المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رأيه في ترتيب نزول آيات الخمر: - التفسير والمفسرون في العصر الحديث - فضل عباس - جـ ٣

[فضل حسن عباس]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌منهج الأستاذ أبي الأعلى المودودي (ت 1399 هـ / 1979) في التفسير

- ‌الجزء الأول: من الفاتحة إلى آل عمران

- ‌حياته:

- ‌مقدمة:

- ‌جمع القرآن:

- ‌اختلاف اللهجات:

- ‌الشمولية:

- ‌دستور كامل:

- ‌مقترحات حول الدراسة:

- ‌منهجه في التفسير

- ‌تقديمه بين يدي السورة:

- ‌إبرازه هداية القرآن:

- ‌موقفه من القضايا اللغوية:

- ‌موقفه من المسائل العقدية:

- ‌موقفه من الخلافات الفقهية:

- ‌مقدمات تاريخية للآية:

- ‌عنايته بأسباب النزول:

- ‌إقلاله من الاستشهاد بالأحاديث:

- ‌رده على بني إسرائيل:

- ‌رده الشبهات:

- ‌وقوعه في الإسرائيليات:

- ‌منهجية مضطربة:

- ‌ملاحظة السياق:

- ‌تفسير سورة النور

- ‌توسعه في المسائل الفقهية:

- ‌رأيه في حجاب المرأة:

- ‌موقفه من الاستشهاد بالأحاديث:

- ‌تحليل الألفاظ:

- ‌الوعظ والإرشاد:

- ‌موقفه من المسائل البيانية:

- ‌عنايته بالمناسبة:

- ‌عقيدة التنزيه:

- ‌منهج الشيخ سعيد حوى (ت 1989) في تفسيره

- ‌حياته

- ‌ تفسيره

- ‌تقسيمه القرآن والسور:

- ‌القرآن وحدة واحدة:

- ‌موقفه من التفسير المأثور:

- ‌موقفه من أسباب النزول:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ مصادره

- ‌عنايته بالقضايا الفقهية:

- ‌قضايا العقيدة في التفسير:

- ‌موقفه من القضايا اللغوية:

- ‌موقفه من القراءت:

- ‌استطراداته:

- ‌أثر ثقافته وتجاربه على تفسيره:

- ‌منهج الإمام الشنقيطي (ت 1393 هـ/1973 م) تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن

- ‌القسم الأول

- ‌أولا: ترجمة الإمام الشنقيطي

- ‌مؤلفاته:

- ‌عقيدته:

- ‌ثانيا: التعريف بالتفسير:

- ‌ثالثا: ملاحظات على القضايا المنهجية في التفسير:

- ‌منهح الشيخ في تفسيره:

- ‌أولا: القراءات القرآنية:

- ‌ثانيا: موقفه من المبهمات:

- ‌ثالثا: الإسرائيليات:

- ‌رابعا: ذكره أقوال العلماء:

- ‌خامسا: منهجه في التوثيق:

- ‌سادسا: تفسيره للآيات العلمية من خلال مشاهداته:

- ‌سابعا: قلة عنايته بالقضايا البيانية:

- ‌ثامنا: موقفه من المخالفين:

- ‌تاسعا: ملاحظات على القضايا العلمية:

- ‌أ- قضايا اللغة:

- ‌ب - قضايا أخرى:

- ‌عاشرا: نماذج من تفسير الشيخ رحمه الله من أضواء البيان:

- ‌القسم الثاني تتمة الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله

- ‌أولا: ترجمة الشيخ عطية محمد سالم

- ‌مؤلفات الشيخ عطية:

- ‌ثانيًا: ملاحظات على تفسير الشيخ عطية محمد سالم

- ‌ميزات تفسير الشيخ عطية:

- ‌ثالثا: نماذج من تفسير الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله:

- ‌منهج الأستاذ محمد عزة دروزة رحمه الله (ت 1984 م) في التفسير الحديث

- ‌التعريف بالمؤلف:

- ‌المولد والنشأة:

- ‌في ميدان العمل:

- ‌في ميدان التربية والتعليم:

- ‌الحفاظ على الأوقاف الفلسطينية:

- ‌مشاركته في الحركة القومية:

- ‌إنتاجه الفكري:

- ‌وفاته:

- ‌ القرآن المجيد

- ‌أولا: الخطة المثلى لفهم القرآن:

- ‌1 - القرآن والسيرة النبوية:

- ‌2 - البيئة النبوية:

- ‌3 - اللغة القرآنية:

- ‌4 - القرآن أسس ووسائل:

- ‌تقسيم ليس فيه دقة ولا موضوعية:

- ‌5 - القصص القرآني:

- ‌ادعاؤه معرفة العرب للقصص القرآني ومناقشة أدلته:

- ‌زعم معرفة الرسول الكريم بهذا القصص قبل الوحي:

- ‌النصوص الصريحة تشكُل على المؤلف وتحيِّره:

- ‌صحة القصص القرآني وعدم تناقضه:

- ‌6 - الملائكة والجن في القرآن:

- ‌7 - مشاهد الكون ونواميسه:

- ‌8 - الحياة الأخروية في القرآن:

- ‌9 - ذات الله في القرآن:

- ‌10 - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها:

- ‌11 - فهم القرآن من القرآن:

- ‌ثانيًا: تعليقاته ومآخذه على المفسرين ومناهجهم:

- ‌تعليقه على روايات أسباب النزول:

- ‌ثغرات حذر منها العلماء:

- ‌ثغرات مزعومة:

- ‌التفسير المثالي كما يراه المؤلف:

- ‌منهجه في التفسير:

- ‌ترتيب يشذ به عن المفسرين:

- ‌الأدلة التي اعتمدها ومناقشتها:

- ‌محاذير هذه الطريقة:

- ‌عدم تأديتها للنتائج التي قصدها المؤلف وأمثلة ذلك:

- ‌1 - آيات التحدي:

- ‌2 - آيات الإسراء والمعراج:

- ‌نماذج من تفسير المؤلف:

- ‌تعبير غير دقيق:

- ‌سورة التكوير:

- ‌رأيه في بعض مسائل التفسير:

- ‌1 - فواتح السور:

- ‌رده القول برمزية الحروف:

- ‌إيراده أقوالًا غير معتبرة في تفسير هذه الحروف:

- ‌تعليله لكثرة الحروف أو قلتها:

- ‌رد هذا التأويل:

- ‌2 - المفسر والآيات الكونية:

- ‌نماذج من هذا التفسير:

- ‌تعليقنا على هذا المنهج:

- ‌3 - رأيه في السحر:

- ‌4 - المفسر والمتشابه:

- ‌نماذج من التفسير:

- ‌رأينا في هذا المنهج:

- ‌5 - آيات الأحكام:

- ‌ذكره تفريعات في تفسير آيات الأحكام وادعاؤه أن العلماء لم يتطرقوا إليها:

- ‌ضعفه في أدوات التفسير:

- ‌اضطراب يشوش على القراء:

- ‌استطراد:

- ‌بيانه لحكمة التشريع:

- ‌رأينا في هذا المنهج:

- ‌6 - الأستاذ دروزة وآيات الجهاد:

- ‌مناقشة تلك الآراء:

- ‌ملاحظات على التفسير:

- ‌7 - المفسر يعتمد على الإسرائيليات في مواضع متعددة:

- ‌أ - القصص:

- ‌ب- مشاهد الكون ونواميسه:

- ‌الأستاذ دروزة يرد على حملات المستشرقين:

- ‌تقييم التفسير:

- ‌منهج الشيخ عبد القادر ملا حويش العاني (ت 1398 هـ/1978 م) في بيان المعاني

- ‌1. نبذة عن حياة المؤلف:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌المناصب الإدارية التي تقلدها:

- ‌أوصافه:

- ‌حوار مع ولده:

- ‌مؤلفاته:

- ‌قصة كتابة التفسير:

- ‌2. التعريف بكتابه:

- ‌3. منهجه في التفسير:

- ‌ركاكة وتناقض:

- ‌اثنا عشر مطلبا يذكرها المؤلف:

- ‌الأصول التي اتبعها:

- ‌نماذج من التفسير:

