المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القرآن وحدة واحدة: - التفسير والمفسرون في العصر الحديث - فضل عباس - جـ ٣

[فضل حسن عباس]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌منهج الأستاذ أبي الأعلى المودودي (ت 1399 هـ / 1979) في التفسير

- ‌الجزء الأول: من الفاتحة إلى آل عمران

- ‌حياته:

- ‌مقدمة:

- ‌جمع القرآن:

- ‌اختلاف اللهجات:

- ‌الشمولية:

- ‌دستور كامل:

- ‌مقترحات حول الدراسة:

- ‌منهجه في التفسير

- ‌تقديمه بين يدي السورة:

- ‌إبرازه هداية القرآن:

- ‌موقفه من القضايا اللغوية:

- ‌موقفه من المسائل العقدية:

- ‌موقفه من الخلافات الفقهية:

- ‌مقدمات تاريخية للآية:

- ‌عنايته بأسباب النزول:

- ‌إقلاله من الاستشهاد بالأحاديث:

- ‌رده على بني إسرائيل:

- ‌رده الشبهات:

- ‌وقوعه في الإسرائيليات:

- ‌منهجية مضطربة:

- ‌ملاحظة السياق:

- ‌تفسير سورة النور

- ‌توسعه في المسائل الفقهية:

- ‌رأيه في حجاب المرأة:

- ‌موقفه من الاستشهاد بالأحاديث:

- ‌تحليل الألفاظ:

- ‌الوعظ والإرشاد:

- ‌موقفه من المسائل البيانية:

- ‌عنايته بالمناسبة:

- ‌عقيدة التنزيه:

- ‌منهج الشيخ سعيد حوى (ت 1989) في تفسيره

- ‌حياته

- ‌ تفسيره

- ‌تقسيمه القرآن والسور:

- ‌القرآن وحدة واحدة:

- ‌موقفه من التفسير المأثور:

- ‌موقفه من أسباب النزول:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ مصادره

- ‌عنايته بالقضايا الفقهية:

- ‌قضايا العقيدة في التفسير:

- ‌موقفه من القضايا اللغوية:

- ‌موقفه من القراءت:

- ‌استطراداته:

- ‌أثر ثقافته وتجاربه على تفسيره:

- ‌منهج الإمام الشنقيطي (ت 1393 هـ/1973 م) تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن

- ‌القسم الأول

- ‌أولا: ترجمة الإمام الشنقيطي

- ‌مؤلفاته:

- ‌عقيدته:

- ‌ثانيا: التعريف بالتفسير:

- ‌ثالثا: ملاحظات على القضايا المنهجية في التفسير:

- ‌منهح الشيخ في تفسيره:

- ‌أولا: القراءات القرآنية:

- ‌ثانيا: موقفه من المبهمات:

- ‌ثالثا: الإسرائيليات:

- ‌رابعا: ذكره أقوال العلماء:

- ‌خامسا: منهجه في التوثيق:

- ‌سادسا: تفسيره للآيات العلمية من خلال مشاهداته:

- ‌سابعا: قلة عنايته بالقضايا البيانية:

- ‌ثامنا: موقفه من المخالفين:

- ‌تاسعا: ملاحظات على القضايا العلمية:

- ‌أ- قضايا اللغة:

- ‌ب - قضايا أخرى:

- ‌عاشرا: نماذج من تفسير الشيخ رحمه الله من أضواء البيان:

- ‌القسم الثاني تتمة الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله

- ‌أولا: ترجمة الشيخ عطية محمد سالم

- ‌مؤلفات الشيخ عطية:

- ‌ثانيًا: ملاحظات على تفسير الشيخ عطية محمد سالم

- ‌ميزات تفسير الشيخ عطية:

- ‌ثالثا: نماذج من تفسير الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله:

- ‌منهج الأستاذ محمد عزة دروزة رحمه الله (ت 1984 م) في التفسير الحديث

- ‌التعريف بالمؤلف:

- ‌المولد والنشأة:

- ‌في ميدان العمل:

- ‌في ميدان التربية والتعليم:

- ‌الحفاظ على الأوقاف الفلسطينية:

- ‌مشاركته في الحركة القومية:

- ‌إنتاجه الفكري:

