الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
يفسر القرآن بنظريات قابلة للنقض والتغير. إنه كتاب الله تعالى لا تبديل لكلماته، وهو العزيز الحكيم، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ثانيهما: ألا يكون الاتجاه إلى تحميل الألفاظ فوق ما تحتمل، فلا تجهد الآيات إجهادًا ليطبقوها على الحقائق أو ليطبقوا الحقائق عليها، بل لا يفكر أهل الخبرة في أسرار الآيات إلا ما يكون ظاهرًا واضحًا كما رأينا في الآيات التي تُلِيَتْ، ويكون عمل الخبير العلمي تصويرها من غير إجهاد لألفاظها، أو تحميلها ما لا تحتمل، إن الأخذ بهذا المنهاج السليم فيه بيان للقرآن الكريم، وصيانة له، وبعد به عن مواطن الشبهات.
علم الكلام وأراء الفقهاء:
كثر القول في تفسير القرآن الكريم في الكتب التي تصدت للتفسير كتفسير الزمخشري، وفخر الدين الرازي وغيرهما من أمهات كتب التفسير في أمور هي من علم الكلام؛ كتعلق إرادة الله تعالى بأفعال العباد، وكذلك الآيات القرآنية التي تتعرض للمشيئة والإرادة، وهداية العبد وضلاله، وللصفات أهي غير الذات، أم هي والذات شيء واحد، وغير ذلك من مسائل علم الكلام. والزمخشري مع مقامه في البيان، وإثباته إعجاز القرآن من تفسير القرآن، يذكر مذهبه الاعتزالي، ويخرج تفسيره على هذا المذهب، وتعقبه من جاء بعده في إثبات صحة مذهب الأشاعرة (1) أو الماتريدية، حتى يغلب القولُ التفسير والبيانَ، وتختفي معاني القرآن الكريم في لجاجة التعصب المذهبي، وهذا النوع من التفسير هو أحد القسمين اللذين ينطبق عليهما النهي عن الرأي؛ لأن المفسرين سبقت آراؤهم تفسيرهم، فحمَّلوا معاني القرآن على
(1) الأشاعرة: أو الأشعرية نسبةً إلى أبي الحسن إسماعيل بن إسحاق. ينتهي نسبه إلى أبي موسى الأشعري. وُلد بالبصرة 260 هـ والماتريدية نسبة إلى أبي منصور محمد بن محمد الماتريدي المتوفى سنة 332 هـ.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
ما يوافق مذهبهم، والقرآن الكريم فوق آرائهم، ومعاني القرآن فوق كل رأي ومذهب، وتحمل الآراء المذاهب على معاني القرآن لأنه الأعلى، وهو الشرع الحكيم.
فليست معاني القرآن أشعرية ولا ماتريدية، ولا اعتزالية، وإن تخريج الآراء على مقتضى مذهب من المذاهب يجعل القرآن مفرقًا، ويجعله عضين (1)، وذلك حرام؛ لذلك لا نفتح -بعون الله تعالى وتوفيقه- مجالًا لهذه المجادلة في ذكر معاني القرآن، بل نتجه -إن شاء الله تعالى- إلى المعاني الواضحة البيِّنة، من غير أن ننزلها من مقامها السامي إلى مضطرب المذاهب والآراء.
وبالنسبة للآراء الفقهية نلاحظ أمرين:
أولهما: أن اختلاف الآراء الفقيهة حول ما ثبت من الأحكام بالنصوص القرآنية قليل، فلا اختلاف لأنظار الفقهاء في آيات الأحكام بالنسبة للزواج وشروطه، والمحرمات، وغيرها، والاختلاف أساسه اختلاف الروايات، وهو في الأحكام الفقهية نادر، ولا يعلو إلى درجة الاختلاف الذي يورث عداوة، أو يوجد تراميًا بالكفر والخروج عن الربقة عند العلماء رضي الله عنهم وأرضاهم.
ثانيهما: وليس ثمة خلاف جوهري في أمر يتعلق بالأحكام الثابتة بالقرآن إلا الاختلاف بين جماهير المسلمين وطائفة الإمامية في الميراث، وهذا الاختلاف لا يخرج عن دائرة الثابت بالقرآن، وهو في تقديم بعض الورثة على بعض، فليس ثمة خلاف في أن للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا في أن الميراث يكون للأقرب فالأقرب، ولكن الاختلاف في معنى القرابة أحيانًا، وأحيانًا نجد النص القرآني يقرب، ولا يبعد.
ومسلكنا في آيات الأحكام أن نذكر الأحكام الثابتة بالقرآن بإجمال مستعينين بالسنّة القولية والعملية في العبادات، وفي الأنكحة، غيرها.
(1) عِضُون: جمع عِضة وهي القطعة الوجيز (عضي).