الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يزيد الطين بلة أنه يقول في سورة هود (1): "وأول الآيتين المدنيتين 12/ 13 في هذه السورة، هو قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}: اختلق محمد هذا القرآن ونسبه إلى الله "قل يا سيد الرسل لهؤلاء المفترين"، فائتوا بعشر سور مثله مفتريات: "أي تحداهم يا محمد بذلك، لأنهم عرب مثلك، والقرآن باللغة العربية فقل: إذا كنتم تزعمون أني افتريته، فافتروا عشر سور مثله". وكان نزل من القرآن عند هذه الحادثة جميع السور المكية، وهي ست وثمانون سورة وقسم من المدني، لأن هذه الحادثة وقعت في المدينة. وهاتان الآيتان نزلتا فيها متأخرتين عن سورتهما المكية، التي عددها بحسب النزول اثنتان وخمسون سورة، وقد ذكرنا في سورة يونس المارة عند قوله تعالى:{فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} أن معناها هناك مثل جميع ما نزل
…
ولهذا لا دليل لمن قال بأن هود نزلت قبل يونس، لأنه تحداهم بعشر سور، فلما عجزوا تحداهم في يونس بسورة واحدة .. وإن آية هود نزلت بعد اية يونس بسنين وأشهر وأيام". هذا التناقض العجيب الغريب، الذي يدل أول ما يدل، على عدم التمحيص العلمي فقط، بل وعدم الروية في الأمور والتفكير المنطقي السوي. ويا ليته قال أن آية يونس مدنية لكان أمره أسهل وأهون، ولكنه التأليف الذي لا توجد عليه رقابة العلماء! ! .
14 - جهله ببدهيات اللغة والتاريخ:
وأحب هنا أن آتي لموضوع آخر، لا يتعلق بالآثار، ولا بالقسم المكي والمدني وإنما يتعلق بمسائل أخرى كاللغة والتاريخ لندرك بضاعة الرجل وتذوقه اللغوي وتمييزه بين عصور التاريخ الإنساني. هذا الرجل الذي يقول إنه درس كتب المستشرقين، وأتقن العلوم اللغوية والعقلية! ! ! وسأقتصر على أنموذج واحد - فالنماذج كثيرة لمن أراد أن يطلع.
(1) ص 102.
يقول عند تفسير قول الله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)} [الأعراف: 102]:
"مطلب في تفاوت حروف الجر
…
وألقاب الملوك: وجيء بمن هنا للتأكيد والإحكام"
…
وانظر لهذا الجناس التام المماثل، بين قوله:{وَمَا وَجَدْنَا} وبين قوله: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}
…
و (إن) في صدر هذه الآية مخففة من الثقيلة، وخبرها ضمير الشأن. واللام في {لَفَاسِقِينَ} اللام الفارقة بين (إن) النافية والمخففة حيث أوجبوا وجود اللام بعد (إن) المخففة، لئلا تلتبس بالنافية التي لا يأتي اللام بعدها، والمعنى أنه أي الحال والشأن وجدنا أكثرَهم فاسقين. راجع الآية 45 والمارة (1). وقال بعض المفسرين: إنَّ (إنْ) بمعنى (ما)، واللام بمعنى (إلا) أي: ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين، وهو وجيه، وفيه من البلاغة ما لا يوجد في التفسير الأول، وسياق صدر هذه الآية يوافق المعنى، إلا أنَّ مجيء اللام بمعنى إلا شاذ. لهذا قدمنا الاختيار الأول، مع اختيارنا للثاني لولا ذلك المانع".
(1) الصواب الآية 44، يعني قوله تعالى:{أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44)} [الأعراف: 45] حيث قال: "واعلم أنّ {أَنْ} هذه والتي قبلها يعني (أن) الواردة في قوله تعالى: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا} [الأعراف: 43] مخففتان من الثقيلة" أو مفسرة لكيفية المناداة وهو الأصوب. لأن المخففة يعقبها اللام وهو مفقود هنا، راجع آخر سورة القلم [الآية: 51] المارة" يقيني ويقين كل عاقل، أن صاحبنا لم يدرك الفرق بين (إن) و (أن) المخففتين من (إنَّ) و (أنَّ) ولهذا فهو يخلط بينهما، فيجعل لـ (أن) [الأعراف: 44] اسمًا وخبرًا. ويريد لـ (أن) اللام الفارقة بينها وبين (إنّ) النافية. ولهذا فـ (أن) في سورة الأعراف [44] تفسيرية، لأنها لم تأتِ اللام الفارقة بجانبها. والآية التي أرشد إلها في سورة القلم هو قوله تعالى:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ. . .} [51]، فالواو استئنافية، و (إنْ) مخففة من (إنَّ) الثقيلة مهملة، حيث أجرى حكمًا واحدًا على (إن) في سورة القلم و (أن) في سورة الأعراف [44]، وكان بإمكانه أن يريح غيره ويريح نفسه، ويجري على ما جرى عليه الكثيرون، من عدم التعرض لهذه الاصطلاحات مع إتقانهم لها.