الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو قال: مَنْ أخبرَتْنِى بقُدُومِ أخى، فهى طالقٌ. فقال القاضى: هو كالبِشَارَةِ، لا تَطْلُقُ إلَّا المُخْبِرَةُ الأُولَى الصَّادقةُ دونَ غيرِها؛ لأنَّ مُرَادَه خَبَرٌ يَحْصُلُ له به العلمُ بِقُدُومِه، ولا يَحْصُلُ ذلك بكَذِبٍ، ولا بغيرِ الأوَّلِ. ويَحْتَمِلُ أن تَطْلُقَ كلُّ مُخْبِرَةٍ، صادقةً كانتْ أو كاذبةً، أوَّلًا كانَ أو غيرَه؛ لأنَّ الخبرَ يَكونُ صِدْقًا وكَذِبًا، وأوَّلًا ومُكرَّرًا. وهو اختيارُ أبى الخطَّابِ. والأوّلُ قَوْلُ القاضى. ومذهبُ الشَّافعىِّ على نحوِ هذا التَّفصيلِ.
فصل:
وإن قالَ: أوَّلُ مَنْ تَقومُ مِنكُنَّ، فهى طالقٌ. أو قال لِعَبيدِه: أوَّلُ مَن قامَ مِنْكمْ، فهو حُرٌّ. فقامَ الكُلُّ دَفْعَةً واحدةً، لم يَقَعْ طلاقٌ ولا عِتْقٌ؛ لأنَّه لا أوّلَ فيهم. وإن قامَ واحدٌ أو واحدةٌ، ولم يَقُمْ بعدَه أحدٌ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ؛ أحدُهما، يَقَعُ الطَّلاقُ أو العِتْقُ (137)؛ لأنَّ الأوَّلَ ما لم يَسْبِقْه شىءٌ، وهذا كذلك. والثَّانى، لا يَقَعُ طلاقٌ ولا عِتْقٌ؛ لأنَّ الأوَّلَ ما كان بعدَه شىءٌ، ولم يُوجَدْ. فعلى هذا لا يُحْكَمُ بوُقوعِ ذلك ولا انْتفائِه، حتى يَتَبَيَّنَ من قيامِ أحدٍ منهم بعدَه، فَتَنْحَلَّ يَمِينُه، وإن قامَ اثنانِ، أو ثلاثةٌ، دَفْعَةً واحدةً، وقامَ بعدَهم (138) آخَرُ، وقَعَ الطَّلاقُ والعِتْقُ بالجماعةِ الَّذينَ قامُوا فى الأوَّلِ؛ لأنَّ الأوَّلَ يَقَعُ على الكثيرِ والقليلِ، قال اللَّهُ تعالى:{وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (139). وحُكِىَ عن القاضى فى مَن قال: أوّلُ مَنْ يَدخلُ مِن عَبيدِى، فهو حُرٌّ. فدخلَ اثنانِ دَفعَةً واحدةً، ثم دخلَ بعدَهما (140) ثالثٌ، لم يَعْتِقْ واحدٌ منهم. وهذا بعيدٌ؛ فإنَّهم قد دخلَ بعضُهم بعدَ بعضٍ، ولا أوّلَ فيهم، وهذا لا يَستقيمُ إلَّا أن يَكونَ قالَ: أوّلُ مَن يَدخلُ منكم وَحْدَه. ولم يَدخلْ بعدَ الثَّالثِ أحدٌ؛ فإنَّه لو دخلَ بعدَ الثالثِ أحدٌ، عَتَقَ الثَّالثُ، لكَوْنِه أوّلَ مَنْ دَخَلَ وحدَه، وإذا لم يَقُلْ وحدَه، فإنَّ لفظَةَ الأوَّلِ
(137) فى م: "والعتق".
(138)
فى الأصل: "بعده".
(139)
سورة البقرة 41.
(140)
فى الأصل، أ:"بعدهم".