الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك، وكذلك عند قوله:{قَال يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)} [طه: 92، 93]. قال: "وزيادة لفظة (لا) في الكلام الذي فيه معنى الجحد لتوكيده مُطَّرِدَةٌ
…
ويستدل ذلك بالآيات والشعر" (1).
والحقيقة أن لكل حرف في كتاب الله رسالته وغايته، وقد جاء كل حرف في الآيتين في مكانه الأليق به الذي لو نزع من مكانه لذهب الرونق وفسد المعنى (2).
وفضلًا على القول بالزيادة فإنه يقول بصحة تناوب حروف الجر، فعند قوله تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] يقول: "اللام بمعنى (على) أي فعليها، بدليل قوله:{وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46، الجاثية 15]، ومن إتيان اللام بمعنى (على) قوله:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 109]
…
ويستدل على ذلك بالشعر" (3). وكذلك فعل عند قوله: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)} [الكهف: 100]، يقول: "اللام في قوله {لِلْكَافِرِينَ} بمعنى (على) ويستشهد على ذلك (4). والحق أن كل حرف قد جيء به قصدًا ولا يسدُّ غيره مسنده" (5).
ونكتفي بهذا الطرف من ذكر القضايا اللغوية.
ب - قضايا أخرى:
هنالك قضايا لا تتصل باللغة لا بد من مناقشتها ومنها:
- عند قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19]. قال: "وقد ضرب الله في هذه الآية مثلًا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم بالمطر، لأن بالعلم والهدى
(1) المصدر السابق، 4/ 89 - 90.
(2)
انظر: كتابنا لطائف المنان وروائع البيان في دعوى الزيادة والحذف في القرآن.
(3)
أضواء البيان، 3/ 14.
(4)
المصدر السابق، 3/ 346 - 347.
(5)
انظر: كتابنا: لطائف المنان، وبحث: سلامة الحرف من الزيادة والحذف.
حياة الأرواح، كما أن بالمطر حياة الأجسام، أشار إلى وجه ضرب هذا المثل بقوله جلّ وعلا:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: 58]. وقد أوضح صلى الله عليه وسلم هذا المثل المشار إليه في الآيتين في حديث أبي موسى المتفق عليه: "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم
…
" الحديث (1).
مع أن هذا المثل ضرب في المنافقين كما أجمع المفسرون المحققون وليس في الحديث ما يتفق معه، ففي مطلع سورة البقرة نجد هذين المثلين ثلهم {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)} [البقرة: 17 - 20]، يتحدثان عن أحوال المنافقين بدليل قوله تعالى بعد الآية الأولى:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)} وقوله بعد الآية الثانية: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} ولا أعلم خلافًا بين من يُعتدّ بقوله في هذا الأمر.
- عند قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71]، يربط بين هذه الآية وبين قوله تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)} [الإسراء: 4]. فيقول: "ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن بني إسرائيل عموا وصموا مرتين تتخللهما توبة من الله عليهم، وبيّن تفصيل ذلك في قوله:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء: 4]. فبين جزاء عماهم وصممهم في المرة الأولى بقوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَال الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)} [الإسراء: 5] وبين جزاء عماهم وصممهم في المرة الآخرة بقوله: {إن
(1) أضواء البيان، 1/ 13 - 14.
أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء: 7] وبيَّن التوبة التي بينهما بقوله: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)} [الإسراء: 6]. ثم بيّن أنهم إن عادوا إلى الإفساد عاد إلى الانتقام منهم بقوله: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)} [الإسراء: 8]، فعادوا إلى الإفساد بتكذيبه صلى الله عليه وسلم وكتم صفاته التي في التوراة، فعاد الله إلى الانتقام منهم فسلّط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم" (1).
