الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقفه من المبتدعة:
- روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم بسنده إلى عبيد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: اتقوا الرأي في دينكم. قال سحنون: يعني البدع. (1)
- وروى الهروي في ذم الكلام بسنده إلى سعيد بن المسيب قال: قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس فقال: أيها الناس ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنة أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا إذا سألهم الناس أن يقولوا لا ندري، فعاندوا السنن برأيهم، فضلوا وأضلوا كثيرا، والذي نفس عمر بيده ما قبض الله نبيه ولا رفع الوحي عنهم حتى أغناهم عن الرأي، ولو كان الدين يؤخذ بالرأي، لكان أسفل الخف أحق بالمسح من ظاهره، فإياك وإياهم ثم إياك وإياهم. (2)
- وعن ابن عمر، عن عمر أنه قال: يا أيها الناس اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيي اجتهادا، ووالله ما آلو عن الحق، وذلك يوم أبي جندل والكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل مكة فقال: اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم. فقالوا: إنا قد صدقناك كما تقول، ولكن تكتب: باسمك اللهم. قال: فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيت عليهم حتى قال: يا عمر تراني قد رضيت وتأبى؟ قال: فرضيت. (3)
- وعن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب
(1) جامع بيان العلم وفضله (2/ 1041 - 1042) وبنحوه ذكره الشاطبي في الاعتصام (1/ 134).
(2)
ذم الكلام (2/ 200 - طبعة الأنصاري) والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 454).
(3)
رواه الطبراني (1/ 72/82) واللالكائي في أصول الاعتقاد (1/ 141 - 142/ 208) والهروي في ذم الكلام (ص.86) والبيهقي في المدخل (1/ 198 - 199/ 217).
من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مد يديه إلى السماء فقال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني غير مضيع ولا مفرط. ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا، وضرب بإحدى يديه على الأخرى. ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها:(الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة) فإنا قد قرأناها.
قال مالك: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله. قال يحيى: سمعت مالكا يقول: قوله: (الشيخ والشيخة) يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة. (1)
- وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا
(1) الموطأ (2/ 824/10).
قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. (1)
- وعن زياد بن حدير قال: قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا، قال: يهدمه زلة العالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين. (2)
" التعليق:
لقد نطق الحق على لسان عمر، فما أضاع الإسلام عموما والعقيدة السلفية خصوصا إلا علماء سوء، الذين آثروا الدنيا على الآخرة، وجدال المنافقين الذين ربما أوتوا شيئا من علم القرآن والسنة، فحرفوا النصوص لتأييد بدعهم، حتى إنني رأيت لعالم معاصر (3) مؤلفا يستدل فيه لبناء القباب على القبور بدفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة، فقل لي بربك أليس هذا هو جدال المنافقين، تواترت النصوص بتحريم البناء على القبور، ويأتي منافق في آخر الزمان ويجمع من متشابه النصوص ما يدافع به عن الشرك ومظاهره؟!!
- وروى ابن عبد البر عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر: يا أيها الناس، إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا، لأن الله عز وجل يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف. (4)
(1) البخاري (12/ 165/6829) ومسلم (3/ 1317/1691) واللفظ له.
(2)
رواه ابن المبارك في الزهد (ص.520) والدارمي في السنن (1/ 71) وأبو نعيم في الحلية (4/ 196) وابن بطة في الإبانة (2/ 3/528/ 643) وابن عبد البر في الجامع (2/ 979).
(3)
هو أحمد بن الصديق الغماري في كتابه 'إحياء المقبور'.
(4)
جامع بيان العلم وفضله (2/ 1041).
" التعليق:
هكذا كان أمير المؤمنين يحذر من الرأي الباطل، المتكلف الخارج عن الكتاب والسنة، الذي منشؤه الآراء، وقائده الأهواء، وغايته الظنون، وصاحبه مغبون، وهو مسلك كل مفتون، نسأل الله العفو والعافية.
- وروى البخاري عن أنس بن مالك أنه سمع عمر الغد، حين بايع المسلمون أبا بكر، واستوى على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشهد قبل أبى بكر، فقال: أما بعد، فاختار الله لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا، ولما هدى الله به رسوله. (1)
" التعليق:
هذه الحكم من هذا الإمام تجعل طالب الحق يفرح بها، لأنها منشودته ومطلوبه، فمن لم يطلب الهدى فيما هدى الله به نبيه وصحابته الكرام، فلا هداه الله. وقد صدق الله إذ قال: إِنَّ {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]
- وعن عمرو بن الأشجع أن عمر بن الخطاب قال: إنه سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم
(1) البخاري (13/ 305/7269).