- ‌1 - تفسيره للحروف المقطعة:

- ‌2 - مخالفته لصريح القرآن وصحيح الحديث:

- ‌3 - إخراج النصوص عن دلالاتها:

- ‌4 - يستشهد بافتراءات بني إسرائيل على أنبيائهم:

- ‌5 - حديث خرافة:

- ‌6 - اعتقاده بصحة قصة الغرانيق:

- ‌7 - إيراده للخرافات وجهله بالسنّة:

- ‌8 - قصة بلقيس:

- ‌9 - غرائبه في الإسراء والمعراج:

- ‌أ- المعجزات بين يدي الإسراء:

- ‌ب- المعجزات في أثناء الإسراء:

- ‌ج- المعجزات في أثناء المعراج:

- ‌10 - تناقضه في إثبات رؤية الله عز وجل في الدنيا:

- ‌11 - تضعيفه للأحاديث الصحيحة واستشهاده بالموضوعات:

- ‌12 - إمعانه في الخرافات:

- ‌13 - تخبطه في التفسير:

- ‌14 - جهله ببدهيات اللغة والتاريخ:

- ‌15 - إغرابه في كل شيء:

- ‌16 - رده للسنّة والإجماع:

- ‌إشفاقنا على المفسر وتحذيرنا من تفسيره:

- ‌تفسير الأستاذ أحمد مظهر العظمة (1327 - 1403 هـ/1909 - 1982 م)

- ‌1. منهجه في التفسير:

- ‌2. نماذج من التفسير:

- ‌أ- من سورة الملك:

- ‌ب- النسق الفني في سورة المرسلات:

- ‌ج- آيات من سورة لقمان:

- ‌الصور البيانية:

- ‌3. الإشارات العلمية في الآيات:

- ‌1 - الشمس والقمر بحسبان:

- ‌2 - والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون:

- ‌4. بيانه للقيم الدينية والاجتماعية والخلقية:

- ‌3 - المفسر وآيات التشريع:

- ‌4 - رأينا في التفسير:

- ‌منهج العلامة محمد الطاهر بن عاشور (ت 1393 هـ/1973 م) في تفسير التحرير والتنوير

- ‌حياته:

- ‌قراءاته وأهم شيوخه حتى عام 1899 م:

- ‌مؤلفاته وكتاباته:

- ‌أولًا: مؤلفاته المطبوعة

- ‌ثانيًا: ومن كتبه المخطوطة:

- ‌المنهج العام لابن عاشور في تفسيره

- ‌القسم الأول: مقدمات التفسير:

- ‌القسم الثاني: مدخل إلى تفسير السورة الكريمة:

- ‌رأي الشيخ في ترتيب سور القرآن الكريم:

- ‌الثاني: ترتيب السور حسب النزول:

- ‌طريقة ابن عاشور في تفسير السورة:

- ‌قضايا علوم القرآن في تفسيره:

- ‌1. الحديث عن الحروف المقطعة في أوائل السور:

- ‌2. الأحرف السبعة:

- ‌3. منسوخ التلاوة:

- ‌اهتمام الشيخ باللغة:

- ‌تناوب حروف الجر:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا البلاغية:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا العقدية:

- ‌عنايته بآيات الأحكام:

- ‌نكاح المتعة:

- ‌نكاح الربيبة:

- ‌الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة (ت 1974 م) في زهرة التفاسير

- ‌تعريف بالشيخ محمد أبو زهرة:

- ‌صفاته- سعة علمه ومبدؤه:

- ‌المؤلفات والبحوث:

- ‌أشهر مؤلفاته وكتبه:

- ‌وفاته:

- ‌المنهاج الذي اتبعه الشيخ:

- ‌التفسير بالرواية (المأثور):

- ‌هل النبي صلى الله عليه وسلم فسر القرآن الكريم كله

- ‌تفسير القرآن بالراي:

- ‌الطريقة المثلى:

- ‌تفسير القرآن بالعلوم:

- ‌علم الكلام وأراء الفقهاء:

- ‌النسخ في القرآن الكريم:

- ‌المحكم والمتشابه:

- ‌القراءات القرآنية:

