الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاختيارُ قبلَ بُلُوغِه، فإنَّه لا حُكْمَ لقَوْلِه، وليس لأِبيه الاخْتيارُ عنه؛ لأنَّ ذلك حَقٌّ يتَعَلَّقُ بالشَّهْوةِ، فلا يقومُ غيرُه مَقامَه فيه، فإذا بَلَغ الصبىُّ، كان له أن يَخْتارَ حِينَئذٍ، وعليه النَّفَقةُ إلى أن يَخْتارَ.
فصل:
فإن مات قبلَ أن يخْتارَ، لم يَقُمْ وارِثُه مَقامَه؛ لما ذكرْنا فى الحاكمِ، وعلى جَمِيعِهِنَ العِدَّةُ؛ لأنَّ الزَّوْجاتِ لم يَتَعَيَّنَّ منهنَّ، فمن كانت مِنْهُنَّ حامِلًا فعِدَّتُها بوَضْعِه، ومَنْ كانت آيِسَةً أو صغيرةً فعِدَّتُها أرْبَعةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ؛ لأنَّها أطْوَلُ العِدَّتَيْنِ فى حَقِّها، ومَن (10) كانت من ذواتِ القُرُوءِ، فعِدَّتُها أطْوَلُ الأجَلَيْنِ، من ثلاثةِ قُرُوءٍ أو أرْبعةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، لتَقْضِىَ العِدَّةِ بِيَقينٍ؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ منهنَّ يَحْتَمِلُ أن تكونَ مُخْتارةً أو مُفارَقة، وعِدّةُ المُخْتارةِ عِدَّةُ الوَفاةِ، وعِدَّةُ المُفارقةِ ثلاثةُ قروءٍ، فأوْجَبْنا أطْوَلَهما، لِتَقْضِىَ (11) العِدَّةَ بيَقِينٍ، كما قُلْنا فى مَن نَسِىَ صلاةً من يومٍ، لا يَعْلَمُ عَيْنَها: عليه خَمْسُ صَلَواتٍ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ، فأمَّا المِيراثُ، فإن اصْطَلَحْنَ عليه، فهو جائزٌ كيفما اصْطَلَحْنَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهنَّ، لا يَخْرُجُ عنهنَّ، وإن أَبَيْنَ الصُّلْحَ، فقياسُ المَذْهَبِ أن يُقْرَعَ بينهنَّ، فتكونَ الأرْبَعُ منهنَّ بالقُرْعةِ. وعند الشافعىِّ، يُوقَفُ المِيراثُ حتى يَصْطَلِحْنَ. وأصلُ هذا يُذْكَرُ فى [موضع آخَرَ](12)، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: وصِفَةُ الاخْتيارِ أن يقولَ: اخْتَرْتُ نِكاحَ هؤلاءِ، [أو اخْترتُ هؤلاء](13)، أو أمْسَكْتُهُنَّ، أو اخْتَرْتُ حَبْسَهُنَّ، أو إمْساكَهُنَّ، أو نِكاحَهُنَّ، أو أمْسَكْتُ نِكاحَهُنَّ، أو ثَبَّتُّ نِكاحَهُنَّ، أو أثْبَتُّهُنَّ. وإن قال لما زاد على الأرْبَعِ (14):
(10) فى م: "وإن".
(11)
فى أ، م:"لتنقضى".
(12)
فى أ، ب، م:"غير هذا الموضع".
(13)
سقط من: الأصل.
(14)
فى الأصل: "أربع".
فَسَخْتُ نِكاحَهُن. كان اخْتِيارًا للأرْبعِ. وإن طَلَّقَ إحْداهُنَّ، كان اختيارًا لها؛ لأنَّ الطَّلَاقَ لا يكونُ إلَّا فى زَوْجةٍ. وإن قال: قد (15) فارَقْتُ هؤلاء، أو اخْتَرْتُ فِراقَ هؤلاء. فإن لم يَنْوِ به (16) الطَّلاقَ، كان اخْتِيارًا لغيرِهِنَّ؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لِغَيْلانَ:"اخْتَرْ مِنْهُنَّ أرْبعًا، وفَارِقْ سَائِرَهُنَّ". وهذا يقتضِى أن يكونَ لَفْظُ (17) الفِرَاقِ صَرِيحًا فيه، [كما كان لفظُ الطَّلاقِ صَرِيحًا فيه](18)، وكذا فى حديثِ فَيْرُوز الدَّيْلَمِىِّ (19) قال: فعَمَدْتُ إلى أقْدَمِهِنَّ صُحْبةً، ففارَقْتُها. وهذا الموضعُ أخَصُّ [بهذا اللفظِ](20). فيَجِبُ أن يتَخَصَّصَ (21) فيه بالفَسْخِ. وإن نَوَى به الطَّلاقَ، كان اخْتيارًا لهنَّ دُونَ غيرِهِنَّ. وذكر القاضى فيه عند الإطْلاقِ وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّه يكونُ اختيارًا للمُفَارَقاتِ؛ لأنَّ لَفْظَ الفِرَاقِ صريحٌ فى الطَّلاقِ، والأوْلَى ما ذكرْناه. وإن وَطِىءَ إحْداهُنَّ، كان اختيارًا لها، فى قِياسِ المذهبِ؛ لأنَّه لا يجوزُ إلَّا فى مِلْكٍ، فيَدُلُّ على الاخْتيارِ، كوَطْءِ الجاريةِ المَبِيعةِ بشَرْطِ الخِيارِ، ووَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ أيضًا اختيارًا (22) لها. وإن آلَى من واحدةٍ منهنَّ، أو ظاهَرَ فها، لم يكُن اخْتِيارًا لها؛ لأنَّه يَصِحُّ فى غيرِ زَوْجةٍ، فى أحدِ الوَجْهينِ، وفى الآخَرِ، يكونُ اخْتِيارًا لها؛ لأنَّ حُكْمَه لا يَثْبُتُ فى غيرِ زَوْجةٍ.
(15) سقط من: الأصل.
(16)
سقط من: أ، ب، م.
(17)
سقط من: أ، ب.
(18)
سقط من: ب.
(19)
أخرجه أبو داود، فى: باب من أسلم وعنده أكثر من أربع أو أختان، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 519. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الرجل يسلم وعنده أختان، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى 5/ 63. وابن ماجه، فى: باب الرجل يسلم وعنده أختان، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 627. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 232. والبيهقى، فى: باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 184، 185.
(20)
فى الأصل: "بهذه اللفظة".
(21)
فى الأصل: "يخصص".
(22)
فى م: "اختيار".