- ‌وفاته:

- ‌ القرآن المجيد

- ‌أولا: الخطة المثلى لفهم القرآن:

- ‌1 - القرآن والسيرة النبوية:

- ‌2 - البيئة النبوية:

- ‌3 - اللغة القرآنية:

- ‌4 - القرآن أسس ووسائل:

- ‌تقسيم ليس فيه دقة ولا موضوعية:

- ‌5 - القصص القرآني:

- ‌ادعاؤه معرفة العرب للقصص القرآني ومناقشة أدلته:

- ‌زعم معرفة الرسول الكريم بهذا القصص قبل الوحي:

- ‌النصوص الصريحة تشكُل على المؤلف وتحيِّره:

- ‌صحة القصص القرآني وعدم تناقضه:

- ‌6 - الملائكة والجن في القرآن:

- ‌7 - مشاهد الكون ونواميسه:

- ‌8 - الحياة الأخروية في القرآن:

- ‌9 - ذات الله في القرآن:

- ‌10 - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها:

- ‌11 - فهم القرآن من القرآن:

- ‌ثانيًا: تعليقاته ومآخذه على المفسرين ومناهجهم:

- ‌تعليقه على روايات أسباب النزول:

- ‌ثغرات حذر منها العلماء:

- ‌ثغرات مزعومة:

- ‌التفسير المثالي كما يراه المؤلف:

- ‌منهجه في التفسير:

- ‌ترتيب يشذ به عن المفسرين:

- ‌الأدلة التي اعتمدها ومناقشتها:

- ‌محاذير هذه الطريقة:

- ‌عدم تأديتها للنتائج التي قصدها المؤلف وأمثلة ذلك:

- ‌1 - آيات التحدي:

- ‌2 - آيات الإسراء والمعراج:

- ‌نماذج من تفسير المؤلف:

- ‌تعبير غير دقيق:

- ‌سورة التكوير:

- ‌رأيه في بعض مسائل التفسير:

- ‌1 - فواتح السور:

- ‌رده القول برمزية الحروف:

- ‌إيراده أقوالًا غير معتبرة في تفسير هذه الحروف:

- ‌تعليله لكثرة الحروف أو قلتها:

- ‌رد هذا التأويل:

- ‌2 - المفسر والآيات الكونية:

- ‌نماذج من هذا التفسير:

- ‌تعليقنا على هذا المنهج:

- ‌3 - رأيه في السحر:

- ‌4 - المفسر والمتشابه:

- ‌نماذج من التفسير:

- ‌رأينا في هذا المنهج:

- ‌5 - آيات الأحكام:

- ‌ذكره تفريعات في تفسير آيات الأحكام وادعاؤه أن العلماء لم يتطرقوا إليها:

- ‌ضعفه في أدوات التفسير:

- ‌اضطراب يشوش على القراء:

- ‌استطراد:

- ‌بيانه لحكمة التشريع:

- ‌رأينا في هذا المنهج:

- ‌6 - الأستاذ دروزة وآيات الجهاد:

- ‌مناقشة تلك الآراء:

- ‌ملاحظات على التفسير:

- ‌7 - المفسر يعتمد على الإسرائيليات في مواضع متعددة:

- ‌أ - القصص:

- ‌ب- مشاهد الكون ونواميسه:

- ‌الأستاذ دروزة يرد على حملات المستشرقين:

- ‌تقييم التفسير:

- ‌منهج الشيخ عبد القادر ملا حويش العاني (ت 1398 هـ/1978 م) في بيان المعاني

- ‌1. نبذة عن حياة المؤلف:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌المناصب الإدارية التي تقلدها:

- ‌أوصافه:

- ‌حوار مع ولده:

- ‌مؤلفاته:

- ‌قصة كتابة التفسير:

- ‌2. التعريف بكتابه:

- ‌3. منهجه في التفسير:

- ‌ركاكة وتناقض:

- ‌اثنا عشر مطلبا يذكرها المؤلف:

- ‌الأصول التي اتبعها:

- ‌نماذج من التفسير:

- ‌1 - تفسيره للحروف المقطعة:

- ‌2 - مخالفته لصريح القرآن وصحيح الحديث:

- ‌3 - إخراج النصوص عن دلالاتها:

- ‌4 - يستشهد بافتراءات بني إسرائيل على أنبيائهم:

- ‌5 - حديث خرافة:

- ‌6 - اعتقاده بصحة قصة الغرانيق:

- ‌7 - إيراده للخرافات وجهله بالسنّة:

- ‌8 - قصة بلقيس:

- ‌9 - غرائبه في الإسراء والمعراج:

- ‌أ- المعجزات بين يدي الإسراء:

- ‌ب- المعجزات في أثناء الإسراء:

- ‌ج- المعجزات في أثناء المعراج:

- ‌10 - تناقضه في إثبات رؤية الله عز وجل في الدنيا:

- ‌11 - تضعيفه للأحاديث الصحيحة واستشهاده بالموضوعات:

- ‌12 - إمعانه في الخرافات:

- ‌13 - تخبطه في التفسير:

- ‌14 - جهله ببدهيات اللغة والتاريخ:

- ‌15 - إغرابه في كل شيء:

- ‌16 - رده للسنّة والإجماع:

- ‌إشفاقنا على المفسر وتحذيرنا من تفسيره:

- ‌تفسير الأستاذ أحمد مظهر العظمة (1327 - 1403 هـ/1909 - 1982 م)

- ‌1. منهجه في التفسير:

- ‌2. نماذج من التفسير:

- ‌أ- من سورة الملك:

- ‌ب- النسق الفني في سورة المرسلات:

- ‌ج- آيات من سورة لقمان:

- ‌الصور البيانية:

- ‌3. الإشارات العلمية في الآيات:

- ‌1 - الشمس والقمر بحسبان:

- ‌2 - والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون:

- ‌4. بيانه للقيم الدينية والاجتماعية والخلقية:

- ‌3 - المفسر وآيات التشريع:

- ‌4 - رأينا في التفسير:

- ‌منهج العلامة محمد الطاهر بن عاشور (ت 1393 هـ/1973 م) في تفسير التحرير والتنوير

- ‌حياته:

- ‌قراءاته وأهم شيوخه حتى عام 1899 م:

- ‌مؤلفاته وكتاباته:

- ‌أولًا: مؤلفاته المطبوعة

- ‌ثانيًا: ومن كتبه المخطوطة:

- ‌المنهج العام لابن عاشور في تفسيره

- ‌القسم الأول: مقدمات التفسير:

- ‌القسم الثاني: مدخل إلى تفسير السورة الكريمة:

- ‌رأي الشيخ في ترتيب سور القرآن الكريم:

- ‌الثاني: ترتيب السور حسب النزول:

- ‌طريقة ابن عاشور في تفسير السورة:

- ‌قضايا علوم القرآن في تفسيره:

- ‌1. الحديث عن الحروف المقطعة في أوائل السور:

- ‌2. الأحرف السبعة:

- ‌3. منسوخ التلاوة:

- ‌اهتمام الشيخ باللغة:

- ‌تناوب حروف الجر:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا البلاغية:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا العقدية:

- ‌عنايته بآيات الأحكام:

- ‌نكاح المتعة:

- ‌نكاح الربيبة:

- ‌الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة (ت 1974 م) في زهرة التفاسير

- ‌تعريف بالشيخ محمد أبو زهرة:

- ‌صفاته- سعة علمه ومبدؤه:

- ‌المؤلفات والبحوث:

- ‌أشهر مؤلفاته وكتبه:

- ‌وفاته:

- ‌المنهاج الذي اتبعه الشيخ:

- ‌التفسير بالرواية (المأثور):

- ‌هل النبي صلى الله عليه وسلم فسر القرآن الكريم كله

- ‌تفسير القرآن بالراي:

- ‌الطريقة المثلى:

- ‌تفسير القرآن بالعلوم:

- ‌علم الكلام وأراء الفقهاء:

- ‌النسخ في القرآن الكريم:

- ‌المحكم والمتشابه:

- ‌القراءات القرآنية:

- ‌الشيخ لا يبين القراءة المتواترة من الشاذة:

- ‌مناسبة معجزة كل نبي لقومه:

- ‌نزول الفاتحة:

- ‌سورة الرعد مدنية:

- ‌رأيه في بعض مسائل التفسير:

- ‌رأيه في القتال:

- ‌رأيه في ترتيب نزول آيات الخمر:

- ‌قصة البقرة:

- ‌ رأيه في قتال الملائكة يوم بدر:

- ‌ترجيحات الشيخ:

- ‌عناية الشيخ بالقضايا اللغوية:

- ‌ عنايته بالقضايا البلاغية:

- ‌رأيه في التكرار:

- ‌رده القول بالزيادة:

- ‌القول بتناوب الحروف:

- ‌معنى الباء في بسم الله:

- ‌الفعل المحذوف بعد (بسم الله):

- ‌حروف النداء:

- ‌معنى الباء في قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}:

- ‌تأثره بالعلم الحديث:

- ‌1 - تفسيره للرعد:

- ‌2 - تفسيره لقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}:

- ‌ملاحظات حول التفسير:

- ‌منهج الشيخ عبد الكريم الخطيب (ت 1985 م) في التفسير القرآني للقرآن

- ‌أولًا: تعريف بالمفسر عبد الكريم الخطيب:

- ‌ثانيا: التعريف العام بتفسير الخطيب:

- ‌ثالثا: المعالم الأساسية في منهج الخطيب في تفسيره:

- ‌1 - اهتمامه بعلوم القرآن:

- ‌2 - اهتمامه بمسائل العقيدة:

- ‌موقفه من المشيئة:

- ‌موقفه من عقيدة تناسخ الأرواح:

- ‌موقفه من الستة أيام:

- ‌دفاع الخطيب عن عصمة الأنبياء:

- ‌موقفه من الاستواء:

- ‌موقفه من الرؤية:

- ‌تصوره ليوم القيامة:

- ‌3 - المنهج الفقهي عند الخطيب:

- ‌إحياء فن النحت وصنع التماثيل:

- ‌مسألة مس المحدث للمصحف:

- ‌تفسير الخطيب لمصارف الزكاة:

- ‌رأي الخطيب في الخمر:

- ‌4 - الاتجاه الاجتماعي في تفسير الخطيب:

- ‌5 - اهتمامه بالقضايا السياسية:

- ‌6 - الإعجاز القرآني عند الخطيب:

- ‌الإعجاز في النظم:

- ‌الإعجاز في الكلمة القرآنية:

- ‌الإعجاز الموسيقي في القرآن الكريم:

- ‌الإعجاز العلمي عند الخطيب:

- ‌7 - مخالفته آراء العلماء والمفسرين:

- ‌8 - ظهور التناقض في بعض آرائه:

- ‌رأيه في المحكم والمتشابه:

- ‌نفقة العدة للمطلقة طلاقًا بائنًا:

- ‌موقف الخطيب من الحروف المقطعة:

- ‌9 - ظهور بعض الآراء الخطيرة:

- ‌القول بنظرية النشوء والارتقاء:

- ‌جرأة الخطيب على آيات كتاب الله:

- ‌الدعوة إلى وحدة الأديان:

- ‌10 - تعامله مع الروايات:

- ‌رد الأحاديث الصحيحة:

- ‌إهماله أسباب النزول:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌11 - دفاعه عن الإسلام والقرآن:

- ‌تعدد الزوجات:

- ‌الإسلام والجنس:

- ‌شبهة انتشار الإسلام بالسيف:

- ‌موقف الخطيب من الحروف الزائدة والأقسام المنفية:

- ‌ظاهرة التكرار في القصة القرآنية:

الفصل: ‌القرآن وحدة واحدة:

ثم يبدأ بالمقطع الأول من القسم، وطريقة دراسته للمقطع شبيهة بطريقته في القسم، حيث يبدأ بـ "كلمة بين يدي المقطع" يصف فيها الآيات التي ضمّها المقطع، وعن ماذا تتحدث، وموقع المقطع من السورة، وقد يربطه بسورة البقرة.

ثم يتناول "المعنى العام" للمقطع، وهو بمثابة المعنى الإجمالي لآيات المقطع، وما تناولته، من موضوعات، وبعد ذلك يبحث في "المعنى الحرفي"، وهو بيان وشرح لمفردات الآيات.