- ‌الشيخ لا يبين القراءة المتواترة من الشاذة:

- ‌مناسبة معجزة كل نبي لقومه:

- ‌نزول الفاتحة:

- ‌سورة الرعد مدنية:

- ‌رأيه في بعض مسائل التفسير:

- ‌رأيه في القتال:

- ‌رأيه في ترتيب نزول آيات الخمر:

- ‌قصة البقرة:

- ‌ رأيه في قتال الملائكة يوم بدر:

- ‌ترجيحات الشيخ:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا اللغوية:

- ‌ عنايته بالقضايا البلاغية:

- ‌رأيه في التكرار:

- ‌رده القول بالزيادة:

- ‌القول بتناوب الحروف:

- ‌معنى الباء في بسم الله:

- ‌الفعل المحذوف بعد (بسم الله):

- ‌حروف النداء:

- ‌معنى الباء في قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}:

- ‌تأثره بالعلم الحديث:

- ‌1 - تفسيره للرعد:

- ‌2 - تفسيره لقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}:

- ‌ملاحظات حول التفسير:

- ‌منهج الشيخ عبد الكريم الخطيب (ت 1985 م) في التفسير القرآني للقرآن

- ‌أولًا: تعريف بالمفسر عبد الكريم الخطيب:

- ‌ثانيا: التعريف العام بتفسير الخطيب:

- ‌ثالثا: المعالم الأساسية في منهج الخطيب في تفسيره:

- ‌1 - اهتمامه بعلوم القرآن:

- ‌2 - اهتمامه بمسائل العقيدة:

- ‌موقفه من المشيئة:

- ‌موقفه من عقيدة تناسخ الأرواح:

- ‌موقفه من الستة أيام:

- ‌دفاع الخطيب عن عصمة الأنبياء:

- ‌موقفه من الاستواء:

- ‌موقفه من الرؤية:

- ‌تصوره ليوم القيامة:

- ‌3 - المنهج الفقهي عند الخطيب:

- ‌إحياء فن النحت وصنع التماثيل:

- ‌مسألة مس المحدث للمصحف:

- ‌تفسير الخطيب لمصارف الزكاة:

- ‌رأي الخطيب في الخمر:

- ‌4 - الاتجاه الاجتماعي في تفسير الخطيب:

- ‌5 - اهتمامه بالقضايا السياسية:

- ‌6 - الإعجاز القرآني عند الخطيب:

- ‌الإعجاز في النظم:

- ‌الإعجاز في الكلمة القرآنية:

- ‌الإعجاز الموسيقي في القرآن الكريم:

- ‌الإعجاز العلمي عند الخطيب:

- ‌7 - مخالفته آراء العلماء والمفسرين:

- ‌8 - ظهور التناقض في بعض آرائه:

- ‌رأيه في المحكم والمتشابه:

- ‌نفقة العدة للمطلقة طلاقًا بائنًا:

- ‌موقف الخطيب من الحروف المقطعة:

- ‌9 - ظهور بعض الآراء الخطيرة:

- ‌القول بنظرية النشوء والارتقاء:

- ‌جرأة الخطيب على آيات كتاب الله:

- ‌الدعوة إلى وحدة الأديان:

- ‌10 - تعامله مع الروايات:

- ‌رد الأحاديث الصحيحة:

- ‌إهماله أسباب النزول:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌11 - دفاعه عن الإسلام والقرآن:

- ‌تعدد الزوجات:

- ‌الإسلام والجنس:

- ‌شبهة انتشار الإسلام بالسيف:

- ‌موقف الخطيب من الحروف الزائدة والأقسام المنفية:

- ‌ظاهرة التكرار في القصة القرآنية:

الفصل: ‌رأيه في ترتيب نزول آيات الخمر:

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]

وما ذكره الشيخ يخالف فيه العلماء، يقول الطبري عند قوله:{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} : "يعني به الإسلام، لا الصلح، لأن الله عز وجل إنما أمر عباده بالإيمان به وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وإلى ذلك دعاهم دون المسالمة والمصالحة، بل نهى نبيه صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال عن دعاء أهل الكفر إلى الصلح، فقال: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد: 35] وإنما أباح له صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال إذا دعوه إلى الصلح ابتداء المصالحة فقال له جل ثناؤه: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61]، فأما دعاؤهم إلى الصلح ابتداء فغير موجود في القرآن"(1).

