المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10 - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها: - التفسير والمفسرون في العصر الحديث - فضل عباس - جـ ٣

[فضل حسن عباس]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌منهج الأستاذ أبي الأعلى المودودي (ت 1399 هـ / 1979) في التفسير

- ‌الجزء الأول: من الفاتحة إلى آل عمران

- ‌حياته:

- ‌مقدمة:

- ‌جمع القرآن:

- ‌اختلاف اللهجات:

- ‌الشمولية:

- ‌دستور كامل:

- ‌مقترحات حول الدراسة:

- ‌منهجه في التفسير

- ‌تقديمه بين يدي السورة:

- ‌إبرازه هداية القرآن:

- ‌موقفه من القضايا اللغوية:

- ‌موقفه من المسائل العقدية:

- ‌موقفه من الخلافات الفقهية:

- ‌مقدمات تاريخية للآية:

- ‌عنايته بأسباب النزول:

- ‌إقلاله من الاستشهاد بالأحاديث:

- ‌رده على بني إسرائيل:

- ‌رده الشبهات:

- ‌وقوعه في الإسرائيليات:

- ‌منهجية مضطربة:

- ‌ملاحظة السياق:

- ‌تفسير سورة النور

- ‌توسعه في المسائل الفقهية:

- ‌رأيه في حجاب المرأة:

- ‌موقفه من الاستشهاد بالأحاديث:

- ‌تحليل الألفاظ:

- ‌الوعظ والإرشاد:

- ‌موقفه من المسائل البيانية:

- ‌عنايته بالمناسبة:

- ‌عقيدة التنزيه:

- ‌منهج الشيخ سعيد حوى (ت 1989) في تفسيره

- ‌حياته

- ‌ تفسيره

- ‌تقسيمه القرآن والسور:

- ‌القرآن وحدة واحدة:

- ‌موقفه من التفسير المأثور:

- ‌موقفه من أسباب النزول:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ مصادره

- ‌عنايته بالقضايا الفقهية:

- ‌قضايا العقيدة في التفسير:

- ‌موقفه من القضايا اللغوية:

- ‌موقفه من القراءت:

- ‌استطراداته:

- ‌أثر ثقافته وتجاربه على تفسيره:

- ‌منهج الإمام الشنقيطي (ت 1393 هـ/1973 م) تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن

- ‌القسم الأول

- ‌أولا: ترجمة الإمام الشنقيطي

- ‌مؤلفاته:

- ‌عقيدته:

- ‌ثانيا: التعريف بالتفسير:

- ‌ثالثا: ملاحظات على القضايا المنهجية في التفسير:

- ‌منهح الشيخ في تفسيره:

- ‌أولا: القراءات القرآنية:

- ‌ثانيا: موقفه من المبهمات:

- ‌ثالثا: الإسرائيليات:

- ‌رابعا: ذكره أقوال العلماء:

- ‌خامسا: منهجه في التوثيق:

- ‌سادسا: تفسيره للآيات العلمية من خلال مشاهداته:

- ‌سابعا: قلة عنايته بالقضايا البيانية:

- ‌ثامنا: موقفه من المخالفين:

- ‌تاسعا: ملاحظات على القضايا العلمية:

- ‌أ- قضايا اللغة:

- ‌ب - قضايا أخرى:

- ‌عاشرا: نماذج من تفسير الشيخ رحمه الله من أضواء البيان:

- ‌القسم الثاني تتمة الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله

- ‌أولا: ترجمة الشيخ عطية محمد سالم

- ‌مؤلفات الشيخ عطية:

- ‌ثانيًا: ملاحظات على تفسير الشيخ عطية محمد سالم

- ‌ميزات تفسير الشيخ عطية:

- ‌ثالثا: نماذج من تفسير الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله:

- ‌منهج الأستاذ محمد عزة دروزة رحمه الله (ت 1984 م) في التفسير الحديث

- ‌التعريف بالمؤلف:

- ‌المولد والنشأة:

- ‌في ميدان العمل:

- ‌في ميدان التربية والتعليم:

- ‌الحفاظ على الأوقاف الفلسطينية:

- ‌مشاركته في الحركة القومية:

- ‌إنتاجه الفكري:

