الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1932 م مديرًا عامًا للأوقاف الإسلامية في فلسطين، وظل يشغل هذا المنصب حتى اندلاع المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية التي كانت قد شبّت في سنة 1355 هـ/ 1936 م، ولما كان دروزة من القائمين عليها أصدرت إدارة الانتداب البريطاني قرارًا بعزله عن منصبه في سنة 1356 هـ / 1937 م، وقرارًا آخر بمنعه من العودة إلى فلسطين حيث كان خارجها عند استئناف الثورة، ومن ذلك التاريخ ابتعد دروزة عن تولي الوظائف الحكومية والأهلية.
مشاركته في الحركة القومية:
بدأ نشاط محمد عزة دروزة في ميدان الحركة الوطنية مبكرًا في سنة 1327 هـ / 1909 م، وشارك في إنشاء الجمعيات الوطنية والأحزاب السياسية، وشارك بتأليف الروايات القومية والمسرحيات التي تمجد العروبة، وتعبّر عن المطامح القومية والرغبة في النهوض، وتبوأ المكانة اللائقة، مثل رواية "وفود النعمان على كسرى أنوشروان سنة 1333 هـ/ 1911 م، و"السمسار وصاحب الأرض" سنة 1333 هـ / 1913 م.
وأتاح له عمله المتجول الاتصال بكثير من الشخصيات الوطنية والقومية البارزة وتشكيل الجمعيات الوطنية، التي أصبحت قاعدة الحركة الوطنية في فلسطين مثل "الجمعية الإسلامية المسيحية" وتولى سكرتيريتها، حتى يشعر العالم بأن المعارضة للمطامع الصهيونية من المسلمين والمسيحيين على السواء، وأن دروزة من الداعين إلى توحيد الجمعيات الوطنية التي تعمل في أنحاء فلسطين والتنسيق بين جهودها؛ فعقد المؤتمر الفلسطيني الأول في القدس في ربيع الأول 1337 هـ/ يناير 1919 م برئاسة عارف الدجاني، وكان أهم ما صدر عن المؤتمر التأكيد على المطالب القومية في الاستقلال والوحدة واعتبار فلسطين جزءًا من سورية، ورفض المطامع الفرنسية وتجديد العلاقات مع بريطانيا على أساس التعاون فقط، وعدم قبول أي وعد أو معاهدة جرت بحق البلاد ومستقبلها، وتولى دروزة
مع زميل له إعداد مذكرة بخصوص هذا الشأن وتقديمها إلى الحاكم العسكري للبلاد لإرسالها إلى الحكومة في بريطانيا، وإلى مؤتمر السلم المنعقد في باريس، وانغمس دروزة في النشاط الوطني الفلسطيني منذ أن استقر في نابلس، فشارك بجهود مشكورة في انعقاد المؤتمرات السياسية التي كانت تخطط للحركة الوطنية وتتابع نشاطها، وكان على رأس المقاومين للسياسة البريطانية ومشروعاتها المختلفة، فقام مع رفاقه بحركة مقاطعة الدستور وانتخاب مجلس تشريعي مغلول اليد؛ الأمر الذي ترتب عليه وأد الفكرة وقتلها في مهدها، وقاد مظاهرات مختلفة ضد السياسة البريطانية، وأدى هذا إلى اعتقاله، وتقديمه للمحاكمة، والحكم عليه بالسجن، مثلما حدث له في سنة 1353 هـ / 1934 م، وكان دروزة أحد قادة ثورة فلسطين في سنة 1355 هـ / 1936 م حيث دعت إلى الإضراب العام، وتحول الإضراب إلى ثورة شعبية كاسحة.
ومالَ دروزة إلى اتخاذ إجراءات متصاعدة ضد السلطة البريطانية ما لم تستجب لمطالب البلاد، ولم تجد بريطانيا لمواجهة هذه الثورة بُدًّا من اعتقاله هو وزملائه، ولما تجددت الثورة سنة 1356 هـ / 1937 م كان المسؤول عن التخطيط السياسي للثورة الفلسطينية، وكانت تتلقى أوامرها من دمشق حيث كان يقيم دروزة، وغيره من القيادات الفلسطينية اللاجئين بها، وظل هناك قائما على أمر الثورة الفلسطينية حتى اعتقله الفرنسيون بتحريض من الإنكليز في 1358 هـ/ 1939 م، وحوكم أمام محكمة عسكرية فأصدرت عليه حكمًا بالسجن، ثم أُفرج عنه سنة 1360 هـ/ 1941 م فذهب إلى تركيا لاجئًا، وقضى هناك أربع سنوات عاد بعدها إلى فلسطين، واستمر دروزة يقوم بدوره السياسي في خدمة القضية الفلسطينية حتى اشتد عليه المرض في سنة 1367 هـ / 1948 م، فاستقال من عضوية الهيئة العربية العليا لفلسطين وتفرغ للكتابة والتأليف، وقد سجل مذكراته في ستة مجلدات ضخمة، حوت مسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمان.