الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
نذكر الأحكام بإجمال تفسير الآيات القرآنية مبينين ما يحتاج إلى بيان بالسنّة النبوية، مرجحين ما يتفق مع السنة، أو ما نراه أقرب إلى النص، كمعنى قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فإنا في هذا نأخذ بما يُفهم من السنّة.
وهكذا لا نتعرض للخلاف الفقهي إلا في أضيق دائرة، وما يوجبه علينا ذكر معاني القرآن واضحة نيرة كشأنها دائمًا، ولا نخضع هذه المعاني لآراء الفقهاء، إنما نخضع آراء الفقهاء لها؛ لأنها الحكَمُ الذي لا ترد حكومته، والقرآن هو الحاكم بالصحة لآراء الفقهاء وليس محكومًا بها.
النسخ في القرآن الكريم:
يقول العلّامة أبو زهرة: "لا بد قبل أن نبدي رأينا في النسخ في القرآن الكريم أن نقرر حقائق ثلاثًا لا بد من بيانها أو الإشارة إليها، نكتفي هنا بالإشارة إليها:
الحقيقة الأولى: أن القرآن الكريم نسخ من الشرائع السابقة التي أتى بها الوحي وهي الشرائع السماوية، فما بقي منها أبقاه القرآن الكريم، ونص على بقائها كبعض أحكام القصاص، وكتحريم الربا، وكتحريم المحرمات وغير ذلك، وكان النص عليه في القرآن الكريم دليلًا على بقائه من غير نسخ.
الحقيقة الثانية: أن النسخ جرى في السنّة، ذلك أن السنّة كما تتولى بيان الأحكام تتولى علاج المسائل الوقتية، ويختلف الحكم الوقتي في بعض الأوقات عنه في بعضها؛ ولذا جرى النسخ في السنّة.
الحقيقة الثالثة: أن القرآن الكريم سجل هذه الشريعة الخالدة، بل سجل الشرائع السماوية، ومعجزات النبيين جميعًا، وما نسخ منها أشار إلى نسخه، وما بقي منها صرح ببقائه، كالقصاص، وخصوصًا في الأطراف، كما جاء في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} [المائدة: 45].
ولذا نحن نرى ما راه من قبل أبو مسلم الأصفهاني، وهو أنه لا نسخ في القرآن قط؛ لأنه شريعة الله تعالى الباقية إلى يوم القيامة؛ ولأن النسخ لم يثبت بنص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يصرح النبي صلى الله عليه وسلم بنسخ آية من القرآن، وما جاء من عبارات النسخ في القرآن إنما في نسخ المعجزات الحسية بالقرآن الكريم، وقد بينا ذلك في موضعه من معاني الذكر الحكيم.
ولأن النسخ يقتضي أن تكون آيتان في القرآن موضعهما واحد، وإحداهما مُثْبِتَة والأخرى نافية، ولا يمكن الجمع بين النفي الإثبات، وما ادُّعِيَ النسخ فيه التوفيق بينهما سهل ممكن، وما أمكن التوفيق فلا نسخ، وقد اشتركنا في كتابة التفسير مع بعض العلماء، ولم نجد آيتين متعارضتين لم يمكن التوفيق بينهما، وقد طبع ذلك التفسير وسمي بـ "المنتخب" طبعته إحدى الجامعات الإسلامية، والله الهادي إلى سواء السبيل.
لقد عرض الشيخ أبو زهرة لموضوع النسخ في القرآن، وانتهى إلى أنه لا يوجد نسخ في القرآن قط.
وعند تفسير قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] ذكر أن المقصود بالآية هنا إما:
أ- الآية القرآنية.
ب- المعجزة
وقال: "إن الآية الكريمة كما في بيان الشرط وجوابه، وتدل على الإمكان لا على الوقوع فعلًا، وإن هذا على أساس تفسير الآية بمعنى الآية القرآنية المشتملة على
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
حكم تكليفي، ولكن كلمة الآية تدل معانيها على الآية الكونية، والمعجزات الكونية والحسية التي يجيء بها الرسل" (1).
ورجح أبو زهرة -موافقًا بذلك صاحب المنار وابن عاشور- في أنّ معنى الآية هنا هو المعجزة واستدل عليها بأمور:
أ- تعقيب النسخ والتغيير بقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} [البقرة: 106] فإن ذلك يتناسب مع الآية بمعنى المعجزة القاهرة ولا تظهر مناسبتها مع آية التكليف.
ب- قوله تعالى {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 107]، فذكر هذا النص السامي يدل قياسًا أن النسخ أو الترك يكون لآية كونية بخير منه، تكون أبقى وأعظم أثرًا.
ج- أن النسخ يقتضي ألا يمكن الجمع بين الناسخ والمنسوخ، وليس في القرآن آيات تتعارض، ولا يمكن التوفيق بينها.
د- أنه كان لوم على طلب آية أخرى، فقد قال تعالى {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 108] هذه الآيات كلها جاءت تالية لآية النسخ وهي في تواليها تناسب أن تكون الآية المنسوخة معجزة من معجزات الرسالة الإلهية، ومعجزات النبيين (2).
وأبو زهرة رحمه الله يأتي إلى كل آية قيل إنها منسوخة فيناقشها ويبين عدم نسخها، كما فعل عند قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً
(1) أبو زهرة، 1/ 354.
(2)
أبو زهرة، 1/ 355.