- ‌وفاته:

- ‌ القرآن المجيد

- ‌أولا: الخطة المثلى لفهم القرآن:

- ‌1 - القرآن والسيرة النبوية:

- ‌2 - البيئة النبوية:

- ‌3 - اللغة القرآنية:

- ‌4 - القرآن أسس ووسائل:

- ‌تقسيم ليس فيه دقة ولا موضوعية:

- ‌5 - القصص القرآني:

- ‌ادعاؤه معرفة العرب للقصص القرآني ومناقشة أدلته:

- ‌زعم معرفة الرسول الكريم بهذا القصص قبل الوحي:

- ‌النصوص الصريحة تشكُل على المؤلف وتحيِّره:

- ‌صحة القصص القرآني وعدم تناقضه:

- ‌6 - الملائكة والجن في القرآن:

- ‌7 - مشاهد الكون ونواميسه:

- ‌8 - الحياة الأخروية في القرآن:

- ‌9 - ذات الله في القرآن:

- ‌10 - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها:

- ‌11 - فهم القرآن من القرآن:

- ‌ثانيًا: تعليقاته ومآخذه على المفسرين ومناهجهم:

- ‌تعليقه على روايات أسباب النزول:

- ‌ثغرات حذر منها العلماء:

- ‌ثغرات مزعومة:

- ‌التفسير المثالي كما يراه المؤلف:

- ‌منهجه في التفسير:

- ‌ترتيب يشذ به عن المفسرين:

- ‌الأدلة التي اعتمدها ومناقشتها:

- ‌محاذير هذه الطريقة:

- ‌عدم تأديتها للنتائج التي قصدها المؤلف وأمثلة ذلك:

- ‌1 - آيات التحدي:

- ‌2 - آيات الإسراء والمعراج:

- ‌نماذج من تفسير المؤلف:

- ‌تعبير غير دقيق:

- ‌سورة التكوير:

- ‌رأيه في بعض مسائل التفسير:

- ‌1 - فواتح السور:

- ‌رده القول برمزية الحروف:

- ‌إيراده أقوالًا غير معتبرة في تفسير هذه الحروف:

- ‌تعليله لكثرة الحروف أو قلتها:

- ‌رد هذا التأويل:

- ‌2 - المفسر والآيات الكونية:

- ‌نماذج من هذا التفسير:

- ‌تعليقنا على هذا المنهج:

- ‌3 - رأيه في السحر:

- ‌4 - المفسر والمتشابه:

- ‌نماذج من التفسير:

- ‌رأينا في هذا المنهج:

- ‌5 - آيات الأحكام:

- ‌ذكره تفريعات في تفسير آيات الأحكام وادعاؤه أن العلماء لم يتطرقوا إليها:

- ‌ضعفه في أدوات التفسير:

- ‌اضطراب يشوش على القراء:

- ‌استطراد:

- ‌بيانه لحكمة التشريع:

- ‌رأينا في هذا المنهج:

- ‌6 - الأستاذ دروزة وآيات الجهاد:

- ‌مناقشة تلك الآراء:

- ‌ملاحظات على التفسير:

- ‌7 - المفسر يعتمد على الإسرائيليات في مواضع متعددة:

- ‌أ - القصص:

- ‌ب- مشاهد الكون ونواميسه:

- ‌الأستاذ دروزة يرد على حملات المستشرقين:

- ‌تقييم التفسير:

- ‌منهج الشيخ عبد القادر ملا حويش العاني (ت 1398 هـ/1978 م) في بيان المعاني

- ‌1. نبذة عن حياة المؤلف:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌المناصب الإدارية التي تقلدها:

- ‌أوصافه:

- ‌حوار مع ولده:

- ‌مؤلفاته:

- ‌قصة كتابة التفسير:

- ‌2. التعريف بكتابه:

- ‌3. منهجه في التفسير:

- ‌ركاكة وتناقض:

- ‌اثنا عشر مطلبا يذكرها المؤلف:

- ‌الأصول التي اتبعها:

- ‌نماذج من التفسير:

- ‌1 - تفسيره للحروف المقطعة:

- ‌2 - مخالفته لصريح القرآن وصحيح الحديث:

