الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- حكمة التشريع في تعداد الزوجات وتحديد النسل.
- رمضانيات.
- آداب زيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله.
- مع الرسول في حجة الوداع.
- الإسراء والمعراج من الكتاب والسنّة.
- سجود التلاوة.
- مع المرضى.
- العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنّة.
• "هداية المستفيد من كتابة التمهيد"(12 مجلد)، وهو إعادة لترتيب كتاب التمهيد لابن عبد البر على أبواب الفقه بدلًا من الأسانيد.
• "الرق في الإسلام"، كتيب بالمشاركة مع الشيخ الأمين.
• كتاب "الدماء في الإسلام".
وللشيخ عطية رسائل وأبحاث بعضها تحت الطبع وبعضها الآخر أوراق بحث في الندوات والمشاركات، وبالإضافة إلى الإشراف على العديد من الرسائل العلمية في الجامعة وعضو لجان المناقشة لبعضها الآخر، رحم الله الشيخ عطية، ونفعنا بعلمه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ثانيًا: ملاحظات على تفسير الشيخ عطية محمد سالم
إن القسم الثاني من تفسير الأضواء هو تفسير الشيخ الوفي عطية محمد سالم رحمه الله حيث أتم هذا التفسير ابتداءً من سورة الحشر حتى سورة الناس، في نحو مجلد ونصف من مجلدات الكتاب، وقد حاول الشيخ أن يسير على نهج شيخه -رحمهما الله- في التفسير للسور الباقية، فوافقه في كثير من الآراء وخالفه في بعضها، حيث كان يعتمد كثيرًا كلام شيخه في محاضراته وإملاءاته على تلاميذه، ويتأثر بها.
فمثلًا عند قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7]، يقول: "وللشيخ -رحمه الله تعالى- كلام مقنع على هذه المسألة (المشاركة في الأموال) في سورة الزخرف على قوله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 32]، نسوق نصه لأهميته، قال رحمه الله: مسألة
…
" (1).
وعند قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، يقول: "قال الشيخ -رحمه الله تعالى- في المقدمة: إن السنّة كلها مندرجة تحت هذه الآية الكريمة، أي أنها ملزمةٌ للمسلمين العملَ بالسنّة النبوية
…
" (2).
وعند قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة: 2]. يقول الشيخ عطية رحمه الله: "بيّن الشيخ -رحمةُ الله تعالى علينا وعليه- معنى الأميين في مذكرة الدراسة بقوله: الأميين: أي العرب. والأمي: هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، وكذلك كان كثير من العرب"(3).
وعند قوله: {إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [الجمعة: 6]، يقول:"قال الشيخ -رحمه الله تعالى علينا وعليه-: أي: إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم أولياء لله، وأبناء الله وأحباؤه دون غيركم من الناس، فتمنوا الموت؛ لأن وليَّ الله حقًّا يتمنى لقاءه، والإسراع إلى ما أعدّ له من النعيم المقيم"(4).
وقد تأثر أيضًا برأي شيخه -رحمهما الله- بالقول في تناوب حروف الجر في القرآن، فعند قوله تعالى:{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6)} [المرسلات: 6]، يقول: "و (أو) في قوله:
(1) انظر: أضواء البيان، 8/ 35 - 36.
(2)
المصدر السابق، 8/ 37.
(3)
المصدر السابق، 8/ 115.
(4)
المصدر السابق، 8/ 119.
{أَوْ نُذْرًا (6)} بمعنى الواو، أي: لأجل الإعذار والإنذار، ومجيء (أو) بمعنى الواو، كمجيء ذلك في قول عمرو بن معدي كرب:
قومٌ إذا سمعوا الصريخَ رأيتَهُم
…
ما بين مُلْجِيمٍ مُهْرَهُ أو سافِعِ
أي: وسافع" (1).
ومع ذلك نجد الشيخ رحمه الله يخالف شيخه رحمه الله في بعض القضايا:
فمثلًا في قضية (المشاقة) في سور الحشر {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحشر: 4] يخالف شيخه في بعض القضايا المنطقية مثل: تخلف الحكم عن العلة لسبب من الأسباب، مثل هذه الآية، فالعلة هي مشاقة الله ورسوله، وقد توجد في قوم يشاقون الله ورسوله مع تخلف حُكْمِها عنها، وهو التخريب، ويرى الشيخ عطية أن تخلف الحكم عن العلة في غير اليهود، وإنما هو لتخلفِ جزء منها، وأن العلة ومُرَكَّبَةٌ، أي: هي في اليهود مُشَاقَّةٌ وزيادة، تلك الزيادة لم توجد في غير اليهود، فوقع الفرق (2).
كما خالفه في (لا) في قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} [القيامة: 1] حيث ذكر توجيهات شيخه لهذه الـ (لا) حيث رجح شيخه أنها لام الابتداء، أشبعت فتحتها، ومثّل لهذا الرأي بأدلته، ثم رجَّح الشيخ عطية أنها لتوكيد القسم، وبذلك خالف شيخه في توجيهه لها (3).
ويخالف شيخه أيضًا في التوجيهات البلاغية، فقد رأينا أن الشيخ الإمام الشنقيطي قد أنكر المجاز في القرآن الكريم، وربما سمّاه بغير اسمه، كأن يقول: من أساليب العربية، إلا أننا نجد الشيخ عطية يأخذ بها ويذكرها في مواضعها، فمثلًا
(1) المصدر السابق، 8/ 400 - 401.
(2)
انظر: المصدر السابق، 8/ 23 - 24.
(3)
انظر: المصدر السابق، 8/ 369 - 372.
عند قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الحشر: 21]. يقول: "وأكثر ما في القرآن من أمثلة إنما هو من قبيل التشبيه التمثيلي وهي تشبيه صورة بصورة، وهو من أوضح أساليب البيان"(1). وعند قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)} [الجمعة: 5]. يقول: "والذي يظهر والله تعالى أعلم، أنه من قبيل التشبيه التمثيلي، لأن وجه الشبه مركب من مجموع كون المحمول كتبًا نافعة، والحاملِ حمارًا لا علاقة له بها"(2). وهو يوافق برأيه رأي الشيخ عبد القاهر الجرجاني -رحمهما الله-. وتحدث عن رأي البلاغيين في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء، ويذكر رأي السعد في التلخيص (3).
فالشيخ لا ينكر الاستعارة والمجاز، وقد سمعت له درسًا عبر (المذياع) من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن (ضالة الإبل) وما جاء من خبرها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه زيد بن خالد الجهني، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما يلتقطه، فقال:"عَرِّفها سنةً، ثم اعرف عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها"، قال: يا رسول الله! فضالّةُ الغنم؟ قال: "لك أو لأخيك أو للذئب"، قال: ضالَّةُ الإبل؟ فتمعَّر وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لَكَ ولها معها حذاؤها وسقاؤها، تَرِدُ الماء وتأكل الشجر"(4). فقال الشيخ رحمه الله عند قوله: "وحذاؤها" ذكرُ الحذاء وهو للإنسان من باب الاستعارة.
ويمكن أنْ تضاف بعض الميزات لمنهج الشيخ عطية عن منهج شيخه -رحمهما الله- بالإضافة لما سبق ذكره، ومن هذه الميزات:
(1) المصدر السابق، 8/ 66.
(2)
المصدر السابق، 8/ 118.
(3)
انظر: 8/ 189.
(4)
البخاري، الصحيح، كتاب اللقطة، باب ضالة الإبل، الحديث رقم 2427.