(2)
الإسراء الآية (9).
بكتاب الله. (1)
- وعن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن. فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل. فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه، وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل له ضربا حتى دمي رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين حسبك، قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي. (2)
- وعن السائب بن يزيد، قال: أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقيل: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلا سأل عن تأويل القرآن، فقال عمر: اللهم مكني منه، فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه عليه ثياب فتغدى حتى إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} (2)(3) فقال عمر: أنت هو؟ فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلادكم، ثم ليقم خطيبا ثم ليقل إن صبيغا طلب العلم فأخطأه فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك وكان سيدهم. قال أبو حاتم: ولم يقل
(1) سنن الدارمي (1/ 49) وذم الكلام (ص.68) وجامع بيان العلم وفضله (2/ 1010) وأصول الاعتقاد (1/ 139/202) والإبانة (2/ 4/610/ 790) والشريعة (1/ 175/99) والفقيه والمتفقه (1/ 559 - 560).
(2)
الدارمي (1/ 54) والإبانة (2/ 4/609 - 610/ 789) واللالكائي (4/ 702 - 703/ 1138) والآجري في الشريعة (1/ 210/160) وذم الكلام (ص.181). وبنحوه في ما جاء في البدع لابن وضاح (ص.121).
(3)
الذاريات الآيتان (1و2).
أبو حفص في حديثه ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلادكم. (1)
" التعليق:
قال ابن بطة: وعسى الضعيف القلب القليل العلم من الناس إذا سمع هذا الخبر وما فيه من صنيع عمر رضي الله عنه أن يتداخله من ذلك ما لا يعرف وجه المخرج عنه، فيكثر هذا من فعل الإمام الهادي العاقل رحمة الله عليه فيقول: كان جزاء من سأل عن معاني آيات من كتاب الله عز وجل أحب أن يعلم تأويلها أن يوجع ضربا وينفى ويهجر ويشهر؟ وليس الأمر كما يظن من لا علم عنده، ولكن الوجه فيه غير ما ذهب إليه الذاهب؛ وذلك أن الناس كانوا يهاجرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويفدون إلى خلفائه من بعد وفاته رحمة الله عليهم ليتفقهوا في دينهم ويزدادوا بصيرة في إيمانهم ويتعلموا علم الفرائض التي فرضها الله عليهم. فلما بلغ عمر رحمه الله قدوم هذا الرجل المدينة وعرف أنه سأل عن متشابه القرآن وعن غير ما يلزمه طلبه مما لا يضره جهله ولا يعود عليه نفعه وإنما كان الواجب عليه حين وفد على إمامه أن يشتغل بعلم الفرائض والواجبات والتفقه في الدين من الحلال والحرام. فلما بلغ عمر رحمه الله أن مسائله غير هذا علم من قبل أن يلقاه أنه رجل بطال القلب خالي الهمة عما افترضه الله عليه مصروف العناية إلى ما لا ينفعه، فلم يأمن عليه أن يشتغل بمتشابه القرآن والتنقير عما لا يهتدي عقله إلى فهمه فيزيغ قلبه فيهلك. فأراد عمر رحمه الله أن يكسره عن ذلك ويذله
(1) الإبانة (1/ 2/414 - 415/ 330) والشريعة (1/ 210/160). وعزاه الحافظ في الإصابة (5/ 169) إلى ابن الأنباري وصحح سنده. وزيادة: طلب العلم من الشريعة.
ويشغله عن المعاودة إلى مثل ذلك. (1)
- عن خالد بن عرفطة قال: كنت عند عمر بن الخطاب، إذ أتى برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس. فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم. قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم. فضربه بقناة معه، فقال له: ما ذنبي؟ قال فقرأ عليه الر {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (2) فقرأها عليه ثلاث مرات وضربه ثلاث ضربات، ثم قال له عمر: أنت الذي انتسخت كتاب دانيال؟ قال: نعم. قال: اذهب فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ولا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس. (3)
- وروى مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب المنكدر على صلاة بعد العصر. ورواه غيره: فقيل له: أعلى الصلاة؟ فقال: على خلاف السنة. (4)
- وجاء في كتاب البدع لابن وضاح: عن الشعبي أن عمر بن الخطاب كان يضرب الرجبيين الذين يصومون رجب كله. (5)
- وروى ابن أبي شيبة أيضا: عن أبي عثمان النهدي قال: كتب عامل
(1) الإبانة (1/ 2/415 - 416).
(2)
يوسف الآيات (1 - 3).
(3)
رواه ابن أبي حاتم في التفسير (7/ 2100/11324) وذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (17/ 41 - 42).