- ‌3 - إخراج النصوص عن دلالاتها:

- ‌4 - يستشهد بافتراءات بني إسرائيل على أنبيائهم:

- ‌5 - حديث خرافة:

- ‌6 - اعتقاده بصحة قصة الغرانيق:

- ‌7 - إيراده للخرافات وجهله بالسنّة:

- ‌8 - قصة بلقيس:

- ‌9 - غرائبه في الإسراء والمعراج:

- ‌أ- المعجزات بين يدي الإسراء:

- ‌ب- المعجزات في أثناء الإسراء:

- ‌ج- المعجزات في أثناء المعراج:

- ‌10 - تناقضه في إثبات رؤية الله عز وجل في الدنيا:

- ‌11 - تضعيفه للأحاديث الصحيحة واستشهاده بالموضوعات:

- ‌12 - إمعانه في الخرافات:

- ‌13 - تخبطه في التفسير:

- ‌14 - جهله ببدهيات اللغة والتاريخ:

- ‌15 - إغرابه في كل شيء:

- ‌16 - رده للسنّة والإجماع:

- ‌إشفاقنا على المفسر وتحذيرنا من تفسيره:

- ‌تفسير الأستاذ أحمد مظهر العظمة (1327 - 1403 هـ/1909 - 1982 م)

- ‌1. منهجه في التفسير:

- ‌2. نماذج من التفسير:

- ‌أ- من سورة الملك:

- ‌ب- النسق الفني في سورة المرسلات:

- ‌ج- آيات من سورة لقمان:

- ‌الصور البيانية:

- ‌3. الإشارات العلمية في الآيات:

- ‌1 - الشمس والقمر بحسبان:

- ‌2 - والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون:

- ‌4. بيانه للقيم الدينية والاجتماعية والخلقية:

- ‌3 - المفسر وآيات التشريع:

- ‌4 - رأينا في التفسير:

- ‌منهج العلامة محمد الطاهر بن عاشور (ت 1393 هـ/1973 م) في تفسير التحرير والتنوير

- ‌حياته:

- ‌قراءاته وأهم شيوخه حتى عام 1899 م:

- ‌مؤلفاته وكتاباته:

- ‌أولًا: مؤلفاته المطبوعة

- ‌ثانيًا: ومن كتبه المخطوطة:

- ‌المنهج العام لابن عاشور في تفسيره

- ‌القسم الأول: مقدمات التفسير:

- ‌القسم الثاني: مدخل إلى تفسير السورة الكريمة:

- ‌رأي الشيخ في ترتيب سور القرآن الكريم:

- ‌الثاني: ترتيب السور حسب النزول:

- ‌طريقة ابن عاشور في تفسير السورة:

- ‌قضايا علوم القرآن في تفسيره:

- ‌1. الحديث عن الحروف المقطعة في أوائل السور:

- ‌2. الأحرف السبعة:

- ‌3. منسوخ التلاوة:

- ‌اهتمام الشيخ باللغة:

- ‌تناوب حروف الجر:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا البلاغية:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا العقدية:

- ‌عنايته بآيات الأحكام:

- ‌نكاح المتعة:

- ‌نكاح الربيبة:

- ‌الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة (ت 1974 م) في زهرة التفاسير

- ‌تعريف بالشيخ محمد أبو زهرة:

- ‌صفاته- سعة علمه ومبدؤه:

- ‌المؤلفات والبحوث:

- ‌أشهر مؤلفاته وكتبه:

- ‌وفاته:

- ‌المنهاج الذي اتبعه الشيخ:

- ‌التفسير بالرواية (المأثور):

- ‌هل النبي صلى الله عليه وسلم فسر القرآن الكريم كله

- ‌تفسير القرآن بالراي:

- ‌الطريقة المثلى:

- ‌تفسير القرآن بالعلوم:

- ‌علم الكلام وأراء الفقهاء:

- ‌النسخ في القرآن الكريم:

- ‌المحكم والمتشابه:

- ‌القراءات القرآنية:

- ‌الشيخ لا يبين القراءة المتواترة من الشاذة:

- ‌مناسبة معجزة كل نبي لقومه:

- ‌نزول الفاتحة:

- ‌سورة الرعد مدنية:

- ‌رأيه في بعض مسائل التفسير:

- ‌رأيه في القتال:

- ‌رأيه في ترتيب نزول آيات الخمر:

- ‌قصة البقرة:

- ‌ رأيه في قتال الملائكة يوم بدر:

- ‌ترجيحات الشيخ:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا اللغوية:

- ‌ عنايته بالقضايا البلاغية:

- ‌رأيه في التكرار:

- ‌رده القول بالزيادة:

- ‌القول بتناوب الحروف:

- ‌معنى الباء في بسم الله:

- ‌الفعل المحذوف بعد (بسم الله):

- ‌حروف النداء:

- ‌معنى الباء في قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}:

- ‌تأثره بالعلم الحديث:

- ‌1 - تفسيره للرعد:

- ‌2 - تفسيره لقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}:

- ‌ملاحظات حول التفسير:

- ‌منهج الشيخ عبد الكريم الخطيب (ت 1985 م) في التفسير القرآني للقرآن

- ‌أولًا: تعريف بالمفسر عبد الكريم الخطيب:

- ‌ثانيا: التعريف العام بتفسير الخطيب:

- ‌ثالثا: المعالم الأساسية في منهج الخطيب في تفسيره:

- ‌1 - اهتمامه بعلوم القرآن:

- ‌2 - اهتمامه بمسائل العقيدة:

- ‌موقفه من المشيئة:

- ‌موقفه من عقيدة تناسخ الأرواح:

- ‌موقفه من الستة أيام:

- ‌دفاع الخطيب عن عصمة الأنبياء:

- ‌موقفه من الاستواء:

- ‌موقفه من الرؤية:

- ‌تصوره ليوم القيامة:

- ‌3 - المنهج الفقهي عند الخطيب:

- ‌إحياء فن النحت وصنع التماثيل:

- ‌مسألة مس المحدث للمصحف:

- ‌تفسير الخطيب لمصارف الزكاة:

- ‌رأي الخطيب في الخمر:

- ‌4 - الاتجاه الاجتماعي في تفسير الخطيب:

- ‌5 - اهتمامه بالقضايا السياسية:

- ‌6 - الإعجاز القرآني عند الخطيب:

- ‌الإعجاز في النظم:

- ‌الإعجاز في الكلمة القرآنية:

- ‌الإعجاز الموسيقي في القرآن الكريم:

- ‌الإعجاز العلمي عند الخطيب:

- ‌7 - مخالفته آراء العلماء والمفسرين:

- ‌8 - ظهور التناقض في بعض آرائه:

- ‌رأيه في المحكم والمتشابه:

- ‌نفقة العدة للمطلقة طلاقًا بائنًا:

- ‌موقف الخطيب من الحروف المقطعة:

- ‌9 - ظهور بعض الآراء الخطيرة:

- ‌القول بنظرية النشوء والارتقاء:

- ‌جرأة الخطيب على آيات كتاب الله:

- ‌الدعوة إلى وحدة الأديان:

- ‌10 - تعامله مع الروايات:

- ‌رد الأحاديث الصحيحة:

- ‌إهماله أسباب النزول:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌11 - دفاعه عن الإسلام والقرآن:

- ‌تعدد الزوجات:

- ‌الإسلام والجنس:

- ‌شبهة انتشار الإسلام بالسيف:

- ‌موقف الخطيب من الحروف الزائدة والأقسام المنفية:

- ‌ظاهرة التكرار في القصة القرآنية:

الفصل: ‌10 - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها:

منسجم مع ما قرره من قبل من أن العرب كانوا يعرفون كلّ شيء. فالحديث عن الآخرة كغيرها من القصص والمشاهدات والجن، أمور معلومة عند العرب ومعروفة لديهم. ويزيد هنا بأنها جاءت على سبيل التقريب والتشبيه، والأغرب من هذا أنه يعدّها من الوسائل التدعيمية، وذلك لأنه يقسم القرآن كما علمنا إلى أسس ووسائل، مع أن الحياة الآخرة من أهم الأسس التي جاء القرآن، ليثبت في القلوب الإيمان بها، وأن الدنيا بكل ما فيها ليست شيئًا يذكر بالنسبة للَاخرة، بقي أن يقال إن أخبار القرآن عن الآخرة، إنما هي حقائق، لا على سبيل التقريب والتشبيه كما توهّم.

