الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
أما الحادثة الثانية: فلقد حدثني -وهو صادق- الدكتور علي الجفال رحمه الله وكان يحمل جنسية دولة الإمارات، قال: حينما جاء الشيخ محمد أبو زهرة زائرًا لدولة الإمارات: ذهبت بمعيته إلى ديوان الشيخ زايد، وقبل أن نودع رئيس الدولة أراد سمو الشيخ زايد أن يكرم الشيخ رحمه الله بأن يقدم له مبلغًا كبيرًا من المال، وقد كان الشيخ زايد رحمه الله سخيًا في عطائه، قال لي الدكتور علي الجفال: أتعرف ما الذي حدث؟ قلت: لا، قال: لقد اعتذر الشيخ اعتذارًا فيه كل الذوق والأدب، وقال للشيخ زايد: يا سمو الشيخ، جوزيت خيرًا، أما أنا فلست بحاجة إلى المال، وما مددت يدي لأحد، لقد منّ الله عليّ فبنيت مسجدًا، أرجو من الله المثوبة والأجر. وتنهد مخاطبي، وبكيت، وتساءلت: أليس هذا الشيخ رحمه الله يذكرنا بأولئك الصفوة المختارة من أئمتنا، حينما كانوا يجلسون مع الخلفاء والأمراء
…
وأين نجد مثل الشيخ؟ !
وإذا كانت الحادثة الأولى تدل على الصلابة والجرأة في الحق، فإن هذه تدل على العفة والعزة، وهل هناك سياج للعلم وأهله خير من الصلابة في الحق والعفة، وخير من الجرأة والعزة، رحم الله الشيخ محمدًا أبا زهرة وجزاه خير ما يجزي العلماء العاملين.
تعريف بالشيخ محمد أبو زهرة:
هذا التعريف مأخوذ أساسًا مما كتبه فضيلته بنفسه بناءً على طلب أحد طلاب العلم من باكستان متقدمًا برسالة لنيل درجة الدكتوراه عن الإمام أبو زهرة (1).
وُلد الإمام محمد أحمد مصطفى أبو زهرة في مارس (آذار) سنة 1898 م في مدينة المحلة الكبرى إحدى مدن محافظة الغربية.
حفظ القرآن الكريم في صدر حياته في الكُتّاب، إذ هو من أسرة دينية تنتسب إلى ولي من أولياء الله هو الشيخ مصطفى أبو زهرة الشهير بالششتاوي الذي يزار
(1) مقدمة التفسير.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
ضريحه بمسجده ببلدة شيشتا في مدينة المحلة الكبرى، ووالده هو الشيخ أحمد مصطفى أبو زهرة مشهور بالصلاح والالتزام بالدين الحنيف ومكارم الأخلاق، ووالدته حافظة للقرآن الكريم، وكانت تراجع معه ما حفظ قبل الذهاب إلى الشيخ في الكتاب، وتميز عن إخوته وأخواته بحفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز التاسعة من العمر، ولأنه كان ذا حافظة قوية، سريع البديهة فلم ينل من قسوة أستاذه بالكُتّاب إلا قليلًا.
كانت الأسرة من متوسطي الحال، يظنها الناس من الأثرياء اشتهرت بالعلم والذكاء، وقد نبغ منها شقيقه الأستاذ الدكتور مصطفى أحمد أبو زهرة منشئ ورئيس قسم هندسة الطيران بكلية الهندسة جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) وأيضًا الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة لندن بإنكلترا.
بعد حفظ القرآن الكريم تعلم مبادئ العلوم المدنية كالرياضيات، التي كان شديد الولع بها، والجغرافية والفلسفة مع العلوم العربية.
التحق في سنة 1913 م بالجامع الأحمدي بطنطا ومكث فيه ثلاث سنين، وفي هذه الفترة ابتدأ نبوغه وتفوقه يظهر، حتى إن شيخ الجامع وهو الشيخ الأحمدي الظواهري الذي صار شيخًا للأزهر، اقترح أن يمنح مكافآت خاصة لامتيازه، كما اقترح بألا يمكث في طلب العلم الأزهري خمسة عشر عامًا، كما كانت المدة المقررة، بل إن مثله يصح أن يتجاوز سنين عدة في سنة واحدة، ولم يتم تنفيذ هذا القرار لصعوبته قانونيًا، ولانتقاله إلى مدرسة القضاء الشرعي.
التحق في سنة 1916 بمدرسة القضاء الشرعي بعد امتحان مسابقة كان فيها من الأوائل. وتكوينه العلمي الحقيقي كان في هذه المدرسة التي أنشأها سعد باشا زغلول في وزارة المعارف على أن تكون عالميتها من درجة أستاذ، وعهد بإدارتها إلى رجل عظيم هو عاطف باشا بركات. ومن وقت أن دخل المدرسة كان ينظر إليه ناظرها عاطف باشا بركات نظرة اهتمام وتشجيع، وقد مكث فيها تسع سنين، أربعة
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
في القسم الثانوي وخمسة في القسم العالي، وفيها اتسعت آفاقه الفكرية، ولما تخرج منها ونال شهادة العالمية من درجة أستاذ عام 1925 كون لنفسه منهجًا فكريًا في فهم الشريعة وتفسيرها، وكلما تعمق فيها ازداد إيمانًا بها.
في ذلك الحين كان قيام ثورة 1919، فوقف على الكثير من دقائق أحداثها ووقائعها، وأحب سعد باشا زغلول وتعلق به وكان حريصًا على حفظ خطبه وترديدها.
أخذ دبلوم دار العلوم من الخارج سنة 1927 وفي هذه السنة عُيِّن مدرِّسًا للشريعة واللغة العربية بتجهيزية دار العلوم والقضاء الشرعي لمدة ثلاث سنين ثم انتقل بعد ذلك إلى التدريس في المدارس الثانوية العامة لمدة سنتين ونصف.
انتقل في أول يناير سنة 1933 م إلى كلية أصول الدين مدرسًا للجدل والخطابة فيها ثم تاريخ الديانات والملل والنِّحَل، وفيها أخرج أول مؤلفاته كتاب "الخطابة" وكتاب "تاريخ الجدل" ثم كتاب "تاريخ الديانات القديمة" ثم كتاب "محاضرات في النصرانية" الذي ترجم إلى عدة لغات.
في 2 نوفمبر 1934 نقل مدرسًا للخطابة بكلية الحقوق جامعة القاهرة (فؤاد الأول) مع بقائه بالانتداب في كلية أصول الدين التي استمر بها إلى يونيو (حزيران) سنة 1942 وارتدى الزي الأزهري.
في سبتمبر سنة 1935 انتقل من تدريس اللغة العربية إلى تدريس الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة (فؤاد الأول) متدرجًا في مراتبها من مدرِّس إلى أستاذ مساعد إلى أستاذ كرسي إلى رئيس قسم الشريعة ووكيلًا لكلية الحقوق جامعة القاهرة لمدة خمس سنوات انتهت ببلوغه سن التقاعد سنة 1958 واستمر في التدريس بكلية الحقوق كأستاذ غير متفرغ وفي غيرها حتى توفاه الله عام 1974.
وقد تولى التدريس في كلية المعاملات والإدارة بجامعة الأزهر سنة 1963 وكذلك معهد الخدمة الاجتماعية وغيره من المعاهد.