الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
وإن ذكر قراءة لم يعزها إلى أصحابها، كما أنه رحمه الله لم يكن يميز بين متواترها وشاذها.
الشيخ لا يبين القراءة المتواترة من الشاذة:
مثال ذلك: يذكر في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (2)} [الفاتحة: 2]، قراءتين:
الأولى: وهي الرفع {الْحَمْدُ} والثانية: (الحمدَ).
فيقول: "وتقرأ كلمة {الْحَمْدُ} برفع الدّال، والمعنى: الحمدُ الثابت الكامل المستغرق لكل صنوف الحمد هو لله وحده
…
وهناك قراءة بفتح الدال علي أنه مصدر، ومنصوب بفعل محذوف، ويكون المؤدَّى للقول: أحمدِ الحمدَ كلّه لله تعالى، فلا تحمدْ سواه .. وهذه القراءة تفيد تجدد الحمد آنًا بعد آنِ بالتذكير بنِعَم الله تعالى وآلائه، والقراءة السابقة تفيد دوام الحمد، كما تدل على ذلك الجملة الاسمية لأنها تفيد الاستمرار" (1).
ولم يكتف الشيخ بما ذكره، ولكنه عَدَّ قراءة (الحمدَ) بالنصب قراءة متواترة مع أنها قراءة شاذة كما ذكر علماء القراءات.
قال الإمام القرطبي رحمه الله: "وأجمع القرّاء السبعة وجمهور الناس علي رفع الدال في {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجّاج: (الحمدَ لله) بنصب الدال"(2).
(1) أبو زهرة، 1/ 57.
(2)
القرطبي، 1/ 95.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
يقول أبو زهرة في الجمع بين القراءتين في (الحمد): "وإني أرى أنّ القراءات المتواترة كلها لا تتباين، ولا تتضارب، بل تتلاقى، وتكمل واحدة معنى في الأخرى، فبالجمع بين القراءتين يكون معنى النص السامي: اجعل الحمدَ دائمًا مستمرًا ومتجددًا، ليكون القلب دائمًا عامرًا بذكر الله تعالى"(1).
ومن الأمثلة أيضًا: القراءات في {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} [الفاتحة: 4]:
قال أبو زهرة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} : فيه قراءات تختلف في أشكالها، ولا تختلف في مضمونها فقرئ هكذا: مالِك يوم الدين، وقرئ: مليكِ يوم الدين وقرئ: مَلكِ يوم الدين.
وقرأ أبو حنيفة رضي الله عنه مَلَكَ يومَ الدين، وقرئ: مالكًا يوم الدين، وقرئ: مالكٌ.
والقراءات كلها تنتهي إلى معنى واحد، وإن كانت تختلف في أعاريبها، والنص العثماني يشملها جميعًا، ولا تخالف في النسخ المتواتر
…
" (2).
ثم أخذ يذكر إعراب كل قراءة ويبين معناها وخلص إلى النتيجة التالية:
قال: "ورأينا أنّ كل قراءة متواترة قرآن، وأن القرآن لا يخالف بعضه بعضًا، بل قد يُتِمُّ بعضُه بعضًا، وليس لنا أن نراجح بين قراءة وقراءة، لأن كلتيهما تتمم الأخرى"(3).
وما ذكره حق فيما يتعلق بالقراءات المتواترة، فهي لا تتعارض أولًا، ولا ينبغي الترجيح بينها ثانيًا.
(1) أبو زهرة، 1/ 57.
(2)
أبو زهرة 14/ 60.
(3)
أبو زهرة، 1/ 60 - 61.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
أما القراءات التي ذكرها في (مالك) فإن قراءتين اثنتين منها متواترة وهي قراءة (مَلِكِ) و (مالكِ) وما عداهما شاذ، وقد عرض الدكتور فضل رحمه الله لهاتين القراءتين من حيث معناهما والفرق بينهما وعدم جواز الترجيح بينهما كما فعل الطبري وصاحب المنار (1).
وإذا كان الشيخ غالبًا لا يرد قراءة متواترة، كما ذكر عند قوله تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1]، قال:"والأرحام قُرئت بفتح الميم، ويكون المعنى: اتقوا الله والأرحامَ أن تقطعوها، ويصح أن يكون المعنى: اتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام، وتكون الواو واو المعية، وتتلاقى هذه مع قراءة الكسر، وقراءة الكسر قد تتعارض مع قواعد النحاة الذين قد يقولون: إن العطف أن لا يكون على ضمير موصول مجرور، لكن قراءات القرآن المتواترة فوق قواعد النحاة، وهي أصدق في الفصحى"(2).
أقول إذا كان الشيخ لا يرد قراءة متواترة، فهل يمكن أن يرجح قراءة على أخرى، دون ردّ للقراءة المرجوحة، وأقول: إن الشيخ لم يختر قراءة على أخرى، وإنما كان ينبِّه على أن كل قراءة هي من عند الله سبحانه وكلها حق، ولكننا وجدناه ينقل عن الطبري اختياره لقراءة دون أن يعلق على ذلك.
عند قوله تعالى: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} [الأنعام: 16]، قال: "وهناك قراءة أخرى بالبناء للفاعل (يَصْرِف)، ويكون المعنى على هذه القراءة من يصرف الله تعالى عنه العذاب العظيم في ذلك اليوم فقد رحمه، وعلى أي حال فالضمير في قوله تعالى:{فَقَدْ رَحِمَهُ} يعود على الله، ولهذا يختار ابن جرير الطبري
(1) انظر: كتاب القراءات القرآنية وما يتعلق بها، للدكتور فضل حسن عباس.
(2)
زهرة التفاسير، سورة النساء، ص 9.
[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ3/ 5]
قراءة البناء للفاعل، إذ يكون الصارف الدافع للعذاب هو الرحمة، فالنسق يكون واضحًا" (1).
وعند قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)} [الأنعام: 23] يذكر أن في النص الكريم قراءتان: إحداهما بضم التاء (فتنتُهم) من الفتنة الاختبار الشديد بهول ما رأوا، والقراءة الثانية بفتح التاء والياء في (تكن)، ويصير اسم (يكن) هو (أن قالوا)، ويقول إن الطبري (2) قد رجح هذه القراءة الثانية (3).
ومع أن الشيخ بنسب هذا الاختيار إلى الطبري، إلا أننا كنا نود منه أن يعلق على فعل الطبري رحمهما الله تعالى.
ومع عدم عناية الشيخ كثيرًا بالقراءات، إلا أننا نجده يوجه تلك القراءات التي ذكرها. من ذلك ما جاء عند قوله تعالى:{قَال اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} [المائدة: 115]"هناك قراءتان في (منزّلها): الأولى بتشديد الزاي، والثانية بتخفيفها، وعلى القراءة الأولى يكون المراد من تشديد النزول تكراره، كما تقول: تقتيل، المراد كثرة القتل والتكرار، والثانية تحمل على معنى الكثرة التي دلت عليها القراءة الأولى". ثم قال: "والتكثير في الحالين يفيد أنها نزلت عليهم من وقت لآخر، وفي تكرار نزولها تكرار لأسباب اطمئنانهم وشدة تصديقهم وإدخال السرور عليهم، وتأكيد معنى العيد لهم، وإرزاقهم رزقًا حسنًا لم يرزقه أحد من العالمين"(4).
(1) ص 16.
(2)
تفسير الطبري، 11/ 298.
(3)
زهرة التفاسير: ص 24.
(4)
ص 206.