الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الأيْمانِ، ولِمَا ذكرْناه فى ال
فصلِ
الأوَّلِ. والثَّانيةُ، لا تَطْلُقُ. وهو قولُ أبى عُبَيدٍ؛ لأنَّه إذا علَّقَ الطَّلاقَ بشَرْطٍ صار يَمِينًا وحَلِفًا، فصَحَّ الاسْتثناءُ فيه، لعُمومِ قولِه عليه السلام:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ". وفارَقَ ما إذا لم يُعَلِّقْه، فإنَّه ليس بيَمِينٍ، فلا يَدخُلُ فى العمومِ.
فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ إلَّا أَنْ يشاءَ اللَّهُ. طَلُقَتْ، ووافَقَ أصحابُ الشَّافعىِّ على هذا فى الصَّحِيحِ من المذهبِ؛ لأنَّه أوْقعَ الطَّلاقَ. وعَلَّقَ رَفْعَه بمشيئةٍ لم تُعْلَمْ. وإن قال: أنتِ طالقٌ إن لم يَشَأِ اللَّهُ. أو: ما (109) لم يَشَأِ اللَّهُ. وقَعَ أيضًا فى الحالِ؛ لأنَّ وُقوعَ طلاقِها إذا لم يَشَأِ اللَّهُ مُحالٌ، فَلَغَتْ هذه الصِّفةُ، ووقَعَ الطَّلاقُ. ويَحْتمِلُ أن لا يَقَعَ، بناءً على تَعْليقِ الطَّلاقِ على المُحَالِ، مثل قولِه: أنتِ طالقٌ إن جَمَعْتِ بين الضِّدَّينِ. أو: شَرِبْتِ الماءَ الذى فى الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. وإن قال: أنتِ طالقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إن شاءَ اللَّهُ. لم تَطْلُقْ، دخلَتْ أو لم تَدْخُلْ؛ لأنَّها إن دخلَتْ، [فقد فعَلتِ المحْلوفَ عليه، وإن لم تدخُلْ](110)، عَلِمْنا أَنَّ اللَّه لم يَشَأْه؛ لأنَّه لو شَاءَه لوُجِدَ، فإنَّ ما شاءَ اللَّهُ كانَ. وكذلك إنْ قال: أنتِ طالقٌ لا تَدْخُلِى الدَّارَ إنْ شاءَ اللَّهُ. لما ذكَرْنا. وإن أرادَ بالاسْتثناءِ والشَّرْطِ رَدَّهُ إلى الطَّلاقِ دُونَ الدُّخولِ، خُرِّجَ فيه من الخلافِ ما ذكَرْنا فى المُنْجَزِ. وإن لم تُعْلَمْ نِيَّتُه، فالظَّاهرُ رُجوعُه إلى الدُّخولِ، ويَحْتمِلُ أن يَرجِعَ إلى الطَّلاقِ.
فصل: فإن علَّقَ الطَّلاقَ على مُسْتحيلٍ (111)، فقال: أنتِ طالقٌ إن قَتَلْتِ المَيِّتَ. أو شَرِبْتِ الماءَ الذى فى الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. أو: جَمَعْتِ بينَ الضِّدَّينِ. أو: كانَ الواحدُ أكثرَ مِنِ اثنينِ. أو على ما يَستحيلُ عادةً، كقولِه: إن طِرْتِ. أو: صَعَدْتِ
(109) سقط من: ب، م.
(110)
سقط من: ب، م.
(111)
فى حاشية الأصل زيادة: "عقلا".
إلى (112) السَّماءِ. أو: قَلَبْتِ الحجرَ ذَهَبًا. أو: شَرِبْتِ هذا النَّهرَ كلَّه. أو: حَمَلْتِ الجَبَلَ. أو: شاءَ المَيِّتُ. ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يَقَعُ الطَّلاقُ فى الحالِ؛ لأنَّه أرْدفَ الطَّلاقَ بما يَرْفعُ جُمْلتَه، ويَمْنعُ وُقوعَه فى الحالِ وفى الثَّانى، فلم يَصِحَّ، كاسْتثناءِ الكلِّ، وكما (113) لو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً لا تَقَعُ عليكِ. أو: لا تَنْقُصُ عَدَدَ طلاقِك. والثَّانى، لا يَقَعُ؛ لأنَّه علَّقَ الطَّلاقَ بصِفَةٍ لم تُوجَدْ، ولأنَّ ما يُقْصَدُ تَبْعيدُه يُعَلَّقُ على المُحَالِ، كقولِه (114):
إذا شابَ الغرابُ أتَيْتُ أهلى
…
وصارَ القَارُ كاللَّبَنِ الحليبِ
أى لا آتِيهم أبدًا. وقيلَ: إنْ عَلَّقَه على ما يَسْتحيلُ عقلًا، وقع فى الحالِ؛ لأنَّه لا وُجودَ له، فلم تُعَلَّقْ به الصِّفةُ، وبَقِىَ مُجرَّدُ الطَّلاقِ، فوقَعَ. وإن عَلَّقَه على مُسْتحيلٍ عادةً، كالطَّيرانِ، وصُعودِ السَّماءِ، لم يَقَعْ؛ لأنَّ (115) له وُجودًا (116)، وقد وُجِدَ جنسُ ذلك فى (117) مُعْجِزاتِ الأنْبياءِ عليهم السلام، وكراماتِ الأوْلياءِ، فجازَ تعْليقُ الطَّلاقِ به، ولم يَقَعْ قبلَ وُجودِه. فأمَّا إن عَلَّقَ طلاقَها على نَفْى فِعْلِ المُسْتحيلِ، فقال: أنتِ طالقٌ إن لم تَقتُلِى المَيِّتَ. أو: تَصْعَدِى السَّماءَ. طَلُقَتْ فى الحالِ؛ لأنَّه عَلَّقَه على عَدَمِ ذلك، وعدَمُهُ معلومٌ فى الحالِ وفى الثانى، فوقعَ الطَّلاقُ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ إن لم أبِعْ عبدى. فمات العبدُ. وكذلك لو قال: [أنتِ طالقٌ](118) لأشْرَبَنَّ الماءَ الذى فى الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. أو: لأقتُلَنَّ المَيِّتَ. وقعَ الطَّلاقُ فى الحالِ، لما ذكَرْناه. وحَكَى أبو
(112) سقط من: الأصل، أ، ب.
(113)
سقطت الواو من: أ، ب، م.
(114)
البيت فى: حلية الأولياء 7/ 289، ونقله عنه الدميرى، فى: حياة الحيوان الكبرى 2/ 110. ولم ينسباه.
(115)
فى م: "لأنه".
(116)
فى م: "وجود".
(117)
سقط من: ب، م.
(118)
سقط من: الأصل.