ويتبع ذلك بـ "فوائد" اشتملت عليها الآيات، ويذكر في "الفوائد" تفصيل بعض القضايا التي رأى أن المقام في "المعنى الحرفي" لا يتسع لها، فقد يذكر خلافًا للعلماء في أمر اشتملت عليه الآيات، وقد يذكر أحاديث وآثارًا وردت في معنى الآيات، وقد يذكر سبب النزول، وقد يورد شبهة ويرد عليها، أو يفترض سؤالًا ويجيب عليه. فتعدّ هذه "الفوائد" توسّعًا في توضيح الآيات.

هذه العنوانات (كلمة في السياق، المعنى العام، المعنى الحرفي، فوائد) هي أبرز العنوانات الواردة في التفسير، قد يزيد عليها، وقد يحذف شيئًا منها، حسبما يقتضيه المقام.

ويختم السورة بخاتمة يجعله بعنوان "كلمة أخيرة في السورة"، يذكر فيها بإيجاز القضايا التي عالجتها السورة، أو يذكر الصلة مع سورة البقرة مرة أخرى (1)، أو الصلة بين فاتحة السورة وخاتمتها، وقد يذكر أبرز الفوائد من السورة بإيجاز شديد.

‌القرآن وحدة واحدة:

تحدث العلماء - مفسرون وغيرهم - قديمًا وحديثًا عن ترابط الآيات في السورة الواحدة، وترابط السور في القرآن الكريم، وكونه وحدة واحدة، ومع كثرة

(1) وهو كثير التكرار لهذا الأمر، لرغبته في إبرازه وإثبات نظريته.

ص: 54

موضوعاته نجد نسقًا واحدًا في غاية الإحكام، وفي منتهى السبك والرصف، وهذا من مظاهر إعجازه.

وفي هذا المعنى يقول الإمام الباقلاني: "إن القرآن على اختلاف ما يتصرف فيه من الوجوه الكثيرة والطرق المختلفة يجعل المختلف كالمؤتلف، والمتباين كالمتناسب

وهذا أمر عجيب تتبين فيه الفصاحة، وتظهر به البلاغة، ويخرج به الكلام عن حد العادة، ويتجاوز العُرف" (1).

وقد اهتم الشيخ سعيد بهذا الجانب اهتمامًا بالغًا، بحيث إننا نستطيع أن نقول: إن هذا التفسير جاء تطبيقًا عمليًا لما تحدث عنه العلماء، فقد التزم ببيان نظرية الوحدة القرآنية التي أَلَّفَ تفسيره لأجل إبرازها، وقد كان دائم التفكير منذ الصغر بأسرار الصلة بين الآيات والسور كما يقول.

ولعل السبب في اهتمامه هذا هو ما قاله في مقدمة تفسيره بأن أحدًا لم يستوعب هذه القضية بما يغطيها تغطية كاملة، وبأن الكثير من الناس في عصرنا يتساءلون عن الصلة بين آيات القرآن الكريم وسوره، وعن السرّ في تسلسل سور القرآن على هذه الشاكلة المعروفة.

وفي هذا يقول: "لئن عرّج بعض المفسرين على هذا الموضوع، فإن أحدًا منهم لم يستوعب القرآن كله بذكر الربط والمناسبة بين الآيات في السورة الواحدة، وبين سور القرآن بعضها مع بعض على ضوء نظرية شاملة، وقد بُذل حتى الآن الجهد الأكبر في الربط بين الآيات في السورة الوحدة، ولكن النقطة الثانية - يقصد الربط بين الآيات - لم يُبذل فيها جهد إلا ضمن حدود ضيقة، وكلا الجهدين فاتته إلى حد

(1) إعجاز القرآن، الباقلاني، ص 56.

ص: 55

كبير بعض أسرار الوحدة الشاملة، ولقد حاولت في هذا التفسير أن أسدّ هذه الثغرة لاعتقادي أن أسرار الوحدة القرآنية لا يُحاط بها" (1).

وجدير بالذكر أن تفسير البقاعي "نَظْم الدرر في تناسب الآيات والسور" كان في طور الطباعة حين كتب الشيخ تفسيره، ولم يكن قد اطلع عليه بعد.