(4)
مالك في الموطأ 1/ 221/50) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 429/3464).
(5)
ما جاء في البدع (ص.93).
لعمر بن الخطاب إليه أن ههنا قوما يجتمعون فيدعون للمسلمين وللأمير. فكتب إليه عمر: أقبل وأقبل بهم معك. فأقبل. وقال عمر للبواب: أعد سوطا. فلما دخلوا على عمر أقبل على أميرهم ضربا بالسوط. فقال: يا أمير المؤمنين [إنا] لسنا أولئك الذين تعني، أولئك قوم يأتون من قبل المشرق. (1)
- وروى ابن بطة بسنده إلى الأوزاعي أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: أيها الناس إنه لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى ولا في هدى تركه حسبه ضلالة فقد بينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر. (2)
- وفي الإبانة أيضا عن طاوس قال: قال عمر بن الخطاب: لا تسألوا عن أمر لم يكن، فإن الأمر إذا كان أعان الله عليه وإذا تكلفتم ما لم تبلوا به وكلتم إليه. (3)
- وفي سنن الدارمي: جاء رجل يوما إلى ابن عمر فسأله عن شيء لا أدري ما هو، فقال له ابن عمر: لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن. (4)
- وروى ابن بطة بسنده إلى الحسين قال: قدم الأحنف بن قيس على عمر فسرح الوفد واحتبس الأحنف حولا ثم قال له: تدري لم حبستك؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا كل منافق عليم ولست منهم إن شاء الله فالحق بأهلك. (5)
- وفيهما عن ابن عمر قال: رأيت عمر قبل الحجر وقال: والله إني لأعلم
(1) ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 290/29191) ومن طريقه ابن وضاح في البدع (ص.54).
(2)
الإبانة (1/ 2/320 - 321/ 162) والفقيه والمتفقه (1/ 383).
(3)
الإبانة (1/ 2/408 - 409/ 317).
(4)
الدارمي (1/ 50).
(5)
الإبانة (2/ 3/527/ 640).
أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك. (1)
- عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول، فيم الرملان والكشف عن المناكب، وقد أطأ الله الإسلام، ونفى الكفر وأهله، مع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. (2)
- عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطاب يقول: الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا، حتى قال له الضحاك بن سفيان: كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فرجع عمر (3) -زاد الحميدي- عن قوله. (4)
- وروى الخطيب عن ابن المسيب قال: قضى عمر بن الخطاب في الأصابع بقضاء ثم أخبر بكتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لابن حزم: "في كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل" فأخذ به، وترك أمره الأول. (5)
(1) سيأتي تخريجه قريبا.
(2)
أبو داود (2/ 446 - 447/ 1887) وابن ماجة (2/ 984/2952).
(3)
أحمد (3/ 452) وأبو داود (3/ 339 - 340/ 2927) والترمذي (4/ 371/2110) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". ابن ماجه 2/ 833/2642) والنسائي في الكبرى (4/ 78 - 79/ 6363 - 6366).
(4)
الفقيه والمتفقه (1/ 364).
(5)
الفقيه والمتفقه (1/ 364 - 365) وعبد الرزاق في المصنف (9/ 385/17706) والبيهقي (8/ 93) بنحوه. أما حديث كتاب عمرو بن حزم فقد رواه النسائي (8/ 428 - 429/ 4868) وصححه ابن حبان (14/ 501/6559) والحاكم (1/ 395) وقال الحافظ في التلخيص (4/ 18): "قد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة لا من حيث الإسناد، بل من حيث الشهرة فقال الشافعي في رسالته: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد، لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة". وانظر تمام تخريجه في فتح البر (11/ 523).
- وروى عن هشام بن يحيى المخزومي: أن رجلا من ثقيف أتى عمر ابن الخطاب فسأله عن امرأة حاضت وقد كانت زارت البيت يوم النحر: ألها أن تنفر قبل أن تطهر؟ فقال عمر: لا، فقال له الثقفي: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتاني في مثل هذه المرأة بغير ما أفتيت، قال: فقام إليه عمر يضربه بالدرة، ويقول: لم تستفتني في شيء قد أفتى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1)
- وروى عن بلال بن يحيى: أن عمر، قال: قد علمت متى صلاح الناس، ومتى فسادهم: إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير، وإذا جاء الفقه من قبل الكبير تابعه الصغير فاهتديا. (2)
- جاء في ذم الكلام: قال عمر بن الخطاب: لأن أسمع في ناحية المسجد بنار تشتعل أحب إلي من أن أسمع فيه ببدعة ليس لها مغير. (3)
- وأخرج البخاري عن شقيق قال: سمعت حذيفة يقول: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر. فقال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا مغلقا. قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر. قال عمر: إذن لا يغلق أبدا. قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم،
(1) الفقيه والمتفقه (1/ 507).
