الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسْلِمةً بعدَه، فقال: يا رسولَ اللَّه، إنَّها كانت أسْلَمَتْ معى. فرَدَّها عليه، ويُعْتَبَرُ تَلَفُّظُهما بالإِسْلامِ دَفْعةً واحدةً، لئَلَّا يَسْبِقَ أحَدُهُما صاحِبَه، فيَفْسُدَ النِّكاحُ. ويَحْتَمِلُ أن يَقِفَ على المَجْلِسِ، كالقَبْض ونحوِه، فإنَّ حُكْمَ المَجْلِس كلِّه حُكْمُ حالةِ العَقْدِ، ولأنَّه يَبْعُدُ (10) اتِّفاقُهما على النُّطْقِ بكَلِمةِ الإِسلامِ دَفْعةً واحدةً، فلو اعْتُبِرَ ذلك، لوقَعَتِ الفُرْقةُ بين كل مُسْلِمَيْنِ قبلَ الدُّخولِ، إلَّا فى الشَّاذِّ النَّادرِ، فيَبْطُلُ (11) الإِجْماعُ.
الفصل الرابع:
أنَّه إذا كان إِسلامُ أحدِهما بعدَ الدخولِ، ففيه عن أحمدَ رِوَايتان؛ إحداهما، يَقِفُ على انقضاءِ العِدَّةِ، فإن أسْلَمَ الآخَرُ قبلَ انْقِضائِها، فهما على النكاحِ، وإن لم يُسْلِمْ حتى انْقَضتِ العِدّةُ، وَقَعتِ الفُرْقةُ منذُ اخْتَلَفَ الدِّينانِ، فلا يَحْتاجُ إلى اسْتِئنافِ العِدَّةِ. وهذا قولُ الزُّهْرِىِّ، واللَّيثِ، والحسنِ بن صالحٍ، والأَوْزاعِىِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ. ونحوُه عن مُجاهدٍ، وعبدِ اللَّه (12) بن عمرَ، ومحمدِ ابن الحسنِ. والرواية الثانيةُ، تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ. وهو اخْتيارُ الخَلَّالِ وصاحِبِه، وقولُ الحسنِ، وطاوُسٍ، وعِكْرِمةَ، وقَتادةَ، والحكَمِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ بن عبد العزيزِ، ونَصَرَه ابنُ الْمُنْذِرِ. وقولُ أبى حنيفةَ ههُنا كقولِه فيما قبلَ الدُّخولِ، إلَّا أَنَّ المرأةَ إذا كانت فى دارِ الحربِ، فانْقَضتْ عِدَّتُها، وحَصَلَتِ الفُرْقةُ، لَزِمَها اسْتِئْنافُ العِدَّةِ. وقال مالكٌ: إن أسلمَ الرجلُ قبلَ امرأتِه، عَرَضَ عليها الإسلامَ، فإن أسْلَمتْ، وإلَّا وَقَعَتِ الفُرْقةُ، وإن كانتْ غائبةً تُعُجِّلَتِ (13) الفُرْقةُ، وإن أسلمتِ المرأةُ قبلَه وقَفَ (14)
(10) فى أ: "يتعذر".
(11)
فى ب: "فبطل".
(12)
فى الأصل: "وعبيد اللَّه".
(13)
فى الأصل: "وقعت".
(14)
فى أ، ب، م:"وقفت".
على انْقِضاءِ العِدَّةِ. واحْتَجَّ مَنْ قال بتَعْجِيلِ الفُرْقةِ بقَوْله سبحانه: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر} . ولأنَّ ما يُوجِبُ فَسْخَ النِّكاحِ لا يَخْتَلِفُ بما قبلَ الدخولِ وبعدَه، كالرَّضَاعِ. ولَنا، ما رَوَى مالكٌ، فى مُوَطَّإِهِ (15)، عن ابن شِهَابٍ قال: كان بين إسْلامِ صَفْوانَ بن أُميَّةَ وامرأتِه بنتِ الوليدِ بن المُغِيرةِ نحوٌ من شَهْرٍ، أسْلَمَتْ يوم الفَتْحِ، وبَقِىَ صَفْوانُ حتى شَهِدَ حُنَيْنًا والطائِفَ وهو كافرٌ، ثم أسْلَمَ، فلم يُفَرِّقِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بينهما، واسْتَقَرَّتْ عندَه امرأتُه بذلك النِّكاحِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وشُهْرةُ هذا الحديثِ أَقْوَى من إسْنادِه. وقال ابنُ شِهَابٍ: أسْلَمَتْ أُمُّ حكمٍ يوم الفَتْحِ، وهَرَبَ زَوْجُها عِكْرِمةُ حتى أَتَى اليَمَنَ، فارْتَحَلَتْ حتى قَدِمَتْ عليه اليمنَ، فدَعَتْه إلى الإِسلامِ، فأسْلَم، وقَدِمَ فبايعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فثَبَتَا على نكاحِهِما (16). وقال ابنُ شُبْرُمةَ: كان الناسُ على عهدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُسْلِمُ الرجلُ قبلَ المرأةِ، والمرأةُ قبلَ الرجلِ، فأيُّهُما أسْلَمَ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّةِ المرأةِ، فهى امرأتُه، وان أسلمَ بعدَ العِدَّةِ، فلا نِكاحَ بينهما (17). ولأنَّ أبا سُفيانَ خَرَجَ فأسلمَ عامَ الفَتْحِ قبلَ دُخولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مَكّةَ، ولم تُسْلِمْ هِنْدُ امرأتُه حتى فَتَحَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، فثَبَتَا على النِّكاحِ (18). وأسلم حَكِيمُ بن حِزَامٍ قبلَ امْرأتِه (19). وخَرَجَ أبو سفيانَ ابن الحارثِ وعبدُ اللَّه بن أبى (20) أُمَيَّةَ فلَقِيَا النبىَّ صلى الله عليه وسلم[عامَ الفَتْحِ](21) بالأَبْواءِ (22)، فأسْلَما قبلَ نِسائِهِما (23). ولم يُعْلَمْ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فرَّقَ بين أحدٍ ممَّن أسلمَ وبين امرأتِه،
(15) فى: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجه قبله، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 543، 544.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب من قال لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 186، 187.
(16)
أخرجه مالك، فى الباب السابق. الموطأ 2/ 545. والبيهقى، فى الباب السابق.
(17)
أخرج البيهقى نحوه عن ابن عباس، فى الباب السابق.
(18)
أخرجه البيهقى، فى الباب السابق.
(19)
انظر الإصابة 2/ 113.
(20)
سقط من: الأصل، ب، م.
(21)
سقط من: الأصل.
(22)
الأبواء: قرية من أعمال الفرع. من المدينة. معجم البلدان 1/ 100.
(23)
انظر: السيرة النبوية 4/ 400، 401.