‌رأيه في ترتيب نزول آيات الخمر:

يقول (2): "والأكثرون على أن قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} [البقرة: 219]، سبقت في النزول آية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]. ولكن يميل بعض المتأخرين -ذكر ذلك الأستاذ الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا رضي الله عنهما إلى أن آية {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} مقدمة على آية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} لأن هذه فيها إشارة إلى التحريم المطلق

فإذا كانت آية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} قد صرحت بعلة التحريم، فقد أومأت إلى التحريم المطلق. أما آية {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، فهي لم تصرح بالتحريم المطلق، بل أومأت إلى التحريم المؤقت أو المعلل بكونه لأجل الصلاة. وإذا كان الترتيب في النزول لأجل التدرج في المنع، فالمنطق يوجب أن يكون ما فيه إشارة إلى

(1) تفسير الطبري، 4/ 254. وانظر: منهج الشيخ محمد أبو زهرة في التفسير، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في التفسير، فهد بن عبد الله بن فريح الناصر، إشراف: الدكتور زيد بن عمر العيص، ص 470، جامعة الملك سعود.

(2)

لواء الإسلام، العدد الحادي عشر، السنة الخامسة، ص 663. زهرة التفاسير، 2/ 698.

ص: 397

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]

التحريم المطلق، مُؤخَّرًا عن ما فيه إشارة إلى التحريم المؤقت، والمعلل بكونه لأجل الصلاة" (1).

وهذا القول مردود لأنه يخالف الرأي والمأثور، وأما الرأي، فإن المتبادر للذهن، أن أول آيات الخمر نزولًا، إنما هي تلك الآية التي أنزلت ردًّا على سؤال هذا أولًا. وأما ثانيًا فإن المنافع التي في الخمر، إنما هي -والله أعلم- منافع اقتصادية، كما هو الحال في شأن الرقيق، فكانت الحكمة أن يتدرج في تحريمها، وهذا ما حدث بالفعل. وأما المأثور، فما رواه أصحاب السنن وغيرهم وصححه ابن المديني والترمذي (2) "عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في البقرة {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} -فقرئت عليه- فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت التي في النساء {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، فقرئت عليه، فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت {فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]-إلى قوله- {مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 91] فقال عمر: انتهينا انتهينا".

تفسيره لقوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221](3):

وهنا يعرض لمسألتين خطيرتين:

أ- تحديد معنى الشرك:

يرى الشيخ أن كلمة الشرك المستعملة في القرآن، لا تطلق إلا على الوثنيين أما أهل الكتاب، فلم يوصفوا بهذا العنوان وإنما وصفوا بألقاب أخرى كالكفر.

(1) زهرة التفاسير، 2/ 698 - 699.

(2)

فتح الباري، 9/ 349.

(3)

زهرة التفاسير، 2/ 713.

ص: 398

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]

يقول: "فكلمة مشرك ومشركين ومشركات، كلها إذا ذكرت في القرآن انصرفت إلى عبدة الأوثان من غير آية قرينة دالة على ذلك؛ لأنَّها صارت في الإسلام حقيقة عرفية عليهم، ولا تطلق على اليهود والنصارى وإن قال الله سبحانه عن النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73]، وعن اليهود: {وَقَالتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، إذ صار لفظ المشركين اسمًا لجنس معين، ولذا كان يذكر النصارى واليهود بعنوان أهل الكتاب، وعبدة الأوثان باسم المشركين، فقد قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)} [البينة: 1] فذكر في هذه الآية الكريمة الجميع بعنوان الكفر"(1).

ونحن إذا استعرضنا آي القرآن الكريم، لا يسعنا إلا أن نعجب من أقوال الشيخ، فهذه آيات من سورة النساء تتحدث عن أهل الكتاب. تبدأ بقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)} [النساء: 44]، وتنادي أهل الكتاب بنداء خاص بهم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} جاء في سياقها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} [النساء: 48] ولقد تنبه العلماء إلى سر ختم هذه الآية بهذه الخاتمة الكريمة، وسر ختم الآية التي تشابهها في السورة نفسها بقوله:{فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} [النساء: 116] فقرروا أن الآية الأولى تحدثت عن أهل الكتاب، والآية الثانية عن الوثنيين.