‌9 - ذات الله في القرآن:

يرى المؤلف أن ما ورد في القرآن من حديث عن الله وصفاته، منه ما جاء على سبيل التقريب، كاليد والنفخ والاستواء والقبض والطي، ومنه ما جاء ضوابط لمنع إرادة المماثلة، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] وملاحظة هذا بالنسبة للمفسر، وبالنسبة لكون هذه من خطة التفسير، مهمة كما يقول:"وتجعله يقف - أي المفسر - من هذه التعابير والأسماء والصفات، عند الحد الذي وقف عنده القرآن، ويفهم منها الأهداف التي استهدف تقريرها بها دون تزيد ولا تكلف ولا تمحّل"(1) وسنعلق على هذا حينما نتعرض للتفسير.

‌10 - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها:

يقول: "إن أكثر الفصول والمجموعات في السور القرآنية، متصلة بالسياق ترتيبًا أو موضوعًا، أو سبكًا أو نزولًا وأن فهم مداها ومعانيها وظروفها الزمنية والموضوعية وخصوصيتها وعموميتها وتلقينها وتوجيهها وأحكامها، فهمًا صحيحًا

(1) القرآن المجيد، ص 198.

ص: 172

لا يتيسر إلا بملاحظة تسلسل السياق والتناسب

" (1). ويحاول المؤلف هنا أن يطبق هذا تطبيقًا عمليًا من نواحٍ ثلاث:

تفسير الآيات القرآنية - روايات أسباب النزول - ومسائل الهداية والإضلال.

أ - تفسير الآيات القرآنية:

إن بتر الآية في رأيه لا يجوز، ويمثل ذلك بآيات كثيرة نورد منها ثلاثًا:

1 -

{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 96].

2 -

{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36].

3 -

{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3].

"أما الآية الأولى، فقد استدل بها مذهب كلامي معين على خلق الأفعال، (2) ولو أن الآية أخذت كمفصل متصل بالسياق، ما كانت لتحصل تلك المشادة الكلامية في تفسير تلك الآية، فالآية واضحة في النهي عن عبادة الأصنام التي ينحتونها ويعملونها كما يبينه السياق، {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَال أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 94 - 96].

وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} ، فإنه يقول فيها: "إن أكثر المفسرين قالوا إنها آية السيف، ونسخوا بها آيات محكمات، وبتروها عما بعدها، فنظروا إلى قوله تعالى:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} ، دون النظر إلى قوله:{كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} . ولا أعلم أن أكثر المفسرين - كما

(1) القرآن المجيد، ص 199.

(2)

يعني الأشاعرة.

ص: 173

ذكر المؤلف - قالوا: إنها آية السيف، أو نسخوا بها محكمًا، كما لا أعرف مفسرًا واحدًا بتر هذه الجملة القرآنية وحدها، دون النظر إلى ما بعدها، والعجيب من المؤلف كيف ينقل هذا القول متهمًا المفسرين بعدم الدقة والموضوعية وفهم السياق القرآني.

وفي الآية الثالثة: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، يقول المؤلف: "فكثير من المفسرين ينظرون إلى هذه الآية مستقلة عن سابقتها، ويحارون في تأويل جملة {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالوا} حتى قال غير واحد منهم: إن الجملة من مشكلات القرآن، واضطروا إلى اعتبار (لما) بمعنى (عن ما)، وقالوا إن الجملة تعني: ثم يرجعون عما قالوا عنه ويرغبون في معاشرة أزواجهم، أو إلى تأويلات أخرى، هذا مع أن الآية متصلة كلّ الاتصال بسابقتها، فلو لوحظ ذلك لما كان هناك محل لهذه الحيرة والإشكال والتأويل.

فالآية الأولى نددت بالمظاهرين والظهار، عَدَّته عملًا منكرًا، ثم انتهت بمقطع {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} [المجادلة: 2]. فكأنما تقدمت باستنكار الظهار من حيث المبدأ، وتقرير أن الله يعفو ويغفر للمظاهرين، قبل نزول هذا الاستنكار، وبالتالي قبل نزول الآيتين على اعتبار أنه لم يكن مستنكرًا ومنهيًا عنه.

