الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشافعي والحنبلي (1) والمالكي وأبي يوسف، فيوجز تسع تعليقات وتفريعات، مما يتصل بفحوى الآيات.
وكذلك الحال عند تفسيره لآيات السرقة (2)، يوجز بعض البيانات المتنوعة، التي وردت في كتب التفسير، كالطبري والبغوي والخازن وابن كثير وغيرهم، ثم هو لا يترك هذه البيانات والتفريعات، من غير تعليق عليها، بما يعن له على البال، أو توجيه لما يراه مناسبًا، من غير أن يلتزم مذهبًا معينًا (حسب عبارته).
ضعفه في أدوات التفسير:
إلا أننا نقول: إن الأستاذ دروزة في تفريعاته واختصاراته، ونقله عن المفسرين والفقهاء، يزيد في مساحة نقله للعنصر الأثري دون تمييزه، الأمر الذي يدلل على أنه يفقد عنصرين أساسيين وهما: معرفته بفنون الحديث، والملكة الفقهية الذاتية، وهما من مستلزمات المفسر للقرآن الكريم.
فها هو يذكر لنا حديثين متناقضين في صدد إتيان البهيمة، وهي من الحالات المحتملة الوقوع، التي يقول: إنه لم يقع على قول فيها فيما اطلع عليه، يقول الأستاذ دروزة (3):"ومن قبيل الاستطراد نذكر أن هناك حديثين متناقضين في صدد إتيان البهيمة رواهما أبو داود والترمذي عن ابن عباس. جاء في أحدهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه" وسأل الراوي ابن عباس ما شأن البهيمة؟ فقال له: "ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها، وقد عمل بها هذا العمل".
وفي ثانيهما: أن ابن عباس قال: "ليس على الذي يأتي البهيمة حد".
(1) هذا مع كل أسف تعبيره.
(2)
ج 11، ص 99.
(3)
ج 10، ص 12.
ويقف الأستاذ دروزة عند هذا الحد، الذي يدع فيه القارئ في دوامة النصوص والآثار، دون أن يرجح القوي ويكشف عن الضعيف، فهو لم يكلف نفسه عناء البحث عنها كغيرها في مظان الحديث الشريف، لينقل للقارئ ما يقوله أبو داود والترمذي عن هذين الحديثين، ولو نقل للقارئ ذلك، لكان أدى أمانة البحث العلمي.
وقد قال أبو داود عن الحديث الأول "ليس هذا بالقوي"(1)، وقال عنه أبو عيسى الترمذي:"هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم"(2). ويقول أبو عيسى عن الحديث الثاني: "وهذا أصح من الحديث الأول، والعمل على هذا عند أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق"(3). وقال أبو داود في صدد الحديث الثاني، الذي يرويه عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس:"حديثُ عاصم يُضَعِّفُ حديثَ عَمرو بن أبي عمرو"(4).
هذا ومن الانزلاقات الفقهية التي يجدر بنا أن ننبه عليها، هو ما وقع فيه الأستاذ دروزة عند بيانه لآيات {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ
…
} [النساء: 11] والآيات الثلاث التالية لها (5)، حيث يقول:"الفقرة الخامسة: إذا كان للميت والدان، وليس له أولاد وله إخوة، فلوالده الثلثان ولأمه السدس ولإخوته السدس". ولا ندري كيف بدأ الأستاذ دروزة يستنتج ذلك، والنص القرآني واضح العبارة، إذ يقول {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]. فمفهوم هذه المسألة التي عدَّد الأستاذ دروزة أفرادها، أن الإخوة محجوبون بالأب، والسدس يعود على أبيهم. وهذا هو رأي
(1) سنن أبي داود، ج 2، ص 468 - 469، الحديث 4464.
(2)
سنن الترمذي، ج 5، ص 151 - 252، الحديث 1455.
(3)
المرجع السابق.
(4)
سنن أبي داود، ج 2، ص 468 - 469، الحديث 4465.
(5)
ج 9، ص 25.