الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمهور، إلا أن ما ذكره هو خلاف لابن عباس رضي الله عنها، مع أن المؤلف لم يشر إلى ذلك مطلقًا.
وأحيانًا نراه يورد الأحاديث والآثار، ويعقب عليها بألفاظ احتمالية كقوله:"ومما ذكره الخازن أن لا قطع على سرقة مال للسارق فيه شبهة حق، كالولد يسرق مال أبيه، أو الوالد من مال ابنه، أو العبد من مال سيده أوالشريك من مال شريكه". ولم يذكر المفسر سندًا لقوله، ولم نرَ مفسرًا آخر ذكر ذلك، ويجوز أن يكون هذا عملًا بالقاعدة الشرعية المشهورة (ادرؤوا الحدود بالشبهات)، أو كون العمل لا يتصف بوصف السرقة المشهورة، وقد لا يخلو القول من وجاهة ذلك
…
وقوله (1) في الفقرة الثانية عشرة "واختلف في ما إذا كان القطع يسقط الغرامة عن السارق، فقال بعضهم: إنه يسقطها، آخذًا بظاهر الآية وإطلاقها، وقال بعضهم: إنه لا يسقطها. وفي الفقرة السابعة حديث نبوي، يقرر الغرامة على من أخذ من ثمر البستان، في إزار أو وعاء فوق ما أكله، ويقررها على من سرق دون ثمن المجن، وقد يكون في هذا الحديث ما يدعم القول الثاني، حيث يبدو أن قائليه عدّوا القطع عقوبة على الجناية، وعدوا المسروق حقًّا لصاحبه يجب رده إليه، عينًا إذا وجده أو قيمة، وهناك من توسط بين القولين فقال: إذا وجد عين المسروق أو شيء منه، وجب أخذه ورده إلى صاحبه. ونرى القول الثاني هو الأوجه، إذا كان هناك إمكان لتنفيذه".
اضطراب يشوش على القراء:
ومثل ذلك نراه يترك القارئ في تيه وحيرة واضطراب، دون أن يعرف أي الأقوال أوجه من غيرها، ففي الفقرة الحادية عشرة نجده يورد اختلاف العلماء في تكرر القطع، بتكرر الجرم، على ثلاثة أقوال:
(1) ج 11، ص 103.
القول الأول: من قال بقطع اليد اليمنى في المرة الأولى، والرجل اليسرى في الثانية، واليد اليسرى في الثالثة، والرجل اليمنى في الرابعة، ثم يعزر ويحبس. مستدلين بحديث رواه البغوي جاء فيه "إن سرق فاقطعوا يده، ثم سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله".
القول الثاني: هو قطع اليد اليمنى في المرة الأولى، والرجل اليسرى في المرة الثانية، فإذا تكرر حبس وعزر، ولم يورد قائلو هذا القول سندًا.
القول الثالث: الاكتفاء بقطع اليد اليمنى في المرة الأولى، فإذا تكرر حبس وعزر.
فيقول بعد أن يورد هذه الأقوال ما نصه: "ويبدو من هذا أن أصحاب القولين الأولين، لم يثبت عندهم الذي رواه البغوي، وأن أصحاب القول الثالث أخذوا بالآية التي تأمر بقطع يد السارق. ويلحظ أن قطع الأيدي والأرجل من خلاف، إنما جعل عقوبة للمحاربين المفسدين، وأن تعيين عقوبة خاصة للسارق، هو بسبيل إبراز الفرق بين عقوبته وعقوبة المحارب المفسد، بحيث يمكن أن يقال: إنه لا يصح أن يقاس السارق العادي بالحارب المفسد، وإن القول الثالث هو الأوجه، إلا أن يقال: إن تكرار إقدام السارق على السرقة يجعله في حكم المحارب المفسد، ثم يؤخذ بحديث البغوي، والله أعلم".
فهو كما نراه قد ترك القارئ دون أن يبين له عن وجه الصواب. هذا إلى جانب أن الأستاذ دروزة يفقد عنصر الدقة في التعبير أحيانًا، وهذا قد يصل معه إلى حد يجعله، يتلبس بانزلاقات فقهية، ما كانت لتصدر عن عالم مفسر جليل، فنراه عند تفسيره قوله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] الآية (1)، يدعي اتفاق العلماء إجماعًا بأن وجه المرأة ويديها ليس عورة، ثم ينفيه عند تفسيره لقول الله تعالى:
(1) ج 10، ص 45.