الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقرآن يقول -مناقضًا هذا- إن الحياة الإنسانية بدأت في نور من الله كامل، وأنه تعالى حين خلق الإنسان الأول -آدم- أنزل إليه الحقيقة وأراه الصراط السوي، فاتبعت ذرية آدم طريقه ردحًا طويلًا، وكانوا جميعًا أمة واحدة، ثم شرعوا بعد ذلك في اتباع طرق أخرى، وابتداع أديان جديدة مع أن الحقيقة كانت قد بينت لهم تمامًا، إلا أنهم أرادوا أن يخولوا أنفسهم قدرًا أكبر من الحقوق والقدرات التي قررتها لهم الحقيقة، فأرسل سبحانه وتعالى رسله لمنع الضالين الباغين من سلوكهم هذا، ودعوتهم إلى دين الله الحقيقي وطريقه الأصلي
…
" (1).
وقوعه في الإسرائيليات:
مع أن الأستاذ أبا الأعلى ردّ الشبهات التي أثارها بنو إسرائيل، إلا أنه وقع في الإسرائيليات، وانزلق بإيراده نصوصًا من التوراة والإنجيل، مستشهدًا بها لا منكرًا، فحين فسر قوله تعالى:{وَقَال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالوتَ مَلِكًا} [البقرة: 247]، قال: "تقول التوراة: وكان رجل من بنيامين اسمه قيس، وكان له ابن اسمه شاول شاب وحسن، ولم يكن رجل في بني إسرائيل أحسن منه من كتفه فما فوق، كان أطول من كل الشعب، فضلت أتن قيس أبي شاول فقال قيس لشاول ابنه: خذ معك واحدًا من الغلمان وقم اذهب فتش عن الأتن، وفيما هما آتيان في وسط المدينة إذا بصموئيل خارج للقائهما
…
فلما رأى صموئيل شاول أجابه الرب هو ذا الرجل الذي كلمتك عنه، هذا يضبط شعبي،
…
فأخذ صموئيل شاول وغلامه وأدخلهما إلى المنسك وأعطاهما مكانًا في رأس المدعويين، وهم نحو ثلاثين رجلًا
…
فأخذ صموئيل قنينة الدهن وصب على رأسه
…
وقال أليس لأن الرب قد مسحك على ميراثه رئيسًا
…
فقال صموئيل لجميع الشعب: أرأيتم الذي اختاره الرب
…
[صموئيل الأول: 9 - 10].
(1) المرجع السابق، ص 142.
ثم عقب قائلًا: لقد مسح شاؤول على بني إسرائيل زعيمًا بأمر الله، مثل هارون وداود وعيسى عليهم السلام، لكن القرآن لم يذكر صراحة هل جعل شاؤول نبيًّا كذلك أم لا، لأن تنصيبه ملكًا بإذن الله لا يعني بالضرورة أنه قد جعل نبيًّا أيضًا" (1).
كما أنه استعان بما جاء في التوراة في تفسير قوله تعالى: {وَقَال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} [البقرة: 248]، قال: "مع أن ذكر التابوت في التوراة يختلف عن ذكره في القرآن اختلافًا يسيرًا، إلا أننا نستطيع أن نقف منه على كثير من التفاصيل. فقد كان بنو إسرائيل يقدسون التابوت أيّما تقديس، فهو (تابوت العهد)، وكانوا يؤمنون أن (بواسطته يدخل الله في وسطنا ويخلصنا من أعدائنا) من أجل هذا كانت لهم في عودته (سكينة).
وكان التابوت يحوي بقية من آثار آل موسى وهارون المقدسة، هي شظايا من الألواح التي أعطيت لموسى فوق جبل سيناء إلى جانب النسخة الأصلية من التوراة والتي دونت تحت إمرة موسى وإشرافه، وأُودِعت عند اللاويين (سبط لاوي)، كما كان يضم قارورة من المن كي تقدس الأجيال القادمة اللهَ وتحمده، وتثني عليه على ما أنعم به على أجدادهم حين كانوا في الصحراء، ويجوز أن كانت فيه عصا موسى عليه السلام التي كانت آية من الله كبرى.
{تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} وقد تكون هذه إشارة من القرآن إلى الحوادث المسطورة في الإصحاحات الرابع والخامس والسادس من سفر صموئيل الثاني، والتي تروي أن تابوت الرب قد استولى عليه الفلسطينيون في معركة لقي بنو إسرائيل فيها هزيمة نكراء، فحزنوا عليه كثيرًا وبكوا أن (قد زال المجد من إسرائيل لأن تابوت الله قد أُخِذَ)، وبقي التابوت في أرض فلسطين أشهرًا سبعة، لكن ذعرًا وهلعًا وفرقًا شديدًا
(1) المرجع السابق، 161.