ومع أن هذا القول ذكره كثيرٌ من المفسرين منهم صاحب "روح المعاني" وصاحب "المنار" وهذا القول قد نقله الفخر الرازي عن القفال، وهو أحد أقوال أربعة ذكرها الرازي. ويبدو لي -والله تعالى أعلم- أن الأمر يحتاج إلى تدبر، حيث لا يظهر صلة هذه الآية المدنية بآية سورة الإسراء المكية، مع أن المفسرين اختلفوا كثيرًا في سورة الإسراء، وليس هناك قول يُعول عليه كما ذكر الجبائي ونقله عنه صاحب "صفوة البيان" الشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله مفتي الديار المصرية الأسبق، والذي أرجحه -والله أعلم- في تفسير المرتين أن المرة الأولى كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما الثانية فهي ما نعيشه الآن راجين أن يتحقق قوله تعالى:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي المرة الأخيرة {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء: 7]. فالضمائر الثلاثة عائدة إلى العباد الذين ذكرهم الله تعالى، وهذا يرشد إليه قول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا
(1) المصدر السابق، 1/ 417 - 418.
يهودي ورائي فاقتله" (1). فنسأله تعالى أن يكون هذا قريبًا (2)، وعلى كل حال فقول الشيخ -كما قلت- سبقه إليه كثيرون والذين ذكروه جميعًا نقلوه عن القفال.
- عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة: 90]، قال: بأن التطيب بالكولونيا نجس لا تصح الصلاة به (3). وهذا رأي أكثر علماء المملكة العربية السعودية. والراجح عند العلماء يختلف عما ذكره الشيخ، لأن الكحول التي في الكولونيا ليست هي التي في الخمر، وعلى كل فهي قضية خلافية بين العلماء.
- في أول سورة التوبة يقول: "إن سبب سقوط البسملة في السورة هو ما ورد في قصة عثمان مع ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قلت لعثمان: ما حملكم إلى أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم. ووضعتموها في السبع الطُّوَل
…
" الحديث (4). وسامح الله الشيخ فالحديث هذا يمكن أن يناقش من جهة إسناده ومتنه مناقشة علمية جادة (5)، وبذلك لا ينهض ولا يصلح الحديث للاستدلال به لما ذهب إليه الشيخ.
- عند قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ
…
} [النحل: 67]، يقول: فإن هذه الآية منسوخة بآية المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
…
} [المائدة: 90]. ويخالف رأي صاحب (مراقي السعود) من أن تحريم الخمر ليس نسخًا لإباحتها الأولى (6)،
(1) رواه البخاري.
(2)
راجع كتابنا: المنهاج نفحات من الإسراء والمعراج.
(3)
المصدر السابق، 1/ 428.
(4)
المصدر السابق، 2/ 112 - 113.
(5)
انظر: كتابنا: إتقان البرهان في علوم القرآن، 1/ 457 - 461.
(6)
أضواء البيان، 2/ 406 - 407.
والحقيقة أنه بهذا يخالف رأي جمهور العلماء المحققين من أنه ليس نسخًا، وأن ما كان من باب التدرج في الأحكام لا يسمى نسخًا (1).
- يقول عن إبراهيم عليه السلام: "وقد هاجر من سواد العراق إلى دمشق"(2)، والصواب إلى فلسطين أو بلاد الشام.
- يقول بمراعاة الفواصل، فعند قوله تعالى:{بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} [طه: 70]، يقول:"والظاهر أن تقديم هارون على موسى في هذه الآية لمراعاة الفواصل في الآيات"(3). وهو بذلك يخالف المحققين من العلماء في أن الفاصلة تابعة للمعنى وليس المعنى هو التابع للفاصلة (4).
- يقول بنسخ التلاوة مع بقاء الحكم وذلك عند قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2](5). وهذا رأي قد خالفه كثير من المحققين (6).
ويستدل على ثبوت الرجم في الآية السابقة بآية {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ
…
} [آل عمران: 23] على اعتبار أنها نزلت في رجم اليهوديين الزانيين بعد الإحصان كما في سبب نزولها (7).
