الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفحات الكتاب، كان لا بد وأن تتناثر الدرر التي نزلت في المراحل المتأخرة، وهذه هي حكمة الترتيب الحالي.
وجدير بالإشارة أن ترتيب السور القرآنية الحالي لم يقم به الصحابة كما يزعم البعض، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي رتبه جهدي من الله وتحت إشرافه ومباشرته (1).
جمع القرآن:
تحدث عن مراحل جمع القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه، وأن زيدًا رضي الله عنه نهج في ترتيب السور عين الترتيب الذي أقرّه الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، واستدلّ على ذلك بحرص زيد رضي الله عنه على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمر، وأنه حضر التلاوة الثانية مع النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام، وبحفظ الصحابة الذين حفظوه مرتبًا على النحو الذي علَّمه لهم النبي صلى الله عليه وسلم (2).
اختلاف اللهجات:
استشار الخليفة عثمان بن عفان الصحابة باستخدام النُّسخ المعتمدة التي جمعت بأمر سيدنا أبي بكر رضي الله عنه في العالم الإسلامي دون غيرها، وحظر كافة النسخ الأخرى المكتوبة بلهجات مغايرة، وأحرق كافة النسخ الأخرى، من ضمنها نسخ الصحابة الشخصية التي كتبوا عليها بعض الكلمات التفسيرية والتعليقات.
وكان هذا عملًا سديدًا صادرًا عن ذي نظر بعيد ثاقب، ولا يرتاب أحد بأن القرآن الذي معنا الآن هو بعينه الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالم.
(1) ينظر: تفهيم القرآن، الجزء الأول من الفاتحة إلى آل عمران، أبو الأعلى المودودي، تعريب: أحمد إدريس، ص 7 - 18، الكويت، دار القلم.
(2)
ينظر: المرجع السابق، ص 19 - 20.
ثم شرع الأستاذ أبو الأعلى في دراسة موضوع القراءات واختلافها، لما وُجد بسببها كثير من الظن والالتباس والزعم بأن القرآن لم يبقَ سليمًا، وسرد حقائق تساعد على فهم طبيعة القراءات ومداها:
1 -
لم يكن الخط العربي الذي كتب به كُتّاب الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء حياته منقطًا أو مشتملًا على حركات صوتية، وكذا الحال في النسخة التي جمعها زيد بن ثابت في عهد أبي بكر، وكذلك النسخ التي وزعها عثمان بن عفان رضي الله عنهم.
2 -
مع أن صحة النص القرآني قد تأكدت في الرسم المكتوب، إلا أن انتشاره كان مشافهة، وذلك لانتشار الأمية بين الناس وندرة الورق.
3 -
عثمان رضي الله عنه حين أرسل إلى كل مراكز الإسلام نسخًا صحيحة من القرآن لم يكتفِ بذلك، بل أرسل مع كل نسخة قارئًا.
4 -
على كر الأيام رؤي ضرورة وجود حركات صوتية للمحافظة على قراءة القرآن الصحيحة.
يتضح من الحقائق التاريخية السالفة أن قراءة القرآن (باختلافات طفيفة جدًّا) هي القراءة نفسها التي قرأها الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويجمع العلماء على تأكيد القراءة الصحيحة بأنها:
1 -
تطابق نصّ النسخة التي وزعها عثمان رضي الله عنه.
2 -
تخضع لمعجم اللغة العربية واستخدامات ألفاظها وقواعدها.
3 -
القراءة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه والواردة بحلقات متصلة وأسانيد مربوطة في روايتها.
هذا هو سبب وجود اختلافات طفيفة في قراءة القرآن، وهي اختلافات لا تتعارض مع معانيه، بل تُوسِّعها وتجعلها أكثر فهمًا، وبهذا لا يوجد أدنى شكّ في أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه قد مارس هذه القراءات على اختلافها ورسمها الموجود الآن، ثم