الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدة. وقد يأتي أحيانًا بمقدمة للسورة، يذكر فيها تاريخها ومقاصدها، ويأتي بالمفردات، وقد يعقب ذلك بإجمال لمعاني الآيات أو السورة، يفصله فيما بعد. وكثيرًا ما يأتي بالصورة الأدبية والنسق الفني، والإشارات البيانية التي تتضمنها السورة.
وها هو بين منهجه عند تفسيره لسورة لقمان:
"شرح معاني الألفاظ اللغوية حسب مواضعها في التنزيل. بيان المعاني المجملة ثم المعاني المفصلة للآية أو الآيتين فأكثر. إيثار تفسير القرآن بالقرآن كلما أمكن ذلك، فما أجمل منه في موضع، فكثيرًا ما يكون قد فُسِّر في آخر. ثم بالسنّة ثم بما يعتد به من الأقوال، ثم بروح التشريع. وذلك في ظل أسباب النزول إن وجدت، والروابط العامة والخاصة بين الآيات الكريمة، دون التعويل على الرأي المجرد. بيان الأحكام والقيم التي تؤخذ من الآية، دينية كانت أو اجتماعية أو خلقية أو تاريخية أو أدبية أو فنية، دون استطراد مخل".
2. نماذج من التفسير:
أ- من سورة الملك:
يقول بعد تفسير المفردات: "بدأ الله هذه السورة بتمجيده سبحانه وتنزيهه فقد تنزه الله تعالى عن كل ما لا يليق به، كمشابهته خلقه، جلت عظمته، فهو مالك الملك المطلق التصرف الذي لا يعجزه شيء، وأي ملك كملكه؟ وأي عظمة كعظمته؟
ثم أورد جملة من أدلة تصرفه الشامل، وسلطانه المطلق، وقدرته العظيمة، إذا تدبرها مشركو مكة وغيرهم أفردوه -جل وعلا- بالعبادة، وهجروا ما اعتادوه من عبادة الأصنام، وتلك الأدلة يدركها العالم والجاهل، لأنها من الأدلة المحسة غالبًا، الناطقة بقدرة الله تعالى، ومع تلك الأدلة من التوجيه والعِبَر ما فيه مزدجر.
فهو الذي خلق الموت والحياة. خلق العدم (الموت)، وإن شئت قلت أنشأ عناصر الوجود الحيوي، ثم خلق الحياة العجيبة البشرية وغيرها، لتكون مدارًا
لاختيار البشر، أو لإعذارهم في طاعة الله تعالى، بإحسان أعمالهم التي دعا إليها، وذلك هنا مثل قوله تعالى في سورة أخرى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28]، فوصف ما سبق الحياة بالموت، وما أشبهه به! وما أحسن هنا صفتي (العزيز) و (الغفور)، فالله سبحانه العزيز الغالب، الذي لا يعجزه أمر من عصاه، فأساء عملًا، وهو العلي العظيم الغفران، لمن تاب وأناب.
وهو {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [الملك: 3]، يعلو بعضها بعضًا، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3]، أثرًا للاختلاف والخلل، فالانسجام في الخلقة، والتصرف التام يشمل خلقه الظاهر لنا والخفي، كذلك السموات الطباق بالاستدلال القياسي إذ الإتقان في الظاهر، دليل الإتقان في الباطن، الصادر عن الحكيم القادر. وهذه السماء {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)} [الملك: 3]، هل ترى من شقوق أو صدوع تدل فيما نراه على اختلاف وتفاوت؟ كلا إذ لا ترى إلا الإحسان والإتقان {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] بل كرات، فالمراد كثرة النظر والتأمل والتدبر {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 4]، يرجع النظر إليه -سواء كان نظرك مجردًا أو مستعينًا بمنظار- ذليلًا، ومن لا يذل لعظمة الله تعبًا كليلًا؟
أما حقيقة هذه السموات السبع هنا، فقد قصر علمنا الضعيف الآن عنها، فقد تكون كواكب معينة من السيارات أو غيرها، تساوت في شروطها الحيوية، أو تشابهت وقد تكون أفلاكًا، وقد تكون أجواء لها. وفي لسان العرب "السموات السبع أطباق الأرضين". وقد روى عن ابن عباس في قوله تعالى:{سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] أنه قال: "لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها"، وما عسى أن يحدثهم مما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد يبين لهم أنها كالأرض خلقًا، وأنها تبعد كذا وكذا، وأن فيها كيت وكيت، فيفسد عليهم دينهم، بتعريضهم للغيب والظنون، وإنما يخاطب الناس بما يعقلون، وإنما القصد من