كما كثرت الشبهات حول القرآن، ومن آخرها وأعجبها ما تثيره الآن أكثر دوائر الكفر بشكل مهذب أو وقح حول الوحدة القرآنية، وأن القرآن بشريّ الصدر كونه نزل منجمًا، حيث لا ترابط بين أجزائه، فرأى رحمه الله أن هذا الأمر، وإنْ كان من أعظم مظاهر الإعجاز إلا أنه يحتاج إلى بيان، ويرى أن الله منَّ عليه فسدّ هذه الثغرة مصحِّحًا الكثير من الغلط في هذا الشأن ومضيفًا أشياء كثيرة لم يسبق إليها، فلم يطرقها أحد قبله (2).

وبناءً على اعتقاد الشيخ بقصور المحاولات السابقة قدّم نظرية شاملة تربط أجزاء القرآن بعضها مع بعض، فربط بين آيات السورة الواحدة، وبين سور القرآن على ضوء هذه النظرية الشاملة، فلم يكتفِ ببيان مناسبة كل سورة للتي قبلها، وإنما حاول الربط بين السور غير المتتالية كذلك، فكان يبين علاقة السورة بمجموعتها وعلاقة السورة بقسمها وبمحورها من سورة البقرة، ويشير إلى التناسب بين الفقرة والفقرة، وبين المجموعات، وبين الفقرة ومجموعتها.

ويرى الشيخ أن تغطيته لهذا الموضوع لها فوائد عدة، ذكرها متفرقة في مقدمة التفسير، نجملها بما يلي:

• تلبي مطلبًا من مطالب عصرنا.

• تروي ظمأ طلاب العلم والباحثين عن دقائق أسرار هذا القرآن.

(1) مقدمة التفسير، 1/ 24.

(2)

انظر: مقدمة "الأساس"، 1/ 18.

ص: 56

• كما أنها تضع لبنة في صرح الحديث عن إعجاز القرآن ومعجزاته.

• ومن خلالها يزداد ترجيح بعض الجوانب التي وقع فيها خلاف كقضية: إن ترتيب سور القرآن توقيفي وليس اجتهاديًا، فمع أن جماهير الأمة ذهبت إلى هذا، فإن هذا التفسير سيبرهن على هذا الموضوع بشكل علمي.

• كما أنه بإبراز الوحدة القرآنية ببيان الصلة بين سور القرآن، والصلة بين الآيات في السورة الواحدة، سيتم الجواب على السؤال: لماذا لم تكن المعاني ذات المضمون الواحد موجودًا بعضها بجانب بعضها الآخر.

• كما أن القارئ لهذا التفسير سيرى أن هذا الترتيب يبن سور القرآن على هذه الشاكلة التي رتبها الله عز وجل في كتابه، شيء به وحده تقوم الحجة على كل من يتصور أن هذا القرآن يمكن أن يكون بشري المصدر.

• وتردّ هذه النظرية على شبهة أن هناك افتراقًا بين القرآن المكي والمدني (1).

• وتخدم هذه النظرية في معرفة بعض أسرار القرآن.

• وتخدم قضية الفهم للكثير من المعاني التي يدل عليها السياق (2).

هذه أهم القضايا التي يرى الشيخ سعيد أن نظريته ستجلّيها وتوضّحها، وعلى ضوء هذه النظرية نجده يربط جميع سور البقرة، بسورة البقرة، فيرى أن هناك معانيَ مشتركة بين كل سورة وسورة البقرة، فقد قسم القرآن بعد سورة البقرة إلى أربع وعشرين مجموعة، كل مجموعة تفصل معاني سورة البقرة بالترتيب الوارد فيها، قال في نهاية تفسيره: "رأينا أن سورة الفاتحة ذكرت كل المعاني القرآنية بإجمال، وجاءت سورة البقرة لتفصّل في الطريقين: طريق المنعَم عليهم، وطريق المغضوب عليهم والضالين، وجاءت الآيات التسعة والثلاثون من سورة البقرة للتحدث عن المعاني الرئيسة في الهدى والضلال.

(1) لعله يشير بهذا إلى ما أثاره بعض المحدثين، من أن القرآن المكي أبلغ من المدني.

(2)

انظر مقدمة التفسير، 1/ 25، 27.

