الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صنعه يهودي في المدينة، للنبي صلى الله عليه وسلم، وما كان من أثره فيه "أثارت هذه الأحاديث جدلًا، فيما إذا كان للسحر تأثير حقيقي في النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما إذا كان هذا يتفق مع العصمة النبوية، حيث يكون إمكان لصدور شيء من النبي صلى الله عليه وسلم، لا يكون وحيًا ولا صوابًا".
4 - المفسر والمتشابه:
عرفنا مما سبق أن السيد دروزة، يرى في كلمة {مُحْكَمَاتٌ} ، أنها تعني الآيات التي فيها أهداف الدعوة وأسسها ومبادؤها المحكمة التي لا مجال فيها للتأويل والتمحل والاشتباه والأخذ والرد، كالآيات التي تقرر وحدانية الله وشمول ربوبيته وكمال صفاته وتنزهه عن آية شائبة، وتسفه الشرك وما لا يليق بالله من ولد ومعين ومساعد، وكالآيات التي تبين الحلال والحرام، وما يجب التخلق به من فاضل الأخلاق الاجتماعية والشخصية، وما يجب اجتنابه من رذيل الأخلاق وسيئها، وتشرع ما يقتضي تشريعه من أمور الدين والدنيا (1).
ويرى أن كلمة {مُتَشَابِهَاتٌ} تعني "ما يمكن أن يشتبه في لفظه أو مدلوله على الأفهام ويكون فيه مجال للتحمل والجدل"(2). ويقيس على هذا كثيرًا مما جاء في القرآن، "من تشبيهات وتمثيلات وتعبيرات أسلوبية في صدد صفات الله وحركاته وأعضائه ولوحه وكرسيه وعرشه وكونه، وفي صدد صفات الجنة والنار ومشاهد الآخرة والملائكة والقصص والمعجزات والجان والشياطين
…
إلخ". ويرى في هذا وسائل لتدعيم المحكم في القرآن على مختلف أنواعه وحدوده.
(1) التفسير الحديث، ج 8، ص 77، عند تعليقه على آية {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7].
(2)
التفسير الحديث، ج 8، ص 78.
فالذي نلاحظه من تحديد مفهوم كلمتي {مُحْكَمَاتٌ} و {مُتَشَابِهَاتٌ} عند السيد دروزة، أنه يحاول أن لا يقف فيهما عندما ورد من أقوال العلماء، بل تجده جمع بين أكثر هذه الأقوال، وأضاف إليها من عنده، ورد بعضها الآخر الذي لا يجد فيه وجاهة رأي، كما يزعم ويعرف القرآن بعد ذلك بأنه "محتوٍ نوعين من المجموعات والفصول، واحد محكم أساسًا وجوهرًا، وآخر بمثابة الوسائل والتدعيم، يحتمل أن يكون بأساليب تشبيهية وتمثيلية وترغيبية وقصصية وتذكيرية وحجاجية وتنويهية وتأنيبية وما في نطاق الغيبيات، ويحتمل أن تتعدد وجوه تأويله"(1).
والذي يلفت الانتباه أن الأستاذ دروزة رحمه الله الذي يعتمد في تفسيره على ما وجده في خزانة الآستانة من كتب التفسير، لم يحط علمًا بجميع أقوال العلماء، ويزعم أنه لم يجد من أقوالهم موافقًا لهذا التقسيم للمحتوى القرآني، فنجده يقول:"وفي هذا فيما نعتقد قول حاسم يجب الوقوف عنده، وفيه بسبيل التعريف بالقرآن ما فيه، من قوة وروعة وحكمة وتلقين، ونسأل الله أن يكون فيما نقرره الصواب والسداد ونستغفره إن كنا مخطئين"(2).
هذا وعند تناوله لآيات المتشابه، نجده ينوه بجدارة الأخذ برأي السلف من أهل السنّة "وهو عدم البحث والجدل في الماهية والكيفية، مع تنزيه الله سبحانه عن الجسمانية والجهة والحدود، والحاجة إلى أي شيء، والمماثلة لخلقه في أي شيء، عملًا بالضابط القرآني المحكم، هو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] "(3). ويذكر أن الألفاظ والصفات التي تنسب إلى الله سبحانه: الأعضاء الجارحة والحواس ووظائفها، من المواضيع الجدلية بين علماء الكلام. ويرى في إثبات بعضهم الجارحة لله سبحانه، تزيدًا في التأويل لا يحتمله سياق الآيات القرآنية وروح التعبير فيها،
(1) التفسير الحديث، ج 8، ص 78.
(2)
التفسير الحديث، ج 8، ص 78.
(3)
التفسير الحديث، ج 1، ص 56.