ثم أعقبتها الثانية لتقرر الحكم الإسلامي، فالذين يعودون إلى ما نهوا عنه واستنكروا، أي: الظهار، بعد ذلك الاستنكار والوصف، تجب عليهم الكفارة قبل معاشرة أزواجهم؛ لأنهم يكونون قد أتوا بعمل عده القرآن منكرًا وزورًا" (1).

وهذا القول لا يحل الإشكال الذي نقله المؤلف عن كثير من المفسرين، بل لقد زاد المسألة تعقيدًا، فإن هذا القول لا يتفق مع السياق ولا مع المأثور، أما أنه لا

(1) القرآن المجيد، ص 201.

ص: 174

يتفق مع السياق فذلك أمر ظاهر، وأما أنه لا يتفق مع المأثور فلأن السنّة الصحيحة طلبت من زوج خولة الكفّارة مع أنه ظاهَرَ قبل نزول الآيات (1).

ب - روايات أسباب النزول:

ومما يتعلق بهذا الموضوع، ومن المآخذ التي يأخذها المؤلف على المفسرين، رواياتهم لأسباب النزول، وتعدد هذه الروايات حينًا، ومخالفتها للسياق حينًا آخر، ونكتفي بذكر مثالين مما ذكر المؤلف:

الأول: ما روي عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة كنا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء فنزلت:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)} [التوبة: 79].

الثاني: روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رجلين من قريش وختنًا لهما من ثقيف، كانوا في بيت، فقال بعضهم لبعض: أترون أن الله يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه، لقد يسمع كله. فنزلت الآية:{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)} [فصلت: 22](2).

(1) رأينا المفسر عند تفسيره لهذه الآيات، يفسر اللام بمعنى (عن) ويقول: إنه مضطر لهذا التفسير وإن كان قلقًا مضطربًا، مستدلًا بما ورد في آية النجوى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة: 8]، فإن اللام هنا لا يمكن أن تكون بمعنى (عن) فلا يمكن أن تكون في آية الظهار كذلك - كما يقول - مع أن أدنى معرفة بأساليب اللغة وفن التعبير، تمكن القارئ أو الدارس من إدراك الفرق من حيث المعنى بين الموضوعين.

(2)

صحيح البخاري، 4816. مسلم، 2775.

ص: 175

ومنشأ الخطأ كما يصوره المؤلف أن الآية الأولى نزلت في سياق غزوة تبوك، فكيف تأتي تلك الرواية التي تمزق السياق، وتقطع الصلة بين الآيات، وتوهم أن الآية نزلت منفردة.

والحق الذي يجب تقريره أن سورة براءة نزل جلّ آياتها في غزوة تبوك، وقد جاءت هذه الآية الكريمة:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ .... } في أثناء الحديث عن غزوة تبوك، فليس هناك تمزيق للسياق، وقطع للصلة، ولا إبهام أنَّها نزلت منفردة، والمتأمل لسورة براءة يجد حديثها عن أقسام المنافقين في مواضع متعددة {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ} [التوبة: 61]، {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ} [التوبة: 64]، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: 75]، {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التوبة: 79]، إلى آخر السورة تقريبًا.

ومنشأ الخطأ في الرواية الثانية أن الآيات جاءت في مشهد من مشاهد يوم القيامة، لكن الرواية أفهمت غير ذلك.

وقد أوافق الأستاذ رحمه الله فيما ذهب إليه، وقد تكون الآية استُشهد بها على ما ذهب إليه هؤلاء، وليست سببًا للنزول (1).

3 -

مسائل الهداية والضلال:

وملاحظة السياق وتسلسل الفصول القرآنية كما يقول المؤلف، يزيل وهم التعارض والتناقض بين الآيات، وبخاصة تلك التي تتعلق بمجمل الهداية والإضلال والكفر والإيمان. ويأتي بأمثلة كثيرة لذلك، ليبين هذا الإشكال، مع أنه لا إشكال ولا لبس.

(1) راجع كتابنا: إتقان البرهان في علوم القرآن، فضل أسباب النزول.

ص: 176