ص: 57

ثم جاءت بقية السورة لتخدم معنى من المعاني الآتية في هذه التسعة والثلاثين آية، ثم جاءت بعد ذلك أربع وعشرون مجموعة قرآنية، كل مجموعة فصلت في معاني سورة البقرة على ترتيب ورود هذه المعاني في سورة البقرة بشكل رأينا حكمه وتفصيلاته فيما مرّ معنا، ورأينا أن في كل تفصيل جديدًا، وفي كل سورة جديدًا" (1).

ومن الأمثلة على ذلك ربطه سورة يونس بأول آية من سورة البقرة، حيث قال:"محور هذه السورة - يونس - أول آية من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} [البقرة: 1 - 2] فهي تفصيل لهذه الآية"(2).

ومن ذلك ربطه سورة المعارج بمقدمة سورة البقرة، حيث قال:"قلنا من قبل إن سورة المعارج تفصّل في مقدمة سورة البقرة، وبالتحديد فإنها تفصّل في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} [البقرة: 6 - 7]، فبداية السورة: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)} [المعارج: 1 - 2]، ثم بعد آيات يأتي قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعارج: 15 - 17]، ثم بعد آيات يأتي قوله تعالى: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36)} [المعارج 36] ، ثم بعد آيات يأتي قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)} [المعارج 42]، فأنت ترى مما نقلناه أن الكلام في السورة ينصبّ انصبابًا رئيسيًا على الكافرين وعذابهم وأحوالهم"(3). ويشترك مع سورة المعارج في المحور نفسه من سورة البقرة السور التالية: الأنبياء، ص، غافر، القمر، نوح، الجن، النبأ، عبس، الهمزة، الفيل، وقريش، وأجاب عن سبب ارتباط أكثر من سورة بالآيات

(1) الأساس، 11/ 6770.

(2)

الأساس، 5/ 2424.

(3)

الأساس، 11/ 6129.

ص: 58

الأولى من سورة البقرة، فقال:"إن هذه المعاني التي ذكرتها الآيات الأولى من سورة البقرة عليها مدار الإسلام كله، فبقدر ما تتعمق معانيها في النفس البشرية وتتضح، يكون الإسلام قائمًا والأمر مستقيمًا"(1).

والسبب الذي من أجله جعل الشيخ سورة البقرة هي الأساس والمرجع مجموعُ الأحاديث النبوية التي وردت في بيان فضل السورة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم:"اقرؤوا القرآن؛ فإنه شافع لأهله يوم القيامة، اقرؤوا الزهراوين، البقرة، وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرقان من طير صوافّ يحاجان، عن أهلهما، ثم قال: اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة"، ومنها:"إن لكل شيء سنامًا، وإن سنام القرآن البقرة، وإن من قرأها في بيته ليلًا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارًا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام"، وغيرها من الأحاديث الشريفة.

ولكن

ومع فضل سورة البقرة إلا أن رجعَ كلِّ سورة قرآنية إلى محور منها فيه تكلف ظاهر، إذ إن آيات القرآن الكريم كلها مترابطة ومتشابهة من حيث المضمون والمعنى، فالوعد والوعيد، وقصص السابقين، والتذكير بنِعَم الله، والعبادات والعقائد كلها معانٍ مشتركة بين سور القرآن الكريم، فلا وجه لجعل سورة البقرة بالذات هي الأساس التي ترجع إليها بقية السور، وإن كان لا بد من جعل سورة هي الأم والمرجع، فسورة الفاتحة هي أم الكتاب، وقد تحدث العلماء عنها قديمًا، وبيّنوا اشتمال آياتها للمقاصد الأساسية في القرآن الكريم.

وهو يربط كذلك بين السور، من ذلك ما قاله حين ربط بين سورتي الحاقة والواقعة: "

يبقى أن نتساءل عن سر التشابه بين سورة الحاقة وسورة الواقعة؟ أقول: إن اليوم الآخر يدفع للعمل كما يدفع للإيمان، وقد جاءت سورة الواقعة تفصّل في ما بعد مقدمة سورة البقرة، وجاءت سورة الحاقة تفصّل في مقدمة سورة

(1) الأساس، 10/ 5843.

ص: 59