وهذه آيات سورة براءة التي استشهد الشيخ بجزء منها، ترد ما ذهب إليه الشيخ بسياقها فحسب، بل ترده بنصها في أكثر من موضع، قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا

(1) لواء الإسلام، العدد الثاني عشر، السنة الخامسة، ص 727.

ص: 399

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]

إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)} [التوبة: 31 - 33].

وآيات سورة الصف التي ختمت بمثل هذه الخاتمة، إنما كانت تتحدث عن اليهود والنصارى.

أفبعد هذا كلّه يمكن أن يقصر لفظ الشرك على عبدة الأوثان وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم. وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله: "إن الله حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله"(1).

أما من الناحية اللغوية، فإن أهل الكتاب قمينون بتلك التسمية، وهي حرية بهم، وما استدل به الكاتب من إطلاقات القرآن كمطلع سورة البينة، فليس فيه حجة. ذلك أن القرآن، ذكر فريقين اثنين، فلا بد لكل فريق من عنوان يميزه عن الآخر. والمسألة شبيهة تمامًا بما قاله العلماء عن لفظي الإيمان والإسلام "إذا اجتمعا تفرقا، وإذا تفرقا اجتمعا". وكذلك لفظ الشرك إذا ورد منفردًا، فإنه لا شك يشمل أهل الكتاب، وإذا ورد مع الكفر أو اليهود والنصارى خص بالوثنيين.

ب - رأيه في نكاح المشركين:

وبناءً على ما ذهب إليه شيخنا في معنى الشرك، قرر أن الآية الكريمة لا تشمل غير الوثنيين، وأن من ذهب غير هذا المذهب، فعدّها منسوخة أو مخصصة بآية المائدة، لا يستقيم فهمه لأسلوب القرآن الكريم (2). واضطرب كلامه على غير

(1) فتح الباري، ج 11، ص 337.

(2)

لواء الإسلام، العدد السابق، ص 728.

ص: 400

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]

عادته، فتارة يدعي إجماع الصحابة على إباحة الكتابيات، ويعود لينقضه بما روي عن عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما، ثم يرجح أن ما نقل عن ابن عمر إنما هو الكراهة ولكن الحافظ ابن حجر رد هذه الرواية عنه وجزم بالتحريم كما أوردناه سابقًا.

بقي هنا مسألتان:

أولاهما: نكاح غير المسلم للمسلمة، والشيخ يرى أن هذه الآية لا يؤخذ منها تحريم تزوج الكتابي بالمسلمة، وإنما يؤخذ من قوله تعالى:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]، مع أن آية البقرة أكثر صراحة.

ثانيتهما: ما استشعره الشيخ مما قد يوجه إليه، في معنى قوله تعالى:{أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [البقرة: 221] فحاول أن يرد على هذا الاعتراض بالنسبة لأهل الكتاب، فقال عن الكتابية:"أما الكتابية، فإن مجموع الفضائل الإنسانية من الصدق والأمانة ومنع الخيانة، وحُسْن المعاملة وحُسْن العشرة، وغيرهما من المبادئ الفاضلة، لا تزال باقية في تعاليم دينها، فيمكن الاحتكام إليها، كما يمكن الاطمئنان إلى أن الزوجة تستمسك بالفضيلة في الجملة، إن أحسن الاختيار"(1).

ثم يذهب الشيخ أبعد من ذلك فيقول: "وإن القرآن الكريم في جدله مع أهل الكتاب، كان يلاحظ إمكانَ التفاهُم معهم على قواعد يمكن حملهم على الإقرار بها".

ورأي أنه قد تكلف كثيرًا في أكثر ما ذهب إليه، وليته سار مع الجمهور فكان خيرًا له وأقوم قيلًا.

(1) لواء الإسلام، العدد الثاني عشر، السنة الخامسة، ص 735.

ص: 401