الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعرض ونأى بجانبه ناله في دنياه نفع ما من هداية القرآن ورحمته تعليمًا وحضارة ومعاملة
…
شَعَرَ وأقر بذلك أو كان من الجاهلين العاقلين، ولكنه في الآخرة من الخاسرين لكفرانه وإشراكه
…
وتبدو الرحمة في طبيعة أحكام القرآن وفي تطبيقها وفي عواقبها
…
ولنستطرد قليلًا فنتساءل، لماذا لم يهتد الغربيون بالإسلام، فيحسنوا لأنفسهم وللإنسانية جمعاء، ويستحقوا مزيدًا من الرحمة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة. . . (1) إن المصباح المنير الذي يحول الجاهلون بالحجب الكثيفة، دون إشعاع أنواره، يبقى مصباحًا منيرًا بنفسه، ولكن ظهور آثاره رهين بكشف ما بينه وبين أبصار الناس"، ثم يستشهد بآيات وأحاديث كثيرة على هذا الوضوع.
ولا ينسى مفسرنا الفاضل، أن ينبِّه على أن الزكاة المذكورة في الآيات، ليست هي الزكاة المفروضة بتفاصيلها المعروفة، لأن ذلك كان في المدينة المنورة.
الصور البيانية:
وبعد أن ينتهي من تفسير هذه الآيات، يعرج على ما فيها من صور بيانية مشرقة، ليلفت إليها القارئ، فها هو يلفت إلى ضمير الفصل في قوله تعالى:{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} وَهُم [لقمان: 4]، ويبين السر في ترك العطف بين هذه الجمل القرآنية منوهًا بهذا الإيجاز، "لنعد النظر في الآية الكريمة {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} نجد فيها هذا الائتلاف القوي والضمير المكرر المؤكد
…
تلك آيات خمس استقلت كل منها بمعانيها، واشتركت الأربع الأول منها في أداء معاني زمرة الآيات لمناسبة بينها، فكانت متناسقة من غير عطف، لاستغنائها عنه بتآخيها وتعانقها. ثم جاءت الآية الخامسة موضحة متممة، فأشرقت بها المعاني إشراقًا، تأمل في مثل هذا الإيجاز الذي رأيت، وفي فصاحة كلماته وبلاغة جمله، وما تضمنته من دقة التعبير والتصوير
(1) التفسير، ص 20 - 21.
واستيفاء الغرض، مع سهولة مترقرقة، تر من ذلك شرفًا صاعدًا لا يبلغه بيان البلغاء" (1).
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]، يطيل الكلام محذرًا أبناء المسلمين، ما يغزوهم به عدوهم، مبينًا أن هذا اللهو يمكن أن يكون شفهيًا أو كتابيًا، وبعد انتهائه من تفسير هاتين الآيتين يعرج على ما فيهما من صور بيانية (2). "ويلاحظ أن الآيتين طالتا قليلًا بالنسبة إلى الآيات الخمس سابقًا، تبعًا لموضوعهما مع فصاحة الكلمات وبلاغة الكلام، وانسجام بعضه مع بعض، والتصوير الفني في الصورة الشاملة وأجزائها. {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} بدلًا من يلهى. {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} بدلًا من، ليصرف بعض الناس عن القرآن والرسول {وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} بدلًا من يستهزئ بها {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)} بدلًا من، الذين هم كذلك سيعذبون ويهانون {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} [لقمان: 7]، بدلًا من هو متغافل.
هذا فضلًا عن دقائق انتشرت في الكلام، كإطلاق الوصف والحكم، بدلًا من تقييده بذكر شخص معين، {وَمِنَ النَّاسِ} {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)} ، وكمعترضة {بِغَيْرِ عِلْمٍ} ، فقد جهلت المضلين وفضحتهم
…
واستعمال مصدر بدلًا من اسم مفعول {هُزُوًا} مبالغة في الهزء، واستعمال اسم الفاعل {مُهِينٌ} بدلًا من المبني للمجهول يهانون به، فقويت صورة التعذيب بأن تولى أمر العذاب بنفسه، والتزيين المعنوي بالطباق بين {لَهْوَ الْحَدِيثِ} و {سَبِيلِ اللَّهِ} وبالإيغال بذكر
(1) التفسير، ص 47.
(2)
التفسير، ص 47.