الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زائدا على لسانه ولا أرى لسانه زائدا على عقله. وقال أيضا: نعم الخصلة السخاء، تستر عورة الشريف، وتلحق خسيسة الوضيع، وتحبب المزهود فيه. وقال: ما شيء أبقى للملك من العفو، خير مناقب الملك العفو. وعلق الذهبي على هذه القولة بقوله: ينبغي أن يكون العفو من الملك عن القتل، إلا في الحدود، وأن لا يعفو عن وال ظالم، ولا عن قاض مرتش، بل يعجل بالعزل، ويعاقب المتهم بالسجن، فحلم الملوك محمود إذا ما اتقوا الله وعملوا بطاعته. توفي رحمه الله غازيا سنة اثنتين وثمانين.
موقفه من الخوارج:
قال ابن كثير في البداية والنهاية في معرض حديثه عن حوادث سنة ثمان وستين: وفيها كانت وقعة الأزارقة. وذلك أن مصعبا كان قد عزل عن ناحية فارس المهلب بن أبي صفرة، وكان قاهرا لهم وولاه الجزيرة، وكان المهلب قاهرا للأزارقة، وولى على فارس عمر بن عبد الله بن معمر، فثاروا عليه فقاتلهم عمر بن عبد الله فقهرهم وكسرهم، وكانوا مع أميرهم الزبير ابن الماجور، ففروا بين يديه إلى اصطخر فأتبعهم فقتل منهم مقتلة عظيمة، وقتلوا ابنه، ثم ظفر بهم مرة أخرى، ثم هربوا إلى بلاد أصبهان ونواحيها، فتقووا هنالك وكثر عَددهم وعُددهم، ثم أقبلوا يريدون البصرة، فمروا ببعض بلاد فارس وتركوا عمر بن عبد الله بن معمر وراء ظهورهم، فلما سمع مصعب بقدومهم ركب في الناس وجعل يلوم عمر بن عبد الله بتركه هؤلاء يجتازون ببلاده، وقد ركب عمر ابن عبد الله في آثارهم، فبلغ الخوارج أن مصعبا أمامهم وعمر بن عبد الله وراءهم، فعدلوا إلى المدائن فجعلوا يقتلون النساء
والولدان، ويبقرون بطون الحبالى، ويفعلون أفعالا لم يفعلها غيرهم، فقصدهم نائب الكوفة الحارث بن أبي ربيعة ومعه أهلها وجماعات من أشرافها، منهم ابن الأشتر وشبث بن ربعي، فلما وصلوا إلى جسر الصراة قطعه الخوارج بينه وبينهم، فأمر الأمير بإعادته، ففرت الخوارج هاربين بين يديه، فأتبعهم عبد الرحمن بن مخنف في ستة آلاف فمروا على الكوفة ثم صاروا إلى أرض أصبهان، فانصرف عنهم ولم يقاتلهم، ثم أقبلوا فحاصروا عتاب ابن ورقاء شهرا، بمدينة جيا، حتى ضيقوا على الناس فنزلوا إليهم فقاتلوهم فكشفوهم، وقتلوا أميرهم الزبير بن الماجور وغنموا ما في معسكرهم، وأمرت الخوارج عليهم قطرى بن الفجاءة ثم ساروا إلى بلاد الأهواز، فكتب مصعب بن الزبير إلى المهلب بن أبي صفرة -وهو على الموصل- أن يسير إلى قتال الخوارج، وكان أبصر الناس بقتالهم، وبعث مكانه إلى الموصل إبراهيم بن الأشتر فانصرف المهلب إلى الأهواز فقاتل فيها الخوارج ثمانية
أشهر قتالا لم يسمع بمثله. (1)
- وقال أيضا وهو يتحدث عن حوادث سنة اثنتين وسبعين: ففيها كانت وقعة عظيمة بين المهلب بن أبي صفرة وبين الأزارقة من الخوارج بمكان يقال له سولاق، مكثوا نحوا من ثمانية أشهر متواقفين. وجرت بينهم حروب يطول بسطها، وقد استقصاها ابن جرير، وقتل في أثناء ذلك من هذه المدة مصعب بن الزبير. ثم إن عبد الملك أقر المهلب بن أبي صفرة علىالأهواز وما معها، وشكر سعيه وأثنى عليه ثناء كثيرا، ثم تواقع الناس في دولة
(1) البداية والنهاية (8/ 296 - 297).
عبد الملك بالأهواز، فكسر الناس الخوارج كسرة فظيعة، وهربوا في البلاد لا يلوون على أحد، وأتبعهم خالد بن عبد الله أمير الناس وداود بن محندم فطردوهم، وأرسل عبد الملك إلى أخيه بشر بن مروان أن يمدهم بأربعة آلاف، فبعث إليه أربعة آلاف، عليهم عتاب بن ورقاء، فطردوا الخوارج كل مطرد، ولكن لقي الجيش جهدا عظيما وماتت خيولهم ولم يرجع أكثرهم إلا مشاة إلى أهليهم. (1)
- وقال عنه أيضا: ولي حرب الخوارج أول دولة الحجاج، وقتل منهم في يوم واحد أربعة آلاف وثمانمائة. (2)
محمد بن سعد بن أبي وقاص (3)(82 هـ)
الإمام الثقة أبو القاسم القرشي المدني. قيل: إنه كان يلقب ظل الشيطان لقصره. أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن أبيه سعد وعثمان بن عفان وأبي الدرداء وطائفة. حدث عنه ابناه: إبراهيم وإسماعيل، وأبو إسحاق السبيعي ويونس بن جبير، وإسماعيل بن أبي خالد وعبد الحميد ابن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب وجماعة. أمه ماوية ابنة قيس بن معدي كرب من كندة. قال ابن سعد: كان ثقة، وله أحاديث ليست بالكثيرة، وكان قد خرج مع
(1) البداية والنهاية (8/ 328 - 329).
(2)
البداية والنهاية (9/ 47).
(3)
الجرح والتعديل (7/ 261) والتاريخ الكبير (1/ 88) وطبقات ابن سعد (5/ 167و6/ 221) وتهذيب الكمال (25/ 258 - 260) وتهذيب التهذيب (9/ 183) والسير (4/ 348 - 349) وطبقات خليفة (243) وشذرات الذهب (1/ 91) الكامل لابن الأثير (4/ 472 - 482).