الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
القسم الثاني: مدخل إلى تفسير السورة الكريمة:
يدخل ابن عاشور إلى تفسير السورة الكريمة ببعض المعلومات المتعلقة بها، وهذه المعلومات المقدمة هي من الأهمية بمكان، بل لا غرابة إذا قلت إن هذه المعلومات هي من أدق وأمتع ما كتب في هذا التفسير من التحقيق العلمي.
وهذه المعلومات في غالبها من مباحث علوم القرآن، أفردتها هنا لأنها جزء من المنهج الذي سلكه في تفسير السورة، وليس ثمة تداخل بين هذا المبحث والفصل المتعلق بعلوم القرآن؛ لأن الأبحاث هناك لن تذكر هنا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هذه الأبحاث هي ما كان يسوقه الشيخ في أوائل تفسيره للسور الكريمة مدخلًا لذلك.
فأول ما يذكره ابن عاشور ما يتصل باسم السورة أو أسمائها إن تعددت، ووجه تسمية السورة بذلك، مستندًا في ذلك إلى الآثار المروية، إن وجدت، وإلى أمهات كتب التفسير والمصاحف العتيقة، وإلى ما اشتهر بين القراء في ذلك.
ومن أمثلة ما ذكره في هذا الشأن ما كان منه عند تفسيره سورة التوبة، حيث قال: سميت هذه السورة في أكثر المصاحف، وفي كلام السلف: سورة براءة. ففي الصحيح عن أبي هريرة، في قصة حج أبي بكر بالناس قال أبو هريرة:"فأذّن معنا علي بن أبي طالب في أهل منى ببراءة"(1).
وفي صحيح البخاري عن زيد بن ثابت، قال: آخر سورة نزلت سورة براءة (2).
(1) البخاري مع الفتح، 8/ 317، الباب الثاني حديث رقم 4655، ولفظه:"فأذّن معنا علي يوم النحر في أهل منى ببراءة".
(2)
قلت الذي في البخاري، 4364 و 4605 عن البراء بن عازب وليس عن زيد، وقال في الفتح: والمراد بآخرية نزول هذه السورة معظمها أو بعضها، 8/ 316.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
وبذلك ترجمها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه (1)، وهي تسمية لها بأول كلمة منها، وتسمى سورة التوبة في كلام بعض السلف في مصاحف كثيرة، فعن ابن عباس: سورة التوبة هي الفاضحة (2)، وترجم لها الترمذي في جامعه باسم التوبة (3)، ووقع هذان الاسمان معًا في حديث زيد بن ثابت، في صحيح البخاري في باب جمع القرآن، قال زيد: فتتبعت القرآن، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]، حتى خاتمة سورة براءة (4)، وهذا الاسمان هما الموجودان في المصاحف التي رأيناها. ولهذه السورة أسماء أُخر، وقعت في كلام السلف، من الصحابة والتابعين، فروي عن ابن عمر، عن ابن عباس (5): كنا ندعوها المقشقشة (بصيغة اسم الفاعل، وتاء التأنيث من قشقشه، إذا أبرأه من المرض)(6). كان هذا لقبًا لها ولسورة (الكافرون) لأنهما تخلصان من آمن بما فيهما من النفاق والشرك، لما فيهما من الدعاء إلى الإخلاص، ولما فيهما (7) من وصف أحوال المنافقين.
وكان ابن عباس يدعوها الفاضحة (8)، وعن حذيفة أنه سماها سورة العذاب (9)، لأنها نزلت بعذاب الكفار، وعن عبيد الله بن عمير أنه سماها المنقرة
(1) البخاري مع الفتح، 8/ 313.
(2)
أخرجه البخاري عن سعيد بن جبير عنه في 8/ 629، تفسير سورة الحشر.
(3)
8/ 477 مع التحفة.
(4)
البخاري مع الفتح، 9/ 11، حديث رقم 4986.
(5)
هكذا هي، والصواب: وعن ابن عباس.
(6)
عن ابن عمر رواه أبو الشيخ، كما في الإتقان، 1/ 55.
(7)
وتسمى سورة الإخلاص بهذا الاسم أيضًا، وينبغي أن يقال كذلك ولما في براءة؛ لأن (الكافرون) ليس فيها ما ذُكر.
(8)
البخاري، 8/ 629، وذكره في الإتقان عن قتادة، 1/ 56.
(9)
انظر الإتقان، 1/ 55. والمستدرك، 2/ 331.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
(بكسر القاف مشددة) لأنها نقرت عما في قلوب المشركين (1)، وعن المقداد بن الأسود وأبي أيوب الأنصاري تسميتها البحوث بباء موحدة مفتوحة في أوله، وبمثلثة في آخره بوزن فعول، بمعنى الباحثة (2).
وعن الحسن البصري أنه دعاها الحافرة (3)، كأنها حفرت عما في قلوب المنافقين من النفاق، وعن قتادة أنه سماها المثيرة، لأنها أثارت عورات المنافقين وأظهرتها (4).
وعن ابن عباس أنه سماها المبعثرة؛ لأنها بعثرت عن أسرار المنافقين، أي: أخرجتها من مكامنها (5)، وفي الإتقان أنها تسمى المخزية بالخاء والزاي المعجمة وتحتية بعد الزاي (6)، وأحسب أن ذلك لقوله تعالى فيها:{وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} [التوبة: 2]، وفي الإتقان أنها تسمى المنكّلة، أي: بتشديد الكاف، وفيه أنها تسمى المشددة (7).
(1) أخرجه أبو الشيخ عن عبيد بن عمير كما في الإتقان، 1/ 55. ويبدو والله أعلم أن الرجل اسمه عبيد بن عمير وليس عبيد الله كما هنا ولم يتبين لي كلاهما، وراجع التهذيب، 7/ 65 وما بعدها.
استدراك: أخرجه أبو الشيخ ابن حيان عن عبد الله بن عمير [عن أبيه عبيد بن عمير] كما في الدر المنثور، 3/ 376، وما بين الحاصرتين سقط من الدر المنثور. وعبيد بن عمير بن قتادة الليثي ولد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ورأى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه ابنه عبد الله بن عمير. انظر: تهذيب الكمال، 19/ 223.
(2)
الإتقان، 1/ 55.
(3)
هو في جمال القراء غير معزو، 1/ 36. وفي الإتقان عن المقداد، 1/ 55 - 56.
(4)
الإتقان، 1/ 56.
(5)
عزاه في الإتقان إلى ابن الفرس، 1/ 56، وانظر: أحكام القرآن لابن الفرس، 3/ 113. وهو في جمال القراء غير معزو.
(6)
1/ 56. وانظر جمال القراء، 1/ 36.
(7)
هكذا ورد في تفسير التحرير والتنوير، والصواب: المُشَرِّدة. انظر: الإتقان، 1/ 56. جمال القراء، 1/ 36.