وهذا استدلال بعيد جدًّا لأنّ الآية ليست نصًّا في هذا، وإنما استدل العلماء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما استدل به بعضهم بأن حد الرجم قد ثبت بالآية المنسوخة:
(1) انظر: كتابنا: إتقان البرهان، 2/ 11.
(2)
أضواء البيان، 3/ 425.
(3)
المصدر السابق، 4/ 63.
(4)
انظر كتابنا: إعجاز القرآن الكريم، ص 219.
(5)
أضواء البيان، 5/ 366 - 367.
(6)
انظر كتابنا: إتقان البرهان، 2/ 45 - 52.
(7)
أضواء البيان، 5/ 372.
(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) على اعتبار أنها آية من القرآن فهذه قضية للعلماء فيها كلام ليس محله هنا (1).
- يتكلف أحيانًا في تفسير القرآن بالقرآن: فمثلًا عند قوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} [الجاثية: 6]، يقول:"وما ذكره تعالى في آية الجاثية هذه ذكره في آيات أُخر بلفظه كقوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)} [البقرة: 251، 252]، وقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالمِينَ (108)} [آل عمران: 107، 108] "(2). ويظهر أن ذلك كان من الشيخ سهوًا، وأنه أراد من البقرة {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)} [البقرة: 252]، ولا يظهر معنى لذكره آية آل عمران.
- عند قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} [الرحمن: 6] قال: "والذي يظهر لي صوابه أن المراد بالنجم هو نجوم السماء، والدليل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى في سورة الحج صرح بسجود نجوم السماء والشجر، ولم يذكر في آية من كتابه سجود ما ليس له ساق من النبات بخصوصه، وهي قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَال وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)} [الحج: 18]. ثم أخذ يضرب الأدلة على ذلك"(3).
(1) انظر كتابنا: إتقان البرهان، 2/ 45 - 52.
(2)
أضواء البيان، 7/ 186.
(3)
المصدر السابق، 7/ 491 - 492.
وهو بذلك يخالف جمهور المفسرين في هذا المعنى الذي ذهب إليه، حيث ذكر في آية الرحمن النجم والشجر معًا، لذلك فسّر العلماء النجم بما ليس له ساق، وهو معنىً معروف في اللغة، أما آية الحج فمع أنه ذكر فيها النجم والشجر إلا أنهما غير مقترنين، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ
…
} [الحج: 18]. وقد ذكر في الآية أشياء ستة منها ثلاثة سماوية وهي: الشمس والقمر والنجوم، ومنها ثلاثة أرضية وهي: الجبال والشجر والدواب، والله أعلم.
- يلاحظ عليه أنه ينكر النزول على القمر، ويصف أصحاب الأقمار الصناعية بأنهم شياطين، وأنهم سيرجعون داخرين صاغرين عاجزين عن الوصول إلى القمر والوصول إلى السماء. فعند تفسير قوله:{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} [الحجر: 16 - 18] يذكر حوالي عشر صفحات في إنكار النزول على القمر، وأن الشياطين المذكورين في قوله:{وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)} [الحجر: 17]، هم شياطين الإنس والجن، فيقول: "ويؤخذ من هذه الآيات التي ذكرنا أن كل ما يتشدق به أصحاب الأقمار الصناعية من أنهم سيصلون إلى السماء ويبنون على القمر، كله كذب وشقشقة لا طائل تحتها، ومن اليقين الذي لا شك فيه أنهم سيقفون عند حدهم، ويرجعون خاسئين أذلاء عاجزين
…
ولا شك أن مِن أشدِّ الكفار تمردًا وعتوًا الذين يحاولون بلوغ السماء، فدخولهم في اسم الشيطان لغةً لا شك فيه، وإذا كان لفظ الشيطان يعم كل متمرد عاتٍ فقوله تعالى:{وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)} [الحجر: 17] صريحٌ في حفظ السماء من كل متمردٍ عاتٍ كائنًا من كان" (1).
(1) المصدر السابق، 2/ 259 - 266.