(2)
الفقيه والمتفقه (2/ 158) وجامع بيان العلم وفضله (1/ 615) وذكره الشاطبي في الاعتصام (2/ 682).
(3)
ذم الكلام (ص.85).
كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أنى حدثته حديثا ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأله من الباب، فأمرنا مسروقا فسأله، فقال: من الباب؟ قال: عمر. (1)
- وفيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر ابن قيس بن حصن -وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا- فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس فاستأذن لعيينة، فلما دخل قال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى هم بأن يقع به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (2) وإن هذا من الجاهلين. فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله. (3)
- وفيه: عن أنس قال: كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف. (4)
(1) أحمد (5/ 401 - 402) والبخاري (13/ 60/7096) ومسلم (4/ 2218/144) والترمذي (4/ 454 - 455/ 2258) وقال: "هذا حديث صحيح". والنسائي في الكبرى (1/ 144 - 145/ 327) وابن ماجه (2/ 1305 - 1306/ 3955).
(2)
الأعراف الآية (199).
(3)
البخاري (13/ 311 - 312/ 7286).
(4)
البخاري (13/ 329/7293).
- وجاء في الفتح أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (1) ما الأب؟ فقال عمر: نهينا عن التعمق والتكلف. (2)
- قال الشاطبي: فحق ما حكي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: إنما هذا القرآن كلام، فضعوه مواضعه، ولا تتبعوا به أهواءكم، (3) أي: فضعوه على مواضع الكلام، ولا تخرجوه عن ذلك، فإنه خروج عن طريقه المستقيم إلى اتباع الهوى. (4)
- وروى ابن عبد البر بسنده إلى عمر قال: إنما أخاف عليكم رجلين: رجل تأول القرآن على غير تأويله، ورجل ينافس الملك على أخيه. (5)
- جاء في أعلام الموقعين: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: العلم ثلاثة: كتاب ناطق، وسنة ماضية، ولا أدري، وقال لأبي الشعثاء: لا تفتين إلا بكتاب ناطق، أو سنة ماضية. (6)
- وفيه قال عمر رضي الله عنه: لا تختلفوا، فإنكم إن اختلفتم كان من بعدكم أشد اختلافا. (7)
(1) عبس الآية (31).
(2)
الفتح (13/ 336).
(3)
رواه الدارمي نحوه (2/ 317) وعبد الله بن أحمد في السنة (ص.27) والبيهقي في الاعتقاد (ص.205 برقم 59 - 60) وفي الأسماء والصفات (1/ 591 - 592/ 521 - 523) والآجري في الشريعة (1/ 215/167).
(4)
الاعتصام (1/ 303 - 304).
(5)
جامع بيان العلم وفضله (2/ 1202) وذكره الشاطبي في الاعتصام (1/ 304).
(6)
إعلام الموقعين (1/ 253).
(7)
إعلام الموقعين (1/ 259).
- وفيه عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن حديثكم شر الحديث، إن كلامكم شر الكلام، فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل قال فلان وقال فلان، ويترك كتاب الله، من كان منكم قائما فليقم بكتاب الله، وإلا فليجلس. (1)
- وقال شيخ الإسلام: كتب عمر إلى شريح: اقض بما في كتاب الله، فإن لم تجد فبما في سنة رسول الله، فإن لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك. وفي رواية: فبما أجمع عليه الناس. (2)
- وقال: ورفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه نائحة، فأمر بضربها، فقيل: يا أمير المؤمنين إنه قد بدا شعرها. فقال: إنه لا حرمة لها، إنها تنهى عن الصبر، وقد أمر الله به، وتأمر بالجزع، وقد نهى الله عنه، وتفتن الحي، وتؤذي الميت، وتبيع عبرتها، وتبكي بشجو غيرها، إنها لا تبكي على ميتكم، إنما تبكي على أخذ دراهمكم. (3)
- وأخرج ابن وضاح عن عمر أنه كان يقول: أصدق القيل قيل الله، وإن أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شر الأمور محدثاتها، ألا وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. (4)
- وأخرج عن يحيى بن أبي كثير قال: قال عمر بن الخطاب: إذا اختلف الناس في أهوائهم وعجب كل ذي رأي برأيه أيها الناس عليكم
(1) إعلام الموقعين (2/ 194).
(2)
مجموع الفتاوى (19/ 200 - 201).
(3)
المنهاج (4/ 552).
(4)
ما جاء في البدع (ص.62) وجامع بيان العلم وفضله (1/ 615/1054).