ إلا نفحُ طيبٍ رجعهُ
…
خطوٌ سديدٌ في الطريق الأرشدِ
من يقتفي هدي النبيِّ محمدٍ
…
يغدو مثالًا للمطيعِ المهتدي
لكنَّ قومًا مدّعون لحبهِ
…
دعوى جهولٍ مُبطلٍ مترددِ
(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (3606 فتح).