الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتفسير الأساس -كغيره من التفاسير- ملامح بارزة، وطابع معين يميّزه عن التفاسير الأخرى، فقد اعتنى الشيخ سعيد رحمه الله ببعض الجوانب التي غدت سمة غالبة على تفسيره، والمطّلع على التفسير يلمح ذلك بوضوح.
امتاز هذا التفسير بطريقة دراسته للقرآن الكريم وتقسيمه للسور والآيات، كما نرى أن صاحب هذا التفسير قد أفرغ وسعه في إظهار القرآن وحدة واحدة، وأخذ هذا الأمر جُلَّ اهتمامه، سنبدأ بتوضيح هاتين المسألتين، ثم نُتبع ذلك بيان مسائل أخرى في منهجه مع بعض الأمثلة للتوضيح.
تقسيمه القرآن والسور:
جرى الشيخ سعيد في تفسيره على ما جرى عليه أكثر المفسرين، حيث فسر الآيات القرآنية في سورها مرتبة حسب ترتيب المصحف لا ترتيب النزول.
وهو يقسم القرآن أربعة أقسام: قسم الطوال، وينتهي بانتهاء سورة (براءة) وقسم المئين، وينتهي بانتهاء سورة (القصص)، وقسم المثاني، وينتهي بانتهاء سورة (ق)، وأخيرًا قسم المفصّل، ينتهي بانتهاء القرآن الكريم، وقد اعتمد لهذا التقسيم حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"أُعطيت السبع الطوال مكان التوراة، وأُعطيت المئين مكان الإنجيل، وأُعطيت المثاني مكان الزبور، وفُضِّلتُ بالمفصل"(1)، ونقل عن الشيخ الغماري قوله بأن هذا الحديث حسن، وذكر بعد ذلك آثارًا أخرى تقوي هذا التقسيم.
ونقول: إن تقسيم السور إلى هذه الأقسام مستند إلى آثار لا تخلو من مقال، وقد بينّا رأينا فيه بالتفصيل في كتابنا "إتقان البرهان في علوم القرآن"، فليراجع (2).
(1) انظر: "فضائل القرآن" لأبي عبيد القاسم بن سلام، باب فضائل السبع الطوال، ص 225 - 226. ومسند الإمام أحمد، 28/ 188، الحديث رقم 16982. وفضائل القرآن لابن الضريس ص 74، رقم 127، ص 82 رقم 157، ص 127 رقم 299.
(2)
إتقان البرهان، 1/ 447.
وبعد هذا التقسيم، يجعل في كل قسم مجموعات، كل مجموعة تشكل وحدة في قسمها، أي إنّ كل مجموعة تضم عدة سور، هذه السور يجمع بينها شيء وأحد، فقد تتشابه في مواضيعها، أو في فواتحها، أو في أمر آخر.
إذن هناك أربعة أقسام، كل قسم يضم مجموعات، وكل مجموعة تضم سورًا، وهو يقدّم لكل قسم من الأقسام بمقدمة، يجمعها تحت عنوان:"كلمة في قسم كذا"، يتحدث في هذه المقدمة عن القسم بشكل عام، وعن مجموعاته وما بينها من معان مشتركة.
كما يبدأ كل مجموعة بكلمة، تحت عنوان:"كلمة في المجموعة - كذا - من قسم - كذا -"، ويعطي فيها فكرة عن المعاني التي جمعت السور في هذه المجموعة، وعن وجه الربط بينها وبين سورة البقرة، كما سيأتي.
ثم يبدأ بتفسير السور، سورة سورة، ويفتتح كل سورة بمقدمة يجعلها بعنوان:"بين يدي السورة"، ويذكر فيها مكية السورة أو مدنيتها، ويتحدث عن علاقة السورة بسورة البقرة، وأحيانًا يذكر فضلها مستشهدًا على ذلك بالأحاديث.
ويتبع هذه المقدمة بـ "كلمة في السورة ومحورها"، ويعرف فيها موضوع السورة بشكل عام، ومحورها الرئيس، وما تناولته من موضوعات، ويتحدث هنا كذلك عن علاقة السورة بسورة البقرة.
وأحيانًا يثير في هذه (الكلمة) تساؤلات عن سرّ التشابه بين السورة التي يتناولها وسورة أخرى مشابهة لها، ثم يجيب عن هذه التساؤلات.
وكما أنه يقسم القرآن أقسامًا، والأقسام مجموعات، والمجموعات سورًا، فهو كذلك يقسم السورة أقسامًا فمقاطع ففقرات، فمجموعات.
وكل كلمة من هذه الكلمات الأربع (القسم، المقطع، الفقرة، المجموعة)، أوسع من التي تليها، فالقسم يشتمل على مقاطع، والمقطع يشتمل على فقرات، والفقرة على مجموعات.
وهذه التقسيمات تعتمد على حجم السورة، فالسور الطوال تكون فيها التقسيمات الأربعة كلها، وكلما قصرت السورة كان التقسيمات أقلّ، فقد يقسم بعض السور (مقاطع) متجاوزًا مَرحلة (الأقسام)، وقد يجعل بعض السور في (فقرات)، وهكذا
…
ومردّ الأمر في هذا إلى حجم السورة كما مر، والمعوّل عليه في هذا كله هو المعاني.
وقد وصف منهجه في مقدمة تفسيره، قائلًا:"فكلمة (قسم) أوسع مما بعدها، ولا نستعملها إلا في السور الطويلة، حيث يكون عندنا عدة مقاطع يجمعها جامع، كلمة (مقطع) أوسع من كلمة (فقرة)، ونستعملها حيث تكون الآيات ذات الموضوع الواحد كثيرة، وكلمة (فقرة) أوسع من كلمة (مجموعة)، ونستعملها عندما يكون عندنا مقطع ذو موضوع واحد، ولكنه يتألف من مجموعة معانٍ رئيسة، فنستعمل لكل معنى رئيسي في المقطع كلمة (فقرة)، وكلمة (مجموعة) أضيق من كلمة (فقرة)، ونستعملها إذا كان في الفقرة داخل المقطع أكثر من معنى يحسن أن نشرحه مفصلًا عما قبله وعما بعده"(1).
ولا ينسى الشيخ أن يحدد القسم والمقطع والفقرة والمجموعة، فيقول - مثلًا -: يبدأ هذا القسم بآية (كذا)، وينتهي بآية (كذا).
وبعد أن يقسم السورة إلى (أقسام) - وإن كانت من السور الطوال - يبدأ بمقدمة كذلك، بعنوان:"كلمة بين يدي القسم"، يبين موقع القسم من السورة، ويُثنِّي "بالمعنى العام" للقسم، يتحدث فيه عن المعنى الذي تضمّنه القسم، ويُظهر الصلة بين آيات القسم ومقاطعه، ثم يتبع ذلك بـ "كلمة في السياق"، يتحدث عن سياق الآيات، ومناسبته لآيات من سورة البقرة.
(1) الأساس في التفسير، 1/ 31.