الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد وقفت على بعض التقارير العلمية لبعض العلماء الغربيين المحدثين (1) ينكرون فيه وصول الأمريكان إلى القمر عام 1969 م من خلال استخدام براهين الرياضيات والفيزياء والحسابات الفلكية، وأن ما أعلنته (ناسا) هو محض خيال ومشاهد مزيفة ومجرد تسجيل انتصار للغربيين على الاتحاد السوفييتي آنذاك، حيث كانت الحرب الباردة بينهما على أشدها، والذي يبدو لي أن القمر ليس في السموات السبع، وأن كنه السموات السبع لم يستطع الناس حتى في هذا العصر أن يصلوا إليه، وما روي في بعض كتب التفسير أن السموات السبع هي منازل الكواكب قول غير مقبول، والله أعلم بما ينزل.
عاشرا: نماذج من تفسير الشيخ رحمه الله من أضواء البيان:
عند قوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9] يقول الشيخ رحمه الله: "اختلف العلماء في معنى هذه الآية الكريمة: فقال بعض العلماء: معناها أن أولئك الكفار جعلوا أيدي أنفسهم في أفواههم؛ ليعضوا عليها غيظًا وحَنقًا لما جاءت به الرسل، إذ كان فيه تسفيه أحلامهم، وشتم أصنامهم، وممن قال بهذا القول: عبدالله بن مسعود وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم واختاره ابن جرير، واستدل له بقوله تعالى:{وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران: 119]. وهذا المعنى معروف في كلام العرب ومنه قول الشاعر:
تَرُدُّونَ في فيهِ غِشَّ الحسودِ
…
حتَّى يَعَضَّ عَلَيَّ الأكُفَّا
يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وكفيه، قال القرطبي: ومنه قول الآخر أيضًا:
(1) انظر:
1 -
moon Gate: suppressed finding of the us space program by billiam L. Brain.
2 -
the Anti - Gravit Hand Book، by David Thatcher childress.
قد أفنَى أناملَهُ أَزْمُهُ
…
فأضحَى يَعَضُّ عَليَّ الوَظِيفا
أي أفنَى أنامله عضًا، وقال الراجز:
لو أنّ سَلْمَى أبصرَتْ تَخَدُّدِي
…
ودِقَّةً بِعَظْمِ ساقي ويَدِي
وَبُعْدَ أهلي وجَفَاءَ عُودِي
…
عَضَّتْ مِن الوَجْدِ بأطرافِ اليدِ
وفي الآية الكريمة أقوال غير هذا، منها: أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم من العجب، ويروى عن ابن عباس.
ومنها: أنهم كانوا إذا قال لهم نبيُّهم: أنا رسول الله إليكم، أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم، أن اسكت تكذيبًا له وردًا لقوله، ويروى هذا عن أبي صالح.
ومنها: أن معنى الآية أنهم ردّوا على الرسل قولهم وكذبوهم بأفواههم، فالضمير الأول للرسل والثاني للكفار، وعلى هذا القول فإن (في) بمعنى الباء، ويروى هذا القول عن مجاهد وقتادة ومحمد بن كعب. قال ابن جرير: وتوجيهه أن (في) بمعنى (الباء). قال: وقد سمع من العرب أدخلك الله بالجنة يعنون في الجنة، وقال الشاعر:
وأرغبُ فيها عن لقيطٍ وَرَهْطِهِ
…
ولكِنَّنِي عن سُنْبُسٍ لَسْتُ أَرْغَبُ
يريد: وأرغب بها، قال ابن كثير: ويؤيد هذا القول تفسير ذلك بتمام الكلام وهو قوله تعالى: {وَقَالوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)} [إبراهيم: 9].
قال مُقَيِّدُهُ عفا الله عنه: الظاهر عندي خلاف ما استظهره ابن كثير رحمه الله لأن العطف بالواو يقتضي مغايرة ما بعده لما قبله، فيدل على أن المراد بقوله:{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ} الآية غيرُ التصريحِ بالتكذيب بالأفواه، والعلم عند الله.
وقيل: المعنى أن الكفار جعلوا أيديهم في أفواه الرسل ردًّا لقولهم، وعليه فالضمير الأول للكفار، والثاني للرسل، ويروى هذا عن الحسن.
وقيل: جعل الكفارُ أيدي الرسلِ على أفواه الرسُلِ لِيُسْكِتُوهم ويقطَعوا كلامهم ويروى هذا عن مقاتل.
وقيل: رَدَّ الرسلُ أيديَ الكفارِ في أفواههم، وقيل غير ذلك.
وقد رأيت الأقوال وما يشهد له القرآنُ منها، والعلم عند الله" (1).
عند قوله تعالى في السورة نفسها السابقة: {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم: 52] قال: "بيَّن في هذه الآية الكريمة أن مِن حِكَمِ إنزال القرآن العظيم العِلْمَ بأنه تعالى إله واحد، وأنّ مِن حِكَمِهِ أن يتعظَ أصحابُ العقول، وبيّن هذا في مواضع أُخر فذكر الحكمة الأولى في أول سورة هود في قوله: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}، كما تقدم إيضاحه. وذكر الحكمة الثانية في قوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} [ص: 29]، وهم أصحاب العقول السليمة من شوائب الاختلال، واحِدُ الألبابِ: لبٌّ بالضم، والعلم عند الله"(2).
وعند قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)} [مريم: 98] يقول: {وَكَمْ} في هذه الآية الكريم هي الخبرية، وهي في محل نصب، لأنها مفعول {أَهْلَكْنَا} و (من) هي المبيّنة لـ (كم) كما تقدم إيضاحه.
وقوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} أي: هل ترى أحدًا منهم، أو تشعر به، أو تحدُه {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)} أي: صوتًا. وأصل الركز: الصوت الخفي. ومنه رَكَّزَ الرمح: إذا غَيَّبَ طرفَه وأخفاه في الأرض. ومنه: الركاز: وهو دَفْنٌ جاهلي مُغَيَّبٌ بالدفن في الأرض، ومن إطلاق الرِّكز على الصوت، قول لبيد في معلقته:
(1) أضواء البيان، 2/ 242 - 243.
(2)
المصدر السابق، 2/ 250 - 251.
وتَوَجَّسَت رِزَّ الأنيس فراعَها
…
عن ظَهْرِ غيبٍ والأنيسُ سَقامُها
وقول طرفه في معلقته:
وصادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرَى
…
لهجي خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُنَدِّدِ
وقول ذي الرمة:
إذا تَوَجَّسَ رِكْزًا مُقْفِرٌ نَدَسٌ
…
بِنَبأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِهِ كَذِبُ
والاستفهام في قوله (هل) يزاد به النفي، والمعنى: أهلكنا كثيرًا من الأمم الماضية فما ترَى منهم أحدًا، ولا تسمع لهم صوتًا، وما ذكره في هذه الآية من عدم رؤية أشخاصهم، وعدم سماع أصواتهم، ذَكَرَ بعضه في غير هذا الموضع، كقوله في عاد:{فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)} [الحاقة: 8]، وقوله فيهم:{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25]، وقوله:{فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)} [الحج: 45] إلى غير ذلك من الآيات" (1).
هذا هو تفسير الشيخ الشنقيطي رحمه الله أرجو أن أكون قد أعطيتُ فكرةً تامة للقارئ عنه، وأعتذر أن كتابي لا يتسع لأكثر من هذا، راجيًا أن يكون فيما ذكرت الغنية والكفاية، وتتحدث الآن عن تتمة تلميذه الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله.
(1) المصدر السابق، 3/ 518 - 519.