الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقتادة وغيرهم. وقيل: كان واعظا قانتا لله، قد اتخذ لنفسه سربا يبكي فيه. مات بعد انقضاء أمر ابن الزبير. وأرخه ابن حبان سنة أربع وسبعين، وهي السنة التي قتل فيها ابن الزبير.
موقفه من المبتدعة:
جاء في الإبانة: عن محمد بن واسع، قال: رأيت صفوان بن محرز المازني، ورأى شبيبة يتجادلون قريبا منه في المسجد الجامع -قال حماد: وأشار بيده محمد بن واسع في ناحية بني سليم- قال: فرأيته قام ينفض ثيابه ويقول: إنما أنتم جرب، إنما أنتم جرب. (1)
موقف السلف من شبيب بن يزيد الخارجي (77 ه
ـ)
جاء في السير: وكان قد خرج صالح بن مسرح العابد التميمي بدارا، وله أصحاب يفقههم ويقص عليهم، ويذم عثمان وعليا كدأب الخوارج، ويقول: تأهبوا لجهاد الظلمة، ولا تجزعوا من القتل في الله، فالقتل أسهل من الموت، والموت لا بد منه. فأتاه كتاب شبيب يقول: إنك شيخ المسلمين، ولن نعدل بك أحدا، وقد استجبت لك، والآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين، فيا له غبنا، ويا له فضلا متروكا، جعلنا الله ممن يريد الله بعمله، ثم أقبل هو وأخوه مصاد والمحلل بن وائل، وإبراهيم
(1) الإبانة (2/ 3/513/ 595) والشريعة (1/ 193/134) وانظر الاعتصام (2/ 792).
ابن حجر، والفضل بن عامر الذهلي، إلى صالح، فصاروا مائة وعشرة أنفس، ثم شدوا على خيل لمحمد بن مروان، فأخذوها وقويت شوكتهم، فسار لحربهم عدي بن عدي بن عميرة الكندي، فالتقوا فانهزم عدي، وبعد مديدة توفي صالح من جراحات، سنة ست وسبعين، وعهد إلى شبيب فهزم العساكر، وعظم الخطب، وهجم على الكوفة وقتل جماعة أعيان. فندب الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي، فالتقوا فقتل زائدة، ودخلت غزالة جامع الكوفة، وصلت وردها وصعدت المنبر، ووفت نذرها، وهزم شبيب جيوش الحجاج مرات، وقتل عدة من الأشراف، وتزلزل له عبد الملك، وتحير الحجاج في أمره، وقال: أعياني هذا، وجمع له جيشا كثيفا نحو خمسين ألفا. وعرض شبيب جنده فكانوا ألفا، وقال: يا قوم، إن الله نصركم وأنتم مائة، فأنتم اليوم مئون. ثم ثبت معه ست مائة، فحمل في مائتين على الميسرة هزمها، ثم قتل مقدم العساكر عتاب بن ورقاء التميمي، فلما رآه شبيب صريعا توجع له، فقال خارجي له: يا أمير المؤمنين تتوجع لكافر؟ ثم نادى شبيب برفع السيف، ودعا إلى طاعته، فبايعوه ثم هربوا في الليل.
ثم جاء المدد من الشام، فالتقاه الحجاج بنفسه، فجرى مصاف لم يعهد مثله، وثبت الفريقان، وقتل مصاد أخو شبيب، وزوجته غزالة، ودخل الليل وتقهقر شبيب وهو يخفق رأسه، والطلب في أثره، ثم فتر الطلب عنهم، وساروا إلى الأهواز، فبرز متوليها محمد ابن موسى بن طلحة، فبارز شبيبا فقتله شبيب، ومضى إلى كرمان فأقام شهرين ورجع، فالتقاه سفيان بن أبرد الكلبي وحبيب الحكمي على جسر دجيل. فاقتتلوا حتى دخل الليل، فعبر شبيب على الجسر،
فقطع به، فغرق وقيل: بل نفر به فرسه، فألقاه في الماء سنة سبع وسبعين وعليه الحديد فقال:{ذلك تقدير العزيز العليم} (1) وألقاه دجيل إلى الساحل ميتا. (2)
جابر بن عبد الله (3)(78 هـ)
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الأنصاري السلمي من بني سلمة، يكنى أبا عبد الله على الأصح. كان من المكثرين الحفاظ للسنن، روى علما كثيرا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وعمر وعلي وأبي عبيدة ومعاذ بن جبل والزبير وطائفة. وحدث عنه جماعة منهم ابن المسيب وعطاء ابن أبي رباح والحسن البصري وغيرهم. كان مفتي المدينة في زمانه، وكان من أهل بيعة الرضوان، وكان آخر من شهد ليلة العقبة الثانية موتا. روى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:"غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، قال جابر: لم أشهد بدرا ولا أحدا، منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أحد، لم أتخلف عن رسول الله غزوة قط"(4). وفيه أيضا عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يصعد الثنية، ثنية المُرار، فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل،
(1) يس الآية (38).
(2)
السير (4/ 148 - 149) والبداية (9/ 18 - 22) وتاريخ الطبري (3/ 556 وما بعدها).
(3)
الإصابة (1/ 434 - 435) والاستيعاب (1/ 219 - 220) والسير (3/ 189 - 194) وتذكرة الحفاظ (1/ 43 - 44) وشذرات الذهب (1/ 84) وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 142/100) وأسد الغابة (1/ 492).
(4)
أحمد (3/ 329) ومسلم (3/ 1448/1813).